وفي الحديث "إني أُريتُ ليلةَ القدرِ. وإني نسيتها (أو أُنسيتها) فالتمسوها في العشر الأواخر من كل وترٍ" متفق عليه، وعن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" رواه البخاري. الأسوة تأتي بمعنى - موسوعة. ومن بركات هذه الليلة الجليلة: 1– بركة نزول القرآن: نزول القرآن العظيم فيها جملة إلى السماء الدنيا، ثم نزوله مفرقا على النبي صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين سنة أو ابتدىء فيها إنزاله على التفسير الآخر. وهذه أعظم بركات هذه الليلة المباركة.
وهو ما يبدو أن شيئا من عنصرية لدى المفسرين المحدثين أو توجه سياسي نصي ما، يدفعهم للصمت عنه رغبة في إخفائه. سورة بالقران لم يذكر فيها حرف الميم – عروبـة. آيات سورة الأعراف بعد أن تتحدث عن معجزات النبي "موسى" التي أبداها للملك المصري وملأ بلاطه تقول على لسانهم: "قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم"، ولعل هذا القول يتضمن نفاقا لقداسة الملك، فقد كان المصريون القدماء يعتقدون – كما هو معروف – أن ملوكهم يستمدون قداستهم من نسب إلهي، وهي عادة جرت عليها سائر شعوب الحضارات القديمة تقريبا. لكننا لا نسمع رغم ذلك ردا من الملك المصري يمكننا أن نعتبره ركوبا لموجة تملق الملأ لألوهيته، بل إن رد الملك على العكس ينفي احتمال تملقه نفيا قاطعا، إذ يقول لهم في سورة الاعراف أن "موسى": "يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون"؟. عند هذا الحد لا يملك قاريء القرآن الكريم نفسه من دهشة الإعجاب بهذا الملك الذي يسأل ملأه – وهم رعيته – هذا السؤال المدهش: ماذا تأمرون؟. والسؤال يرد شرعية أمره إلى رعيته في وضوح جدير بمعنى الشورى الحقيقي، بل وجدير بمعنى الشرعية الديموقراطية كما نعرفها اليوم، سابقا بآلاف السنين على هذا المبدأ الذي عرفته أنظمة الحكم والقضاء في القرن الثامن عشر بعد الثورة الفرنسية: "باسم الشعب".
كما قال الله عز وجل في الآية رقم 21 من سورة الأحزاب: " لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ". قال الله أيضًا في الآية رقم 6 من سورة الممتحنة: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ". الشورى المصرية أرقى أشكال الشورى في القرآن - تنوير 22. الفرق بين القدوة والأسوة على الرغم من أن الأسوة تأتي بمعنى القدوة، إلا أنه هناك فرق واختلاف ما بين كلمة الأسوة والقدوة، فكلتا الكلمتين مترادفتان ولكن كل كلمة تحمل عدة دلالات مختلفة عن الكلمة الأخرى. كلمة الأسوة كلمة أعم وأشمل من كلمة القدوة حيث تشمل الأسوة الاقتداء بالفعل الحسن الصالح أو الفعل السيء، أي أنه يُمكن استخدامها للتعبير عن القدوة الحسنة أو القدوة السيئة. لهذا السبب عندما قام الله تعالى بذكر كلمة أسوة في القرآن الكريم، جعلها مقترنة بكلمة حسنة لتكون دليلاً على القدوة الحسنة فقط، ودليل على ذلك الآية رقم 21 من سورة الأحزاب: أما كلمة قدوة، فهي تشمل التصرفات والأفعال الحسنة الحميدة فقط، أي أنه يُمكن استخدامها للتعبير عن الأفعال المحمودة الصالحة فقط، ودليل على ذلك ما ورد في الآية رقم 90 من سورة الأنعام حيث قال الله تعالى: " أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ ".
– وهكذا استمر برنامجه اليومي بهذا العزم وبهمة عالية لا تضاهيها أي همة، إلى أن تخرج من الثانوية العامة وقد تحصل على علوم غزيرة جعلته من المتفوقين على أقرانه في كل مجالات دراساته العلمية. – وعند ذهابه للتسجيل في جامعة محافظة صعدة اختار تخصص القرآن الكريم والعلوم الإسلامية. بحث عن سورة إبراهيم doc. – الصماد بذكائه الحاد وسرعة نباهته وقدراته الدراسية وبتفوقه على زملائه في كل مراحل دراساته يختار القرآن في تخصصه!!! – تعجب منه زملاؤه وأساتذته ومعلموه لتخصصه بل استغربوا من اختياره لمادة (القرآن الكريم) على بقية التخصصات الفيزيائية والعلمية الأخرى والتي تليق وتتوافق مع قدراته العلمية. – ولكن الصماد الصغير بجسمه والكبير بما يحمله من علم ومعرفة وبصيرة من أمره، يعرف ما يجهله زملاؤه وأساتذته عن عظمة القرآن وما يحتويه القرآن من علوم شاملة وغير محددة ولم يوافق لهم على ذلك. – فبدأ دراسته الجامعية في تخصصه الذي اطمأن بدراسته متوكلا على الله متيقنًا بحتمية النتائج كيف ستكون.
وفي الآيات السابقة بيان أن القرآن أنزله الله تعالى لمقصد عظيم وهو أن يكون (رحمة من ربك) و(هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، ولولا هذا القرآن وتلك الكتب المنزلة لما كان الناس في رحمة وهدى، وانظر كيف وصفه منزله تبارك وتعالى بأنه هدى وبينات من الهدى والفرقان، فهو ليس هدى فقط بل هو بيِّن في هداه وتفريقه بين الحق والباطل، "والتقدير كأنه قيل: هذا هدى، وهذا بين من الهدى، وهذا بينات من الهدى، ولا شك أن هذا غاية المبالغات" كما قال الرازي. وهذه الآية قريبة من قوله تعالى أو لعلها نفسها (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (هود:1). ولهذا وصف الله تعالى ليلة نزول القرآن بأنها ذات قدر أي شأن عظيم ومباركة؛ "فإن نزول القرآن سبب للمنافع الدينية والدنيوية، أو لما فيها من نزول الملائكة والرحمة وإجابة الدعوة وقَسْما لنعمة وفصلا للأقضية" (تفسير البيضاوي). وهذا تعليم للمسلمين أن يعظموا أيام فضلهم الديني وأيام نعم الله عليهم، وهو مماثل لما شرع الله لموسى من تفضيل بعض أيام السنين التي توافق أياما حصلت فيها نعم عظمى منَّ الله على موسى قال تعالى: (وذكرهم بأيام الله)، فينبغي أن تعد ليلة القدر عيد نزول القرآن (تفسير ابن عاشور).
2. بركة مضاعفة أجر العمل: جاء القرآن صريحا قاطعا بأن (ليلة القدر خير من ألف شهر)، فالعمل الصالح أبرك وأعظم ما يكون في ليلة القدر، وألف شهر تساوي حوالي 83 سنة و3 أشهر، وإذا كانت الليلة فيها حوالي تسع ساعات كما الحال في رمضاننا هذا حسب توقيت مكة المكرمة، فتكون الساعة الواحدة مساوية لحوالي 9 سنوات، والدقيقة الواحدة تعدل حوالي 1. 5 شهر. وقد بينت السنة ثمرة هذه البركة في مضاعفة الأجور، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه" متفق عليه. 3. بركة تقدير المقادير: وصف القرآن ليلة القدر بأنه (يفرق فيها كل أمر حكيم أمرا من عندنا. إنا كنا مرسلين رحمة من ربك)، وقال سبحانه أيضا (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) أي بكل أمر مما قدره الله تعالى لبني آدم في عامهم القابل، أي خطة السنة بكاملها. وقدَر الله سبحانه وتعالى أربع مراتب: – المرتبة الأولى: علم الله السابق بجميع الأشياء إجمالاً وتفصيلاً. –المرتبة الثانية: كتابة كل ما هو كائن في صحف عنده فوق عرشه. –المرتبة الثالثة: توزيع ما هو كائن على الزمن، وهذه المرتبة ينزلها الله في ليلة القدر، ينزل فيها ما هو كائن في السنة التي هي فيها، ففيها يفرق أي يفصل كل أمر حكيم أي أمر قد أحكمه الله تعالى من تدبيره لعباده من الأرزاق والإماتة والإحياء والمطر وما يقع في السنة من الأعمال كلها ينزل ذلك في ليلة القدر وهي خطة السنة بكاملها.