وحتى الحنابلة الذين يجيزون المسح على العمامة، جعلوا من شروطها أن تكون على صفة عمائم المسلمين، بأن تكون محنكة؛ فهي التي يشق نزعها( [5])، والباروكة ليست كذلك. وأما مسح المرأة على خمارها فالخلاف فيها أضعف من الخلاف في المسح على عمائم الرجال؛ لعدم ورود نص فيها بالجواز. ولولا ما وجد في بعض المواقع من جواز المسح على الباروكة لما نُصِب الخلاف في المسألة. اختلف المعاصرون في حكم المسح في الوضوء على الشعر المستعار على اتجاهين: الاتجاه الأول: جواز المسح. واستدلوا بما يلي: أولا: قياس المسح على الباروكة على المسح على العمامة للرجل، ويشهد لهذا: ما رواه المغيرة بن شعبة ؓ (أن النبي ﷺ توضأ، فمسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى الخفين). حكم مسح الرأس عند الوضوء :. [البخاري (182) ومسلم (274)]. وفي لفظ عند مسلم أيضا: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعمامته). وما رواه بلال ؓ (أن رسول الله ﷺ مسح على الخفين والخمار). [مسلم (275)]. ونوقش: بأن النبي ﷺ مسح على ناصيته وأتم المسح على العمامة، ولم يمسح على العمامة فقط، جمعا بين النصين. وبأن الباروكة ليست عمامة ولا هي في معناها، والنص إنما ورد في العمامة. ثم إن النبي ﷺ إنما مسح على العمامة لمشقة نزعها، فهي رخصة لمن احتاجها، ولا مشقة في نزع الباروكة.
وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن قتادة، سمعت أبا المَلِيح الهُذَلي يحدث عن أبيه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت، فسمعته يقول: «إن الله لا يقبل صلاة من غير طهور، ولا صدقة من غُلُول». وكذا رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث شعبة.
ثم إن العمامة مأذون في اتخاذها، بخلاف الباروكة، فجماهير أهل العلم على حرمة لبسها، والرخص لا تناط بالمعاصي. ثانيا: قياس المسح على الباروكة على المسح على الخمار في حق المرأة. الاتجاه الثاني: عدم جواز المسح على الباروكة في الوضوء. ووجهه: أن الله تعالى أوجب مسح الرأس بقوله: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) [المائدة: 6]، والباروكة تمنع وصول الماء إلى شعر الرأس، فلم يجز المسح عليها. يبقى النظر فيما لو لبس المسلم شعرا مستعارا وكان مما يشق نزعه، بحيث لا ينزع إلا عند مختص، وفي فترات متباعدة، فكيف يصنع في غسله ووضوئه؟ ولم نقف في حدود ما اطلعنا عليه على من أفتى فيها بشيء من المعاصرين، وهي مسألة محتملة. ([1]) فتوى رقم (9166)،. ([2]) بدائع الصنائع (1/9). ([3]) حاشية الدسوقي (1/113). ([4]) المجموع شرح المهذب (1/438). ([5]) المغني (1/185)، الفروع (1/163)، الإنصاف (1/186). المراجع 1. فقه القضايا المعاصرة في العبادات، عبد الله بن بكر أبو زيد، ص (218ـ233). 2. موقع الإسلام سؤال وجواب، فتوى(148129)، 3. إسلام ويب - مجموع فتاوى ابن تيمية - الفقه - الطهارة - باب الوضوء- الجزء رقم13. موقع إسلام ويب، فتوى (113700)، 4. موقــع الشيخ ابن جبـرين، رقــم(17595)،
اهـ. وعلى هذا؛ فينبغي الحرص عليه وعدم الإخلال به، لكن ليست عليك إعادة الصلاة فيما سبق بسبب عدم الترتيب في الوضوء، مراعاة لقول من لا يرى وجوبه. ولأن بعض من قال بوجوبه يرى سقوطه بالجهل، وفق ما بينا في الفتوى: 350482. والله أعلم.