وبذلك ترى أن هذه الآيات الكريمة قد ذمت المنافقين لجبنهم ، وسوء نيتهم ، وتخلفهم عن كل خير... ومدحت الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ، الذين نهضوا بتكاليف العقيدة ، وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم من أجل إعلاء كلمته - سبحانه. البغوى: "أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم". ابن كثير: لما ذكر تعالى ذنب المنافقين وبين ثناءه على المؤمنين وما لهم في آخرتهم فقال " لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا " إلى آخر الآيتين من بيان حالهم ومآلهم وقال " وأولئك لهم الخيرات " أي في الدار الآخرة في جنات الفردوس والدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الانهار. القرطبى: والجنات: البساتين. وقد تقدم. الطبرى: القول في تأويل قوله: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أعد الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وللذين آمنوا معه (9) = (جنات), وهي البساتين، (10) تجري من تحت أشجارها الأنهار = (خالدين فيها) ، يقول: لابثين فيها, لا يموتون فيها, ولا يظعنون عنها (11) = (ذلك الفوز العظيم) ، يقول: ذلك النجاء العظيم، والحظّ الجزيل.
والله أعلم. ملمح آخر من الوصف بالأولين بعد الوصف بالسابقين ودلالته على أنهم أصابوا أول الجنة وأعلاها ، فلما كانوا سابقين وكانوا من الأولين كانت جناتهم وانهارهم أول الأنهار وأول الجنات على أن هذا الوصف يصدق على الفردوس الأعلى من الجنة ، نسأل الله ان يرزقنا اياها وأن أنهارهم هي أصل نبع أنهار الجنة التي تفيض على من تحتهم. فكل موضع من الجنة خلا الفردوس الأعلى يصدق عليه الوصف بأن الأنهار تجري من تحته كما جاء الأثر الصحيح ومنه تفجر أنهار الجنة بذلك. وقفة لغوية وبلاغية مع آية قرآنية (31) | جريدة الرؤية العمانية. أصابوا أعلى الجنة بسبقهم للإسلام والفردوس أول الجنة فسقفها عرش الرحمن ومنازل الجنة الأخرى تحت الفردوس الأعلى وانهار الفردوس هي أوائل الأنهار فالسابق في الورد على الماء ليس كمن جاء بعده. والله أعلم.
تفسير القرآن الكريم