كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العبادات خير الهدي وأكمله وأعدله، ولقد أمر الله الأمة باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في سننه وهديه وتصرفاته في العبادات بجميع أنواعها، فقال الله تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الأعراف: 158]. وفي الآية مبالغة عظيمة في مقام الامتثال بهدي النبي صلى الله عليه وسلم والتزام الشرائع التي جاء بها، حيث تفرع من ذلك ضمان الهداية، والعصمة من طريق الضلال، فكان من آكد الأمور إبراز الهدي النبوي في الوضوء الذي يعتبر شرط صحة للصلاة، وبدونه فإن الصلاة لا تصح وبالتالي لا تقبل، ثم شدد ورغب – صلى الله عليه وسلم – على فضل اتباع هديه في الوضوء، وهذا الترغيب ينم على حرصه على هذه الأمة، فقال: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" [متفق عليه من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه]. أشار النووي رحمه الله إلى مجال الترغيب في هذا الحديث من خلال كلمة (نحو)، فقال: "إنما قال صلى الله عليه وسلم نحو وضوئي ولم يقل مثل لأن حقيقة مماثلته صلى الله عليه وسلم لا يقدر عليها غيره".
[١٨] غضّ البصر وحفظه عن المُحرّمات، وذلك لقوله -تعالى-: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، [١٩] وقوله -تعالى-: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) ، [٢٠] وقد دعا الإسلام لذلك حتى لا يكون إطلاق البصر سبباً في التعدّي على حُرُمات الآخرين أو وسيلةً وسبباً للزنا. التواضع واللّين في المشية، واجتناب التّكبر فيها، وذلك لقول الله -تعالى-: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) ، [١] وقوله -تعالى-: (وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا). شرح وترجمة حديث: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس - موسوعة الأحاديث النبوية. [٢١] [٢٢] [٢٣] الاعتدال في سرعة المشي؛ بحيث لا تميل إلى التّباطؤ فيُضفي عليها ذلك نوعا من الكِبر، ولا تميل إلى السرعة الشديدة فيُخلّ ذلك بالوقار والاتّزان، وذلك لقوله -تعالى-: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) ، [٢٤] كما يُستحسن اختيار وجْهة للسير إليها؛ لأنّ ذلك يُضفي على المشية البساطة والعزم. [٢٢] [٢٥] تجنّب المشي بنعلٍ واحدة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يمشِيَنَّ أحدُكم في نعلٍ واحدةٍ، لِيَنْعَلْهما جميعًا، أو لِيُحْفِهما جميعًا).
الحمد لله. أولا: للتعرف على صفة لحيته الشريفة صلى الله عليه وسلم لا بد من الوقوف على جميع الأحاديث الواردة في هذا الشأن ، وقد تبين لنا - بعد حصرها ودراستها - أن أكثرها لا يثبت إسناده إلى الصحابة الكرام الذين وصفوا لحية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما القليل الصحيح فلم يشتمل على وصف دقيق مفصل ، وإنما على ذكر بعض الأوصاف ، وهذه الأوصاف الثابتة هي: كثرة شعر اللحية ، وكثاثتها. فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ) رواه مسلم (رقم/2344) وعَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... كيف كان يمشي الرسول - موضوع. كَثَّ اللِّحْيَةِ) رواه النسائي (رقم/5232) وصححه الألباني في " صحيح النسائي ". وورد أيضا هذا الوصف: ( كث اللحية) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في " مسند الإمام أحمد " (2/102) طبعة مؤسسة الرسالة ، وحسنه المحققون. وقد استدل بعض أهل العلم بهذين الوصفين – كثرة الشعر والكثاثة - على أن لحيته الشريفة عليه الصلاة والسلام لم تكن طويلة ؛ لأن الكثاثة تعني غزارة الشعر والتِفَافَه مِن غير طول.