- الشيخ: الله أكبر الله أكبر، من حكمة الله هذا التفصيل في توجيه المؤمنات إلى ما به الصيانة والحِشمة والبعد عن دواعي الفتنة، كان من عادة النساء قديماً وحديثاً أن تلبس المرأة على رجلها ما يسمى في اللغة "خِلخال" يكون من الفضة وقد يكون من الذهب وهو من شكل صفيحة يكون عريضاً فلو ضربت برجلها لاصطكَّ بالأخرى فكان له طنين فيظهر. سبحان الله هذا تنزيل من رب العالمين يأمر المؤمنات: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ أما لو ضربت برجلها وحصل شيء من غير قصد فلا، لكن عليها أن تحترس، وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ هذا يدل على أن هذا الحلي أو هذه الزينة ظاهرة؟ لا! ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما. قد أمر الله بسترها؛ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ تأكيداً لإخفاء الزينة أمر بالاحتراس من ضرب الرِّجل على الأرض أو ضربها بالأخرى حتى لا يظهر صوت الزينة لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ الله أكبر، سبحان الله سبحان الله. - القارئ: وفي هذا الوجه ثلاث دلالات: الأولى: يَحرُم على نساء المؤمنين ضرب أرجلهن ليعلم كما عليهن من زينة. الثانية: يجب على نساء المؤمنين ستر أرجلهن وما عليهن من الزينة، فلا يجوز لهنَّ كشفها.
وفي هذا الوجه ثلاث دلالات الأولى: يحرم على نساء المؤمنين ضرب أرجلهن ليعلم ما عليهن من زينة الثانية: يجب على نساء المؤمنين ستر أرجلهن وما عليهن من الزينة، فلا يجوز لهن كشفها. الثالثة: حرَّم الله على نساء المؤمنين كل ما يدعو إلى الفتنة وإنه من باب الأولى والأقوى يحرم سفور المرأة وكشفها عن وجهها أمام الأجانب عنها من الرجال؛ لأن كشفه أشد داعية لإثارة الفتنة وتحريكها، فهو أحق بالستر والتغطية وعدم إبدائه أمام الأجانب، ولا يستريب في هذا عاقل . فانظر كيف انتظمت هذه الآية حجب النساء عن الرجال الأجانب من أعلى الرأس إلى القدمين، وإعمال سد الذرائع الموصلة إلى تعمد كشف شيء من بدنها أو زينتها خشية الافتتان بها، فسبحان من شرع فأحكم . ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن - ووردز.
وماا جاء في تفسير " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ"، أي: ليلقين بمقانعهن. ( على جيوبهن) وصدورهن ليسترن بذلك شعورهن وصدورهن وأعناقهن وأقراطهن. وقال ابن عاشور في تفسيره: والخمار: ثوب تضعه المرأة على رأسها لستر شعرها وجيدها وأذنيها ، وكان النساء ربما يسدلن الخمار إلى ظهورهن كما تفعل نساء الأنباط فيبقى العنق والنحر والأذنان غير مستورة فلذلك أمرن بقوله تعالى: وليضربن بخمرهن على جيوبهن والضرب: تمكين الوضع. والباء في قوله ( بخمرهن) لتأكيد اللصوق مبالغة في إحكام وضع الخمار على الجيب زيادة على المبالغة المستفادة من فعل ( يضربن). وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ – وَمِـيْـضٌ. والجيوب: جمع جيب بفتح الجيم وهو طوق القميص مما يلي الرقبة. والمعنى: وليضعن خمرهن على جيوب الأقمصة بحيث لا يبقى بين منتهى الخمار ومبدأ الجيب ما يظهر منه الجيد. سبب نزول هذه الآية ما ذكره مقاتل بن حيان قال: بلغنا - والله أعلم - أن جابر بن عبد الله الأنصاري حدث: أن " أسماء بنت مرشدة " كانت في محل لها في بني حارثة ، فجعل النساء يدخلن عليها غير متأزرات فيبدو ما في أرجلهن من الخلاخل ، وتبدو صدورهن وذوائبهن ، فقالت أسماء: ما أقبح هذا. فأنزل الله: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن".
و﴿زينتهن﴾ مفعول به، و﴿إلا﴾ أداة حصر، و﴿ما﴾ اسم موصول بدل من زينتهن، وجملة ﴿ظهر منها﴾ صلة ﴿ما﴾ لا محل لها من الإعراب. ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن﴾: الواو عاطفة، و﴿ليضربن﴾ اللام لام الأمر، ويضربن: فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل جزم بلام الأمر، ونون النسوة فاعل، وجملة ﴿ليضربن﴾ معطوفة على جملة ﴿يغضضن﴾ إذا كان الفعل ﴿يغضضن﴾ مجزوما بلام أمر مقدَّرة أو كان واقعا موقع الأمر بمعنى اغضضْن، ومعطوفة على مقول القول المقدر ﴿اغضضْن﴾ إذا كان الفعل ﴿يغضضن﴾ جوابا للأمر ﴿قُل﴾. و﴿بخمرهن﴾ جار ومجرور متعلقان بـ﴿يضربن﴾، و﴿على جيوبهن﴾ جار ومجرور متعلقان بـ﴿يضربن﴾. ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن﴾: الواو عاطفة، و﴿لا يبدين﴾ إعرابها مثل إعراب ﴿لا يبدين﴾ السابقة في هذه الآية، و﴿زينتهن﴾ مفعول به، و﴿إلا﴾ أداة حصر، و﴿لبعولتهن﴾ جار ومجرور متعلقان بـ﴿يبدين﴾. من هم التابعين غير أولي الإربة من الرجال. ﴿أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن﴾: معطوفات على ﴿بعولتهن﴾. ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء﴾: ﴿أو التابعين﴾ عطف على ﴿بعولتهن﴾ أيضًا، و﴿غير﴾ صفة للتابعين، و﴿أولي﴾ مضاف إليه، و﴿الإربة﴾ مضاف إليه، و﴿من الرجال﴾ جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، و﴿أو الطفل﴾ عطف أيضًا، وهو بمعنى الأطفال، فـ﴿أل﴾ جنسية، و﴿الذين﴾ صفة، وجملة ﴿لم يظهروا﴾ صلة الذين لا محل لها من الإعراب، و﴿على عورات النساء﴾ الجار والمجرور متعلقان بـ﴿يظهروا﴾، والنساء مضاف إليه.
تفسير الآية ابن كثير: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}: أي عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}: قال سعيد بن جبير: عن الفواحش؛ وقال قتادة: عما لا يحل لهن؛ وقال مقاتل: عن الزنا ؛ وقال أبو العالية: كل آية نزلت في القرآن يذكر فيها حفظ الفروج فهو من الزنا، إلا هذه الآية: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} أن لا يراها أحد، وقوله تعالى: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}: أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه، وقال ابن عباس: وجهها وكفيها والخاتم، وهذا يحتمل أن يكون تفسيراً للزينة التي نهين عن إبدائها، كما قال عبد الله بن مسعود: الزينة زينتان، فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب، وهي الظاهر من الثياب.