ثم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأنصار عندما جاء سعد للحكم في بني قريظة: ( قوموا إلى سيدكم)( البخاري).. وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: ( اهتز العرش لموت سعد بن معاذ)( البخاري). غزوة بني قريظة دروس وعبر. وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: ( أهديت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حُلة حرير، فجعل أصحابه يحسونها ويعجبون من لينها، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أتعجبون من لين هذه؟، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين)( البخاري). وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال عن سعد: ( هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألفا من الملائكة... )( النسائي).. وبالقضاء على بني قريظة خلت المدينة تماما من الوجود اليهودي، الذي كان عنصراً خطراً لديه القدرة على المؤامرة والكيد والمكر، وانتهى حلم قريش في وجود حليف لها داخل المدينة.. لقد كانت حماية الجبهة الداخلية للدولة الإسلامية من المفسدين والمتآمرين منهجاً نبوياً وضعه لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكان نتيجة هامة من نتائج هذه الغزوة المباركة..
وصحح الترمذي من حديث أنس قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الملائكة كانت تحمله ». قتل في حصار بني قريظة رجل واحد من المسلمين، وهو خلاد بن سُوَيْد الذي طرحت عليه الرحى امرأة من قريظة. ومات في الحصار أبو سِنان بن مِحْصَن أخو عُكَّاشَة. غزوة بني قريظة أحد أشهر غزوات الرسول | المرسال. وأما أبو لُبابة، فأقام مرتبطاً بالجذع ست ليال، تأتيه امرأته في وقت كل صلاة فتحله للصلاة، ثم يعود فيرتبط بالجذع، ثم نزلت توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سَحَرًا وهو في بيت أم سلمة، فقامت على باب حجرتها، وقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه، فأبي أن يطلقه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم خارجاً إلى صلاة الصبح أطلقه. وقعت هــذه الغــزوة فـي ذي القعدة سنـة 5 هـ، ودام الحصار خمساً وعشريـن ليلة. وأنزل الله تعإلى في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب، ذكر فيها أهم جزئيات الوقعة، وبين حال المؤمنين والمنافقين، ثم تخذيل الأحزاب، ونتائج الغدر من أهل الكتاب.
[١] ثم عرض عليهم الثالثة وهي الغدر بهم في يوم السبت ظنًا منهم أن رسول الله لن يقاتلهم فيه لعلمه بحرمة يوم السبت لديهم، فرفضوا ذلك لكي لا ينالهم ما نال غيرهم من المسخ، فأرسلوا إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- رسولًا يبلغه خضوعهم له وطلبهم منه أن يحكم في أمرهم، وطلبوا أن يرسل إليهم أبو لبابة، الذي أخبرهم أن حكم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بهم هو القتل، ثم انصرف بعدما اعتبر إخبارهم بالحكم خيانة لله ورسوله، ثم طلبوا إلى رسول الله أن يحكم بهم رجل من الأوس لموالاتهم لهم في الجاهلية فوقع الاختيار على سعد بن معاذ رضي الله عنه. [١] حكم سعد بن معاذ في بني قريظة! ما كان رد الرسول عليه الصلاة والسلام على حكم سعد؟ كان حكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في بني قريظة معروفًا، فهو الذي قال لما أُصيب في غزوة الخندق: " اللهم لا تمتني حتى تقر عيني في بني قريظة "، [٦] فلما طلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم للحكم في بني قريظة، كان يرقد جريحًا في فراشه، فحمله قومه وأقبلوا به إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وكانوا يقولون له: "يا أبا عمرو أحسن في مواليك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم"، فبعدما أكثروا منه الطلب قال لهم: لقد آن لسعد أن لاتأخذه في الله لومة لائم، فلما سمعه من كان معه ذهب إلى قومه ونعى لهم بني قريظة.
هكذا تحرك الجيش الإسلامي نحو بني قريظة أرسالاً حتى تلاحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بني قريظة، وفرضوا عليهم الحصار.