الأمر الثاني: إذا كان دافع المرء من التنبؤ مبنيٌّ على استنتاجاتٍ وأسبابٍ واضحةٍ كأن يعرف مكان حفر البئر لدراسة طبيعة المكان فلا حرج في ذلك، على أن يقرن معرفته بمشيئة الله. حكم من يدعي علم الغيب عن طريق التجارب وقراءة الأفكار إنّ حكم ادعاء علم الغيب بشكلٍ عامٍّ فيه كفر، فإنّ العلم بما يكون في النفوس هو علم يختصّ به الخالق سبحانه، وصفةٌ تلازمه وحده، فهو من يعلم ما يبدي الخلق وما يكتموه في داخلهم، قال تعالى: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}. حكم من يدعي علم الغيب - عبد الرحمن بن ناصر البراك - طريق الإسلام. [5] وأمّا الخلق فإنّ الغيب محجوبٌ عن معرفتهم وإدراكهم، ويكون ادعاؤهم من باب التكلف وقفو ما ليس لهم به علم، وعلى ذلك فإنّ حكم من يدعي علم الغيب عن طريق التجارب وقراءة الأفكار هو من حكم ادعاء علم الغيب وهو غير جائزٍ في الشريعة الإسلاميّة وقد يصل إلى الكفر. [6] حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء الخوض في حكم ادعاء علم الغيب يدفع إلى التعمّق أكثر في أحكام ادعاء هذه المعرفة، فكان التكهن في شريعة الإسلام حرامًا، وأحمع العلماء أنّ من ذهب إلى الكاهن وصدّقه فقد كفر، وذلك ما روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينما قال: " من أتى كاهِنًا فصدَّقَهُ بما يقولُ أو أتى امرأةً حائضًا أو أتى امرأةً في دُبُرِها فقد برئَ ممَّا أنزلَ اللَّهُ على محمَّدٍ"، [7] وكذلك حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء لا يخرج عن ذات الحكم، ف الأنبياء والرسل والأولياء لا يعلمون الغيب.
يقول السائل: هناك بعض الناس نأتي إليهم في بعض المشاكل فيقولون: نستخير لك الله، أو نفتح لك الكتاب، أو ننظر لك الخيرة، ليحدثوك عن المستقبل، ويعالجوك مما بك من المصائب، فهل هذا صحيح أم لا؟ هذا غلط، فإنهم لا يعلمون الغيب، إن أرادوا أن يفكروا في الدواء والعلاج فلا بأس، أما أن ينظروا في أمر معناه أنهم يعلمون الغيب بطرق يقرأونها أو يكتبونها أو يفكرون فيها، فهذا لا صحة له أبداً. يقول الله سبحانه وتعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [1] ، وهو سبحانه الذي يعلم الغيب، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((مفاتح الغيب خمسة، لا يعلمهن إلا الله)) [2] ، ثم قرأ قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [3] ، سبحانه وتعالى. ويقول الله له: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [4].
وبين شياطين الجن والإنس تعاون، قال تعالى: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}، وقال تعالى: { ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا}، واستمتاع الجن بالإنس بعبادتهم وطاعتهم لهم، واستمتاع الإنس بالجن بما يخبرونهم به مما غاب عنهم، وبإعانتهم على أنواع الفجور والمعاصي. وهذا كله في الأخبار الأرضية. حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء - إسلام ويب - مركز الفتوى. وأما ما يخبر به الكاهن من أخبار سماوية ومستقبلية فالغالب عليه فيها الكذب ، وما يَصْدُق منها إما أن يكون على سبيل المصادفة، وإما أن يكون مما يتلقاه عن مسترق السمع، فيكذب معه مئة كذبة، كما جاء في الحديث الصحيح أن مسترق السمع يسمع الكلمة من السماء فيلقيها إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فيكذب معها مئة كذبة، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا، فيُصدَّق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء. وأما الفراسة الإيمانية فهي من نور الإيمان ، وهي من نوع الإلهام الإلهي، ولا يكون الإنسان بها عالما بكل أحوال الناس، إنما يكشف الله لصاحب هذه الفراسة بعضَ أحوال الناس، ممن يراهم، أو بعض الأمور المتوقعة، وهي من الخوارق الكشفية التي تعين على نصر الحق، ودحض الباطل.
والغيب غيبان: الأول: غيب مطلق، وهو الذي لا يعلمه إلا الله، ومن شاء أن يطلعه على ما شاء منه، من رسله من الملائكة ومن الناس. والثاني: غيب نسبي، وهو ما يغيب عن بعض الناس دون بعض، من الحوادث والأحوال والأعمال العامة والخاصة، فذلك غيب بالنسبة لمن لم يشاهده أو يدركه بشيء من حواسه، وحينئذ فلا طريق له إلى العلم به إلا خبر الصادق، وقد توفرت في هذا العصر وسائل نقل الأخبار، والحكم على الأخبار بحسب مصادرها وناقليها، فمن ادعى شيئا من علم هذا الغيب فإنا نسأله عن مصدر خبره؛ فقد يكون ظنًّا، وقد يكون توهمًا، وقد يكون خبرًا، فيُعتبر فيه حال المخبِر، ولا بد من اعتبار حال المخبِر للحكم على خبره، وكذا من يروي عنه. ومِن مدعي علم الغيب الكاهن والعراف، ومستندهم في أخبارهم إما أدلة وهمية لا تفيد إلا الظنون الكاذبة، وإما ما يتلقونه من شياطين الجن ، وهم يَصْدُقون ويَكْذِبون، ومعلوم أن الجن لهم قدرة على الاطلاع على كثير من أحوال الناس الظاهرة والخفية، لأنهم يرون بني آدم من حيث لا يراهم بنو آدم، كما قال تعالى: { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}، ولهم قدرة على سرعة الانتقال، كما في قصة العفريت مع سليمان عليه السلام.
لكن شيخنا الفاضل.. إنني أخشى على أخي أن ينال من الإثم لقوله هذا لأنه من علم الغيب.. فكيف يجب علي أن أتصرف عندما يقول لي هذا الكلام وما هي الطريقة المناسبة لإصلاح ما لديه من سوء فهم في أمر التوقع ؟ أيضا... عندما أسأله كيف علمت ذلك... يكون رده \"علم الإنسان ما لم يعلم\"... أرجو الإفادة والرد على السؤال في أقرب وقت ممكن وجزاكم الله خير الجزاء أسأل الله أن يحفظكم من شرور الجن والإنس وأن يسلمكم من شرور الدنيا. وأسأله باسمه العظيم أن يجعل أعمالكم خالصة لوجه وأن يدخرها لكم في ميزان حسناتكم \"اللهم آمين آمين\" أستودعكم الله. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فاعلمي أن علم الغيب مما استأثر الله به، ولا سبيل للخلق للاطلاع عليه. قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل: 65}. وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام: 59}. وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {الجن: 25-26}.
جزاكم الله خيرا. الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فاعلمي أن علم الغيب مما استأثر الله به، ولا سبيل للخلق للاطلاع عليه. قال الله تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65}. وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام: 59}. وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً*إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {الجـن: 26ـ27}. وقال تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ {الأنعام: 50}، وقال تعالى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْر وما مسني السوء {الأعراف: 188}. وروى الإمام مسلم عن عائشة قالت: ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ.