عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين قال: (خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ للاستسقاء مُتبذِّلاً مُتواضعاً وصلَّى رَكْعتينِ كما كانَ يصلِّي في العيدِ القول الثاني في صلاة الاستسقاء أنه يصلي ركعتين كصلاة التطوع، وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي ثور وإسحاق، لأن عبد الله بن زيد قال: استسقى النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين وقلب رداءه. متفق عليه، وروى أبو هريرة نحوه، ولم يذكر التكبيرة، وظاهره أنه لم يكبر، أما وقت صلاة الاستسقاء فواسع، والأولى أن تكون وقت الضحى مثل العيدين. وقد قال ابن قدامة في المغني عن وقت صلاة الاستسقاء فقد قال في المغني ما نصه التالي ليس لوقت الاستسقاء وقت معين، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي بغير خلاف، لأن وقتها متسع، وبعد الصلاة يقوم الإمام خطيبا مضمنا خطبته وعظا و إرشادا للناس، وسؤالا للخالق سبحانه بنزول المطر.
ونعلم أنَّ للداعي المضطر منزلةً خاصة؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]. وهذا النبي يونس - عليه السلام - لَمَّا الْتَقَمه الحوت، وأضحى رهينَ بطنه في الظلمات المركَّبة، ماذا صنَع؟ لقد لجَأ إلى ربه، وتضرَّع إليه بالتوحيد والشهادة، التوحيد الذي هو مَفزع الخلائق إلى ربِّها، وهو مَلْجَؤها وحِصنها وغِياثها؛ قال تعالى عن يونس: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]. فجاءَه الغوث الإلهي العاجل: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]؛ أي: وكذلك نصنع بالمؤمنين إن فعَلوا مثلَما فعَل. بوربوينت درس صفة صلاة الاستسقاء ص6 - تحميل - مركز تحميل تو عرب | المناهج العربية الشاملة. إذا عَلِمنا ذلك أيها المسلمون، أفلا نلجأ إلى ربِّنا وخالقنا، ورازقنا ومولانا - جل في علاه؟! أفلا نحاسب أنفسنا ونتفقَّد حالنا في جَنب الله تعالى؟ ألَم نسمع قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41]؟! ألَم نسمع قوله - جل وعز -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]؟!
[صحيح أبي داود 1064][صحيح الموارد 500]. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه و سلم: "اللهمَّ اسقنا غيثاً مُغِيثاً مَرِيئاً, نافعاً غير ضارَّ, عاجلاً غير آجل" ، قال:فأطبقت عليهم السماء. [صحيح أبي داود 1060] الأدعية الواردة في صلاة الاستسقاء عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- رفع يديه ثم قال: " اللهمَّ أغثنا, اللهمَّ أغثنا, اللهمَّ أغثنا". [مختصر البخاري 476] عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله النبي صلى الله عليه و سلم إذا استَسقى قالَ: "اللَّهمَّ اسقِ عِبادكَ وبهائمكَ, وانشر رحمَتَك, وأَحْيي بَلَدَكَ الَمِّيتَ". الحاجة إلى الغيث وأهمية صلاة الاستسقاء. [صحيح أبي داود 1067] عن سعد أن النبي -صلى الله عليه وسلم – دعا في الاستسقاء: "اللهم جللنا سحابا كثيفا ، قصيفا دلوقا ، ضحوكا تمطرنا منه رذاذا ، قطقطا ، سجلا ، ياذا الجلال والاكرام". رواه أبو عوانة في صحيحه. قال الشافعي: وروي عن سالم بن عبد الله عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا استسقى قال: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا غدقا مجللا عاما ، طبقا سحا ، ائما ، اللهم اسقنا الغيث ، ولا تجعلنا من القانطين: اللهم إن بالعباد والبلاد ، والبهائم ، والخلق من اللاواء والجهد والضنك ما لا نشكوه إلا إليك.
الحمدلله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين. أمَّا بعدُ: فكلُّنا يعلم أنَّ الله تعالى عليم حكيم، وأنَّ الله تعالى بيده خزائن السموات والأرَضين، ألَم يقل - سبحانه -: ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 7]. ألَم يقل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم الخلق بربِّه: ((يدُ الله مَلأَى لا تَغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفَق منذ خَلق السماء والأرض، فإنه لَم يَغض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع))؛ أخرجه البخاري؟! وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21]. ونحن جميعًا نعلم أن الله - سبحانه - يبتلي بالنقص والضرَّاء، كما يبتلي بالعطاء والنَّعماء، وهو أحكم الحاكمين؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].