«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي» لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. إن العفو عند المقدرة ليس قاصراً على العفو عن العدو الذي يُتمكن منه، بل كذلك عن زلات المسيئين من أقارب أو أباعد، في البيت أو العمل، في المجتمع.
من الأخلاق العظيمة التي تُكبِر صاحبها «العفو عند المقدرة»، أي العفو عن المسيء عند القدرة على معاقبته على إساءته، وإن كانت المعاقبة جوهر العدل، فإن العفو قمة الفضل، وهذا الخلق الكريم هو خلق الإسلام الذي ندب إليه القرآن الكريم في غير ما آية، كقوله سبحانه: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} وقوله سبحانه: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ}. والصفح الجميل هو العفو والإعراض الذي لا عتاب معه، ومازال القرآن الكريم يحث على الإعراض عن الجاهلين، والعفو عن المسيئين حتى من تلطخوا بدم القتل والعدوان، فإنه مع تشريعه القصاص، إلا أنه حبَّذ العفو عند المقدرة كما قال سبحانه:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}، كل ذلك ليتحلى المؤمن بالعفو الكريم، فمن تحلَّ بالعفو عند المقدرة يكن قد تحلى بخلق الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وعمل بهدي القرآن الكريم.
تعريف العفو عند المقدرة إن العفو هو التجاوز عن الذنب ويكون عندما يتم ترك العقاب عليه مع المقدرة، فإن من الأخلاق العظيمة التي تعز صاحبها هي العفو عند المقدرة، أي العفو عن المسيء في حال القدرة على معاقبته، فإذا كانت المعاقبة هي جوهر العدل بينما العفو يكون قمة الفضل، وإن هذا الخلق الكريم هو الذي حث عليه القرآن الكريم فقال تعالى:: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}. فوائد العفو عند المقدرة إن الله سبحانه وتعالى شرع القصاص في الجنايات ولكنه فضل العفو على القصاص لمَ له من فوائد عظيمة تعود للفرد وعلى المجتمع وتتجلى فوائد العفو كما يلي: إن العفو فيه إصلاح أما القصاص فلا يكون فيه عفو ولا إصلاح، وإن في القصاص ممكن أن يظلم المرء فيتعدى أكثر من حقه وإن الله سبحانه وتعالى لا يحب الظالمين، كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}. إن العافين لهم أجر عظيم عند الله جل وعلا وهو وعد عظيم يجدونه في الآخرة خير مما كانوا يحصلون عليه في الدنيا. العفو عند المقدرة - ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية. العفو عند المقدرة فيه العزة والشرف للعافين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ، إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ لِلَّهِ إلَا رَفَعَهُ اللَّه».
وكذلك عفوه - صلى الله عليه وسلم - عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سَحَر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعفا عنه ولم يعاقبه، وإنما اكتفى - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((شفاني اللهُ، وكرهت أن أُثير شرًّا)) [5]. وعفوه عن اليهودية التي أهدتْه الشاةَ المسمومة [6]. وهذا كله يؤكد أن رضاه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لله، لا لهوًى في نفسه، وأن جانبَ الرحمة والصفح والمغفرة كان دائمًا هو البارزَ والواضحَ من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم. [1] رواه البخاري 4838، ومسلم 2321. [2] رواه مسلم 1780 عن أبي هريرة - رضي الله عنه. [3] انظر سيرة ابن هشام (5/73). [4] انظر: الشفا؛ للقاضي عياض (1/ 123-211)، سنن البيهقي (9/118) ، تاريخ الطبري (2/161)، البداية والنهاية (4/301). [5] رواه البخاري 5763، ومسلم 189؛ عن عائشة - رضي الله عنها. [6] رواه البخاري 2617، ومسلم 2190؛ عن أنس - رضي الله عنه. فوائد العفو عند المقدرة .. وأمثلة وقصص للعفو | المرسال. مرحباً بالضيف
↑ رواه الألباني، في: صحيح الترغيب، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 2536، صحيح. ↑ رواه السيوطي، في صحيح، عن سهل بن سعد الساعدي وعبدالله بن جعفر، الصفحة أو الرقم: 258 ، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2510، صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4798، صحيح. ↑ "الترغيب في العفو والصفح في السنة النبوية " ، ، 2014-04-11 ، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2021. ↑ رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 495، صحيح. ↑ رواه النووي، في الأذكار، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 247، إسناده صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 659، صحيح. ↑ سورة النور، آية: 22. ↑ سورة آل عمران، آية: 133. ↑ سورة الشورى، آية: 40. ↑ سورة البقرة، آية: 109. ↑ سورة آل عمران، آية: 159. ↑ سورة التغابن، آية: 14. ↑ سورة الشورى، آية: 43.
[١٨] قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). [١٩] قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). [٢٠] قال تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). [٢١] المراجع ↑ "نماذج من عفو النبي صلى الله عليه وسلم وصفحه" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 1-4-2021. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ابي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2588 ، صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب ، عن عبدالرحمن بن عوف، الصفحة أو الرقم: 2462 ، صحيح لغيره. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 936، صحيح. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1/880، إسناده صحيح. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عبدالله بن مسعود ، الصفحة أو الرقم: 1743، صحيح.
ثم الأخلاق الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم إنما هي العفو، والذي لا يمتثل هذا الأمر كأنه يرد على الله أمره ويقول: لا آخذ العفو، ويرد على الأخلاق الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم ويقول لا آخذ أخلاقه, والعياذ بالله. سابعا: الذي يعفو الناس عند المقدرة اتصف بصفات الداخلين في جنة عرضها السموات والأرض كما قال تعالى «وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» ( آل عمران: 133 -134). ثامنا: الذي يعفو عند المقدرة صبور والصبور والحليم يستحق أن يكون قائداً حقاً لحلمه وصبره, وأن يكون قدوة وإماماً للناس وأن يكون ذو سماحة سليم الصدر رحب السريرة ليس فيه عقدة نفسية ولا بغضاء للآخرين. تاسعا: الذي يعفو عند المقدرة ذو همة عالية يتطلع إلى جنة عرضها السموات والأرض والذي لا يعفوا همته سافلة لا ينظر إلا بسافسف الأمور.