وفي إحدى حلقات برنامج "العالم المثير للأطفال الرضع" علي قناة B. B. C، عرضت بالتجربة ميول الأطفال الرضع إلى الخير وحب الإيثار، وقدرتهم على التمييز بين الصواب والخطأ في سن صغيرة ولاحظوا من خلال تجربة أخرى براعتهم على التمييز في الشهر السابع من الولادة. حديث إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. ولذا كانت من حكمة الرسول "صلى الله عليه وسلم" سابقة العهد حين لخص هدف رسالته السماوية بحديثه "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وكان أعلاها حب الإيثار، وهو القائل: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم". وتتجلى ثوابت الإسلام في حرمة القتال في الأشهر الحرم من كل عام، حتى يتيح للنفس البشرية فرصة التخلص من نوازع الشر، ومن أسمى فضائله كذلك اختصاصه بشهر رمضان، وقالوا كان الرسول أجود ما يكون في رمضان، وأصبح العوام من الناس في زمننا هذا يطلقون عليه رمضان كريم. أما الآثار النفسية الإيجابية التي يجنيها الإنسان من فعل الخير فلا تعد ولا تحصى حسب تجارب العلماء، وأولها شعور فاعل الخير بالرضا والتفكير بصورة سليمة، وهو ناتج عن إفراز هرمون الأندورفين، والفائدة الثانية تمكنه من العيش عمرا أطول عن الرافضين للعطاء، وحدد العلماء نسبتها بنحو خمسة سنوات.
فالأخلاق الحسنة علامة على كمال الإيمان. إنَّ نيل السّعادة والعيش في أكنافها، لا يُدرك بالمنصِب ولا بالجاه ولا يُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ولا بِجمال المظهَر ورقيق اللّباس، لا يُنال إلا بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق، عملٌ صالح وقول حسَن، ﴿ ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ [الحج: 77-78]. عباد الله: إن الأخلاق العظيمة سبب في محبة الله للعبد، وإذا أحبك الله وفقك وسددك وأعانك، قال صلى الله عليه وسلم: ((أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا)) رواه الحاكم والطبراني وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق تخريج الحديث. إن أخطر شيء على أخلاق الناس هو هذه الدنيا بمَتاعها ومُغرياتها، بزخارفها وشهواتها مِن النساء والبنين... ، إنَّ الغلوَّ في حب الدنيا هو رأس كل خطيئة، والتنافس عليها أساس كل بلية! من أجل متاع الدنيا يَبيع الأخ أخاه، ويَقتُل الابن أباه، ومِن أجلها يخون الناسُ الأمانات ويَنكثون العهود، ومن أجلها يَجحد الناس الحقوق ويَنسَوْن الواجبات... إلخ! وإنَّما الأُممُ الأخلاق ما بقيَتْ ••• فإنْ هُمُ ذهبَتْ أخلاقُهم ذهَبُوا اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
من جهته، تناول الشيخ الدكتور حسين كفازوفيتش رئيس العلماء والمفتي العام للبوسنة والهرسك، تاريخ المدارس الإسلامية في بلاده قائلا إنه يمتد إلى قرون، "فأول ما اهتم به الإسلام عندما دخل إلى البوسنة والهرسك، كان نشر المدارس الإسلامية والمناهج التعليمية والتربوية، التي بلا شك يحتاج تطويرها إلى سنوات ولا يحدث بالقفزات بل بالاستمرارية". وأشار الدكتور كفازوفيتش إلى وجود عدد كبير من المدارس والكليات والجامعات الإسلامية في البوسنة والهرسك، موضحا أنها لعبت دورا مهما في حماية المسلمين عقيدة وشريعة، "فالمسلمون هناك يطبقون الشريعة في بيوتهم، وهذا إن دل على شيء يدل على أنهم ما زلوا متمسكين بالدين والقيم والأخلاق الإسلامية، فالمناهج التعليمية في البوسنة تقوم على هذه الأسس، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)، ويعتبر مسلمو البوسنة الإسلام دينا وثقافة، ومكونا رئيسيا في هويتهم القومية". من جانبه، شدد الشيخ الدكتور عثمان الخميس الداعية الإسلامي والموجه الأول بوزارة الأوقاف في دولة الكويت، على ضرورة الاهتمام بالعلم الشرعي وغير الشرعي بالطريقة التي سار بها السلف الصالح مع الاستفادة من التقنيات الحديثة، باعتباره ليس من باب التجديد المرفوض الذي يصل الى العقيدة، داعيا الى الاهتمام بعلم الشريعة وغيره من العلوم حتى ترتقي الامة الإسلامية.