وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا - YouTube
﴿ تفسير الوسيط ﴾ ( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ) أى: بسبب صبرهم ( جَنَّةً) عظيمة.. و ( وَحَرِيراً) جميلا يلبسونه. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ وقوله: ( وجزاهم بما صبروا) أي: بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم ( جنة وحريرا) أي: منزلا رحبا ، وعيشا رغدا ولباسا حسنا. وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة هشام بن سليمان الداراني ، قال: قرئ على أبي سليمان الداراني سورة: ( هل أتى على الإنسان) فلما بلغ القارئ إلى قوله: ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) قال بما صبروا على ترك الشهوات في الدنيا ، ثم أنشد:كم قتيل بشهوة وأسير أف من مشتهي خلاف الجميلشهوات الإنسان تورثه الذل وتلقيه في البلاء الطويل ﴿ تفسير القرطبي ﴾ قوله تعالى: وجزاهم بما صبروا على الفقر. وقال القرظي: على الصوم. وقال عطاء: على الجوع ثلاثة أيام وهي أيام النذر. تفسير سورة الإنسان الآية 12 تفسير ابن كثير - القران للجميع. وقيل: بصبرهم على طاعة الله ، وصبرهم على معصية الله ومحارمه. و ( ما): مصدرية ، وهذا على أن الآية نزلت في جميع الأبرار ومن فعل فعلا حسنا. وروى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الصبر فقال: " الصبر أربعة: أولها الصبر عند الصدمة الأولى ، والصبر على أداء الفرائض ، والصبر على اجتناب محارم الله ، والصبر على المصائب ".
﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴿١٢﴾ ﴾ [الإنسان آية:١٢] (وجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً {12}) في الآية السابقة قال تعالى (ولقّاهم) وفي هذه الآية قال (وجزاهم) لأن اللقاء يكون قبل الجزاء أي قبل أن يدخلوا الجنة وبعد اللقاء أدخلهم الجنة فصار الجزاء. (اللقاء أولاً ثم يأتي الجزاء بعده) جزاهم الله تعالى بعد اللقاء جنة وحريرا وقال تعالى (بما صبروا) و(ما) هنا تحتمل معنيين: إما أن تكون ما مصدرية بمعنى جزاهم بصبرهم وتحتمل أن تكون إسم موصول والعائد كحذوف بمعنى جزاهم بالذي صبروا عليه، من الطاعات والإيثار، وحذف العائد ليشمل المعنيين ولو ذكر العائد لتخصص بمعنى واحد وهذا من باب التوسع في المعنى، إذن جزاهم للصبر ولما صبروا عليه. وجمع أمرين وهما الجنة والحرير والجنّة كما في اللغة هي البستان وفي الآخرة هي إسم لدار السعادة وفيها جنتان كما قلنا في لقاء سابق عن قوله تعالى في سورة الرحمن (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (راجع لمسات بيانية في آي القرآن الكريم) وقلنا أنه قد يكون للمتقي أكثؤ من جنّة ولهذا يجمع القرآن جنة على جنات كما ورد في الآيات (جنات عدن) و(جنات الفردوس) وهذه الجنات كلها في الجنة.
قال سبحانه: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً [الإنسان:12]، الصبر: هو حبس النفس على طاعة الله، أو حبس النفس عن معصية الله، أو حبس النفس على أقدار الله المؤلمة، فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: أن تصبر على الطاعة. الثاني: أو تصبر عن المعصية. الثالث: أو تصبر على قدر الله. والأقدار إما أن تكون مؤلمة، وإما أن تكون ملائمة، وفي الصبر على القدر المؤلم الخير الكثير، (إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه -أي: بعينيه- فصبر عوضته الجنة)، هذا الجزاء لأنه صبر على قضاء ربه سبحانه. وبعد غزوة حنين أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم بين أصحابه، ومن الناس من إذا أعطيته رضي، وإن لم يعط يسخط، ويطعن فيك، ويقول: هذا عمل لا يراد به وجه الله عز وجل، فإن أعطيته فأنت نعم الرجل، وإن لم تعطه فأنت بئس الرجل.. وهكذا. فأعطى النبي عليه الصلاة والسلام الأقرع بن حابس مائة من الإبل، والأقرع بن حابس كان حديث عهد بكفر، وأعطى من أعطى ومنع من منع؛ لحكمة ولعلة؛ فقال رجل: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله! فوصل ذلك إلى سيد البشر عليه الصلاة والسلام، فأمسك بالرجل وقال له: (ويلك! إن لم أعدل فمن يعدل، رحم الله أخي موسى! تفسير قوله تعالى: وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا. لقد أوذي بأكثر من ذلك فصبر)، وفي ذلك يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [الأحزاب:69]، فلابد أن تصبر على الطاعة، وتصبر عن المعصية، وتصبر على أقدار الله المؤلمة.
شكرا لدعمكم تم تأسيس موقع سورة قرآن كبادرة متواضعة بهدف خدمة الكتاب العزيز و السنة المطهرة و الاهتمام بطلاب العلم و تيسير العلوم الشرعية على منهاج الكتاب و السنة, وإننا سعيدون بدعمكم لنا و نقدّر حرصكم على استمرارنا و نسأل الله تعالى أن يتقبل منا و يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
قال: تلك رحمة يجعلها الله في قلب من شاء من عباده).
وهكذا تصبر على مجتمعك، فربما إذا كنت ملتزماً يسخر منك الكثير، ويعرضون بك في الكاريكاتيرات، ويعرضون بك في الأفلام والمسلسلات، ويسخرون من الذين آمنوا، ويقولون: أتعرف صاحب اللحية هذا؟ إنه يأخذ بدلاً مادياً بطول اللحية، ثلاثة آلاف جنيه شهرياً للحية، وخمسة آلاف جنيه لتقصير الثياب، وألف جنيه للسواك. فهؤلاء يا عبد الله لا يتورعون في أن يتمضمضوا بأعراض الموحدين ليل نهار، وكلما نزلت إلى الصلاة سخروا منك، قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ [المطففين:29-31]. يقول ربنا: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً [الإنسان:12]. والذي علمنا الصبر في مجال الطاعات والبعد عن المعاصي، والصبر على أقدار الله المؤلمة هو سيد البشر عليه الصلاة والسلام، أرسلت إليه ابنته تقول له: (يا أبت! إن ابني يحتضر الآن، فأريد أن تأتي، فأرسل إليها مع الرسول يقول لها: مرها أن تصبر وأن تحتسب، فحلفت أن يأتي، فجاءها وأخذ الولد على صدره وروحه تقعقع، فسكب الدموع حزناً عليه، فقال له أحد الصحابة: ما هذا يا رسول الله؟!