كان أول ما يبرز من ملامح السيدة خديجة رضي الله عنها الشخصية صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حراما ولا حلالا.. في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.. في بيئة جاهلية ويكفي ما تحويه هذه الصفة وما تعبر عنه... وفي ذات هذه البيئة ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف ولقبت بـ"الطاهرة"، كما لقب صلى الله عليه وسلم أيضا في ذات البيئة بـ"الصادق الأمين" ولو كان لهذه الألقاب سمع أو انتشار في هذا المجتمع آنذاك لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تذكر. خديجة.. الحكيمة العاقلة.. وتلك هي السمة الثانية أو الملمح الآخر الذي تميز به شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة رضي اله عنها وصفتها بـ "الحزم والعقل"، كيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت به صلى الله عليه وسلم في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة. ص1888 - كتاب صحيح مسلم ت عبد الباقي - باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها - المكتبة الشاملة. ثم كان ما جاء في أبلغ صور الحكمة وذلك حينما فكرت في الزواج منه صلى الله عليه وسلم، بل وحينما عرضت الزواج عليه في صورة تحفظ ماء الوجه؛ حيث أرسلت السيدة نفيسة بنت منية دسيسا عليه بعد أن رجع من الشام، ليظهر وكأنه هو الذي أرادها وطلب منها أن يتزوجها.
فقد روى ابن حجر العسقلاني عن البزار والطبراني بإسناد حسن من حديث عمار بن ياسر يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: «لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين»[1].
وأعظم ما قامت به تجاه رسول الله ﷺ زوجها الأمين، وتجاه دعوته إلى الله تعالى، وتجاه بيتها وذريتها الطاهرة.! لقد أدت واجبها بما جبلت عليه من خلقٍ حتى أصبحت مثلًا يحتذى، ومصباحًا ينير لكلّ من أراد أن يسلك الطريق الواضح المعالم في الحياة. مدفع صوت: أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد خير نساء الجنة | صوت الأمة. وليتبيّن للمرأة المسلمة المعاصرة حجم العطاء المنتظر منها تجاه دينها، ووطنها، وأسرتها، وخاصة في زمننا هذا الذي نواجه -نحن كمسلمين- فيه تحدّيات كبيرة، ومشكلات جمة تحاول صرف المرأة المسلمة عن القيام بدورها العظيم الذي رسمه لها ديننا الحنيف، وشريعتنا الغراء. أوّل تضحية: لما سمعت السيدة خديجة رضي الله عنها عن أخلاق النبي ﷺ، وما اشتهر به من الصدق، والأمانة، وما سمعت من غلامها "ميسرة" في سفره للتجارة إلى الشام، وهي امرأة تاجرة ذات مال، وجمال، وجاه تحتاج إلى رجل مثله ﷺ لتأتمنه على نفسها، ومالها. واشتهرت رضي الله تعالى عنها بالأخلاق الحسنة، والعادات الجميلة، قال السهيلي رحمه الله تعالى: وخديجة بنت خويلد تسمى "الطاهرة في الجاهلية والإسلام"، وفي سير التيمي: أنها كانت تسمّى "سيدة نساء قريش". وقال الزبير رحمه الله تعالى: كانت خديجة تدعى في الجاهلية "الطاهرة". كانت السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما كانت عليه من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسبًا، وأعظمهم شرفًا، وأكثرهم مالًا، وأكثر قومها كان حريصًا على نكاحها والزواج منها لو قدر على ذلك وقد طلبوها وبذلوا لها الأموال، لشرفها وجمالها ومالها رضي الله تعالى عنها، وانصرفت رضي الله تعالى عنها بعد موت زوجها الثاني عن الزواج، ورفضت أن تتزوّج أحدًا ممن تقدّم لخطبتها، لتتشرّف بعد ذلك بالزواج من النبي ﷺ.
[١٦] قوة الإيمان فقد حبست مع المسلمين في شعب أبي طالب ثلاث سنين، وأصابهم الجهد حتى كانوا يأكلون الخبط، وورق الشجر. [١٧] كمال الأخلاق لم يُؤثر عنها أنها أغضبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً؛ لكمال أخلاقها، وعظيم تقواها، وكان -عليه الصلاة والسلام- وفياً لذكراها، يُثني عليها دوماً، ويكرم صديقاتها، ولما فتحت مكة ضرب -عليه الصلاة والسلام- خيمة بالحجون بجوار قبر خديجة -رضي الله عنها-. المراجع ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:3815، صحيح. ↑ ابن حجر الهيتمي، أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل ، صفحة 63. ↑ أبو القاسم السهيلي، الروض الأنف في شرح السيرة ، صفحة 244. بتصرّف. ↑ عبد الملك بن هشام، السيرة النبوية ، صفحة 172. بتصرّف. ↑ محمد يوسف الصالحي، سبل الهدى والرشاد ، صفحة 164. بتصرّف. ↑ محمد يوسف الصالحي، سبل الهدى الرشاد ، صفحة 158. بتصرّف. ↑ محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين ، صفحة 200. قصة //أم المؤمنين "خديجة بنت خويلد"رضي الله عنها// بالدارجة المغربية. - YouTube. ↑ محمد بن ابي بكر الرازي، مختار الصحاح ، صفحة 259. بتصرّف. ↑ ابن الأثير، أسد الغابة ، صفحة 80. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، صحيح.
الهوامش: [1] فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر: ج7، ص101؛ تحفة الأحوذي للمباركفوري: ج10، ص265؛ تفسير التبيان للشيخ الطوسي: ج2، ص456. [2] ذخائر العقبى للطبري: ص129؛ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج2، ص181، ح598؛ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج13، ص208؛ مسند زيد بن علي: ص461. [3] دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي: ج1، ص37؛ عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق: ج1، ص36، ح56. [4] لمزيد من الاطلاع ، ينظر: فاطمة عليها السلام في نهج البلاغة ، السيد نبيل الحسني: ج5 ص165-166 ، طبع مطبعة الكفيل ، أصدار العتبة الحسينية المقدسة 2016م
خديجة بنت خويلد أولى زوجات النبيِّ محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأمُّ أولاده ، وهي خديجة بنت خويلد بن أسْد القرشيَّة، وأمُّها فاطمة بنت زائدة العامرية، كنيتها أمُّ القاسم، وكانت تُلقَّب في الجاهليَّة بالطَّاهرة. وهي أول من آمنت به، ولقبت أمُّ المؤمنين. ولدت السيدة خديجة – في مكة ثمانٍ وستينَ قبل الهجرة، أي قبل رسول الله بخمسة عشر سنة وهي من أشراف قريشٍ وأكابرهم. وكانت ثرية للغاية، وهي تاجرة ترسل كلَّ عامٍ الرِّجال في تجارتها إلى بلاد الشَّام، فلما بلغها من صدق حديث محمد وعِظَم أمانته عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى بلاد الشَّام فخرج في تجارتها إلى سوق بصرى بحوران ليتَّجر لها، وربح في تجارته ولما ابصرت امانته عرت عليه الزواج. فضل السيدة خديجة عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا – وَمِنِّي -، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ ولا نَصَبَ.