وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ [طه:112]، ما هي الصالحات؟ فتيات أم ماذا؟ الصالحات: جمع صالحة وهي القولة أو الفعلة التي إذا قلتها وفعلتها أنتجت لك في نفسك الزكاة والطهر. والصالحات: جمع صالحة، إنها والله لعبادات الله التي تعبدنا بها، أنزل بها كتابه وبعث بها رسوله صلى الله عليه وسلم فهي كل عبادة تعبد الله بها من إزالة الأذى عن الطريق.. طريق المؤمنين إلى الصلاة.. إلى الجهاد.. إلى الرباط إلى صلة الأرحام إلى البر إلى الإحسان. كل عبادة تعبدنا الله بها تلك العبادة هي التي تزكي النفس وتطهرها هي الصالحات. قال: وَهُوَ مُؤْمِنٌ [طه:112]، والحال أنه مؤمن. الأمس الصليبيون يبنون ماذا؟ يبنون الكنائس ويوزعون اللحوم والأطعمة وكذا ولن ينتفعون بذلك. ومن لطيف ما سمعت البارحة: سألني أحد الطلبة من يوغسلافيا سألني: بعض النصارى يبنون لنا المساجد؟ قلت له: نعمة كبيرة هذه. عظيمة هذه، رغبوا فيما عند الله لا شك أنهم فهموا، عرفوا أن المساجد طيبة وأهلها لا يكونون فجاراً ولا ظلمة ولا.. ولا لصوصا، فقالوا: نبني لهم المساجد؛ ليعبدوا الله، فقلت: صلوا فيها ونعم المساجد. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة طه - الآية 111. إذاً: من يعمل من الصالحات وهو كافر والله لا ينتفع بشيء منها يوم القيامة أبداً ولا تحسب له؛ لأن الأصل هو الإيمان أولاً، فإن آمن فالعمل بعد ذلك ينتج له زكاة الروح وطهارتها، وفي القرآن الكريم يقول الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.
الخلق في حالة إفاقة بعد الموت ، هم يُدروكون جيدا معنى أن يكون الله سبحانه وحده الحي وقت موتهم وزوالهم ، فهم لا يستطيعون مجرد التحكم في مسار أعينهم أو وجوههم.. سيدروكون جيدا الفرق بين من يدير الكون ولا يعجزه شيء في السموات والأرض، وبين ما هم عليه من ضعف وعجز وخوف.. فهل نعي ما يتطلبه هذا الموقف من سجود حقيقي لآيات الله سبحانه ، ونرفقها بالعمل الصالح.. من منا يستطيع ذلك ؟
طه - الآية 111۞ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ۖ) وقفت مع جلال هذه الآية الكريمة طويلا أتأملها ، ملخصة ولكنها وافية!! مشهد لا يغيب عن بال كل من يرجو اليوم الآخر ، يعمل ما وسعه إلى ذلك سبيلا.. يسعى مدمجا كلمه الطيب بعمله الصالح لأجل ذلك اليوم ، وهو في هذا اليوم.. فقط يرجو أن يزحزح عن النار.. أعظِم بتلك أمنية!! تقف كل الوجوه من إنس وجن وملائكة في حالة ترقب. الجميع في انتظار بدء معالم ذلك اليوم العظيم.. الجميع في انتطار لله سبحانه، قيوم السموات والأرض، فهو سبحانه لا يئوده حفظهما بمن وما فيهما.. سبحانه فقط لا تأخذه سنة ولا نوم أما هم ،فلا يملكون لأنفسهم حتى أن يغيروا أن يحولوا وجوههم.. وعنت الوجوه للحي القيوم تفسير. وقفة مع هذه الآية العظيمة أدعو الله راجية إياه سبحانه ،أن يوفقني ، ويغفر لي إن جانبني الصواب، إنه سبحانه قريب مجيب الدعاء.. ففي الفعل: عنت وصف معجز لهيئة الوجوه التي لا نستطيع مهما أوتينا من بلاغة ،أن نبدل ما جاء به هذا الفعل المعجز:(عنت) من ملامح.. نشعر بها فتخشع لها قلوبنا.. نتصور معا هيئة تلك الوجوه وقد علاها واعتلاها القلق والزعر والخوف والفزع مع الترقب!!
ولكن ما هذه الوجوه ، أية وجوه هذه ؟ هي وجوه الخلق جميعا: من انس وجن وملائكة ،وقد يسأل سائل وهل الملائكة ضمن هذه الوجوه أيضا ؟ نقول ، نعم ، ولماذا ؟!
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! تأملتم هذه الآيات، ولا شك أنكم علمتم ما شاء الله أن تعلموا، وسوف تزدادون إن شاء الله علماً، فهل هذا العلم يقرأ على الأموات؟ لما نضع الميت بين أيدنا ونقرأ عليه هل يفهم؟ هل يتعظ؟ هل يقوم يصلي؟ هل يعلن عن توبته؟ فما سر قراءة القرآن على الموتى؟ الجواب: وقد سمعتموه وعلمتموه، لكن حولكم زوار ما سمعوا هذا، هذا من كيد ومكر ما نسميه: بالثالوث الأسود، المكون من المجوسية، واليهودية، والصليبية. نظروا إلى الأمة! التفريغ النصي - تفسير سورة طه _ (12) - للشيخ أبوبكر الجزائري. أمة الإسلام، من إندونيسيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً فقالوا: كيف عزت هذه الأمة وسادت وانتشر الإسلام في العالم؟ قالوا: سببه القرآن، إي والله إنه القرآن؛ لأن القرآن الكريم بمثابة الروح، فهل يوجد حيوان حي بدون روح؟ مستحيل، فالإنسان بالقرآن يحيا ويصبح يسمع ويبصر وينطق ويأخذ ويعطي، فعرفوا أن هذه الأمة التي كانت هابطة لاصقة بالأرض مزقها المجوس والنصارى في الشرق والغرب، قالوا: حييت فعزت وسادت بالقرآن الكريم، وكأنهم بحثوا في القرآن. هل يجدون آية تدل على أن القرآن روح؟ فوجدوا: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52]، ما الذي أوحاه إليه؟ القرآن.