مرارة الفقد أحسَّت سلمى وهي تُكلِّمها بالهمِّ يعتري صوتَها فيَرمُسه، وبالبكاء يتحوَّل في صدرها اختناقًا يمنعها كبرياؤها أن تُظهِره، حاولت جاهدةً أن تُخفِّف عنها شجنَها هذا، أن تُلملِم زهورَ ربيعِها من على رصيف الفَقْد، فتُقدِّمها إليها باقةً من كلمات حانية، مُشفِقة مُحِبَّة، لكنَّ صوتها ما زال مُختفِيًا، آذاه التعبُ، وليل الحرمان كان كفيلاً بألا يتبدَّى الفجرُ على وجهها أبدًا، أخذت سلمى تُلقي عليها كلماتٍ تُحاوِل أن تُواسيها، تُخاطِبها تَهُزُّ فيها كلَّ شعورٍ كان يَنبِض بالأمل، تسألها عن حالها - وهي تعلم - لكنها تريد لها أن تتكلَّم، أن تبوح بحُزْنها، أن تبكي كثيرًا؛ لعلها تهدأ بعدها، وتَسكُن! • أأنتِ بخير؟ • بخير، يا ابنتي! • لمَ يُخبِرني صوتُك أن شيئًا ما يُضايقك؟! أخبريني، ألستُ في مقام ابنتك؟! • بل أنت ابنتي، تعلَمين أن ليس لديَّ أبناء! ماذا بعد رحيل الاحباب! كلمات عن رحيل الأحباب والفقد | مجلة نون. لا أدري، يوم الجمعة أخذتُ أبكي دون أي سبب! • ممَّ؟ لم تركتِ الدارَ إذًا وأتيتِ بيتك تجلسين وحدك! هناك يُشعِرك صوتُ الناس من حولك بالأنس، يُسليك حتى النظر إليهم ومشاركتهم الطعام، ستَنْسين حُزْنك إذا ما تَحدَّثت إليهم! • لعَلِّي أعود قريبًا! • ليتني أُحسِن زيارتَك دائمًا، أَعِدك بأن أراكِ قريبًا، كوني بخير؛ لأجل أني أحبك، وأسعد إن كنتِ سعيدة!
من لاح له كمال الآخرة هان عليه فراق الدنيا. شاق هو الفراق الأبدي ولكن علينا أن نتدرب على النسيان لنستطيع العيش. بعد الفراق كل طرف يقول لست مخطئاً ربما يكون هو من أخطأ، وربما تكون هي من فعلت، لذلك لا مجال للعتاب بعد الفراق. الفراق هو الموت الصغير. الشهامة مواصلة الوقوف بجانبها حتى بعد الفراق. لا خلود يطفئ فواجع الفقد والفراق. الفراق لا بدّ منه فلنلتقي بانتظار أن يأتي. إنّ أصعب شيء على المرء أن يربط ذكرياته بإنسان ما فيصبح الفراق حالة من فقدان الذاكرة. ابتعدنا وكأنّ الفراق سحب بساط السعادة من تحت أقدامنا. عبارات عن الفراق دون سابق إنذار يفارقونا بعد أن امتلكوا كل شيء فينا، فأصبحنا نتنفسهم وينبض قلبنا بوجودهم معنا. كلمات عن الفقد – لاينز. أصعب ما يمكن أن يكون في هذه الحياة أن تفارق من تحب دون أن تودعه، ودون أن تعلم بموعد رحيله. أقسى كلمة عرفها التاريخ هي كلمة الوداع ، حيث لا رجعة، لا وأمل ، ولا حب، ولا حياة بعدها. لا تنتظر أحداً فمن فارقك لن يعود. الوحدة لا تعني أن تبقى وحيداً، بل تعني أن تودع الأحبة وأنت لا تعلم هل يعودون أم لا. لا بقاء في هذه الحياة سوى للموت والفراق. أعيش على أمل لقياك، لعل القدر يخطئ يوماً ويجمع بيننا في طريق عابر دون قصد.
هتنتهي ولا بد راح تنتهي هتنتهي ولا بد راح تنتهي، مش انتهت أحزان كتير قبلها؟ أن يردد المرء على نفسه أن ذاك الشعور المقبض سيزول، وأن الحزن سيصغر، أو بالأحرى سيتراجع إلى مكان قصي في القلب، وستمضي الحياة رغمًا عن أنف أكبر الخسارات. وفي ذلك عزاء وسلوى للقلوب المُنهكة، وانعكاس واضح للطف المولى الخفي. يبتلي الله ويخفف، ويهدينا النسيان ويرزقنا نعمة البدء من جديد عقب كل فقد، مهما كان حجم الفاجعة. وكما قال صلاح چاهين: "هتنتهي ولا بد راح تنتهي، مش انتهت أحزان كتير قبلها؟".
بعد الفراق عليك أن تكون وفياً لمن فارقت، فلا تذكره إلّا بخير ولا تتحدث لأحد عنه بسوء، فقد عشتما لحظات جميلة وتبادلتما أحاسيساً صادقة، وهذا أجمل ما في الوجود.
رحلت جدتي؟! هكذا دون علامات مسبقة تُنبِّيء بالرحيل؟! دون وداع؟! دون أن أتمكن حتي من اللحاق بمراسم الدفن؟! دغدغت الأسئلة رأسي وتآكل عقلي من عدم التصديق، لكن كعادتي كان مظهري ثابتًا. كانت جدتي منجمًا يضم أثمن الكنوز الحياتية، رحلت فجأة فاختفت الكنوز وبقي خواء مرعب. تعرضت لاضطرابات نوم حادة بعد رحيل جدتي، لم يكن الأرق جديدًا عليَّ، فهو صديق مخلص، لكن كان الجديد نوبات الفزع تلك، أنام قليلاً ثم أستيقظ في فزع وخوف لا أعلم مصدره. صارت غرفتي الصغيرة كبيرة للغاية فجأة، كنت أشعر بضآلتي فيها وخوفي منها، ما عادت جدرانها تحتويني. لم أعد أغلق باب غرفتي عند النوم، كيف لي أن أحتمل غرفة تُغلق عليَّ أنا وفزعي واضطرابي؟ علام الخجل من خوفي؟ أذكر مرتين استيقظت فيهما في فزع بعد رحيل جدتي، جلست بعدهما لدقائق في فراشي ألتقط أنفاسي كما في مشاهد الأفلام، كانت دقات قلبي تتزايد، أحاول الرجوع مرة أخرى للنوم، لكن الفزع يصارعني معلنًا: لا نوم اللية. اختبرت معنى الخوف المخجل، أن تستيقظ فزِعًا -وأنت في تلك السن الكبيرة- فتهرع في غير وعي لغرفة إخوتك أو والديك، وأنت لا تملك إجابة على سؤال: ما بك؟! أخجلتني نوبات فزعي تلك لأنني بعد أن أهدأ كنت أكتشف أنني فررت كالطفلة لأندس في فراش أمي أو الفراش المجاور لأخي.