قال الله تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153] فلماذا خُص الصبر والصلاة بالاستعانة في الآية؟ الإرشاد إلى الاستعانة بالصبر والصلاة أمر مهم، فالعبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها, أو في نقمة فيصبر عليها؛ كما جاء في الحديث:"عجبا للمؤمن. لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته سراء، فشكر، كان خيرا له؛ وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له ". استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين. فالله تعالى يبين لعباده أن أجود ما يستعان به على المصائب والشدائد والنوازل الصبر والصلاة. و عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) [سنن أبي داود/حسنه الألباني] يقول سيد قطب: " بعد تقرير القبلة،وإفراد الأمة المسلمة بشخصيتها المميزة،التي تتفق مع حقيقة تصورها المميزة كذلك.. كان أول توجيه لهذه الأمة ذات الشخصية الخاصة والكيان الخاص،هذه الأمة الوسط الشهيدة على الناس.. كان أول توجيه لهذه الأمة هو الاستعانة بالصبر والصلاة على تكاليف هذا الدور العظيم ". ولن يجد العبد شيئا مريحا لقلبه باعثا للطمأنينة في نفسه أفضل من الصبر والصلاة
الصبر مع الصلاة.. هما الوسيلةُ الفعالةُ للنجاح والتغلبِ على الصعاب.. "قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَفَطَّرَت وتشققت قَدَمَاهُ"؛ ليتحمل بعدها أعمالًا تتشقق من عظمها الجبالُ الراسياتُ صبرًا وثباتًا. الصبرُ مع الصلاةِ وقودٌ وقوةٌ للعطاءِ والتحمل.. قَالَ حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى"؛ أخرجه أبو داود. إنه لا بد للإنسانِ الضعيفِ المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى؛ ليستمدَ منها العونَ حين يتجاوز الجهد قواه. حينما تواجهه قوى الشرِّ الباطنةُ والظاهرةُ. { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة }. حينما تثقلُ عليه مجاهدةُ الطغيانِ والفساد. حينما يثقلُ عليه جهدُ الاستقامةِ والثباتِ على الطريقِ بين دفع الشهواتِ وإغراء المطامع. حينما تكثرُ ديونهُ وتغلبه همومهُ. حينما يطول به الطريقُ، وتبعد به الشُّقةُ في عُمرهِ المحدودِ، ثم ينظر فإذا هو لم يبلغْ شيئًا وقد أوشك المغيبُ، وشمسُ العمرِ تميلُ للغروب. حينما يجدُ الشرَّ نافشًا، والخيرَ ضاويًا، ولا شعاعَ في الأفقِ، ولا مَعْلَم في الطريق.. عندها تأتي الصلاةُ لتدعمَ الصبرَ، وتقوي الحالَ، وترتفع معها الآمالُ.. قال عَلِيٌّ رضي الله عنه: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إلا نَائِمٌ، إلا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُصَلِّي، وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ"؛ أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح.
فإن قال قائل: كيف تكون الصلاة عوناً للإنسان؟ فالجواب: تكون عوناً إذا أتى بها على وجه كامل. وهي التي يكون فيها حضور القلب، والقيام بما يجب فيها أما صلاة غالب الناس اليوم فهي صلاة جوارح لا صلاة قلب؛ ولهذا تجد الإنسان من حين أن يكبِّر ينفتح عليه أبواب واسعة عظيمة من الهواجيس التي لا فائدة منها؛ ولذلك من حين أن يسلِّم تنجلي عنه، وتذهب؛ لكن الصلاة الحقيقية التي يشعر الإنسان فيها أنه قائم بين يدي الله، وأنها روضة فيها من كل ثمرات العبادة لا بد أن يَسلوَ بها عن كل همّ؛ لأنه اتصل بالله عزّ وجلّ الذي هو محبوبه، وأحب شيء إليه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِى فِى الصَّلاَةِ ». رواه أحمد غيره أما الإنسان الذي يصلي ليتسلى بها، لكن قلبه مشغول بغيرها فهذا لا تكون الصلاة عوناً له؛ لأنها صلاة ناقصة؛ فيفوت من آثارها بقدر ما نقص فيها، كما قال الله تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45 ، وكثير من الناس يدخل في الصلاة، ويخرج منها لا يجد أن قلبه تغير من حيث الفحشاء والمنكر.
[٢٢] نيْل الصابر أجره بغير حِساب، لقوله الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ، [٢٣] كما أنَّها سببٌ لِمعيَّة الله -تعالى-، لقول الله -تعالى-: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). [٢٤] الصبرُ سببٌ للتوفيق والنّصر وإجابة الدَّعوة من الله -تعالى-. الصبرُ طريقٌ للفلاح، ومحبَّة الله -تعالى-، والفوز بالجنَّة، وسببٌ للإِمامة و التَّقدُّم في الدِين، قال -تعالى-: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ). [٢٥] مُضاعفة الأجرِ للمسلم الصابر، لقول الله -تعالى-: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا). [٢٦] [٢٧] المراجع ↑ سورة البقرة، آية: 153. ^ أ ب علي بن محمد بن محمد بن حبيب، الشهير بالماوردي، تفسير الماوردي = النكت والعيون ، بيروت/ لبنان: دار الكتب العلمية ، صفحة 208-209، جزء 1. بتصرّف. واستعينوا بالصبر والصلاة. ↑ سورة البقرة، آية: 216. ↑ عبد الحي بن يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف ، صفحة 6، جزء 42. بتصرّف. ↑ علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي (1430 هـ)، التَّفْسِيرُ البَسِيْط (الطبعة الأولى)، السعودية: عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صفحة 422، جزء 3.
إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة ، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود.. وصدقت سيدي يا رسول الله حين قلت: « يَا بِلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بِهَا ». وصدقت سيدي يا رسول الله حين قلت: « قُمْ فَصَلِّ فَإِنَّ فِي الصَّلاَةِ شِفَاءً ». الدعاء
قال: اللهم اشهد ثلاث مرّات". أنواع الربا ربا الفضل عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين". فقد أجمع المسلمون على أن الربا حرام في الجملة، واختلفوا في التفصيل، وقد نص النبي على تحريم أصناف ستة: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح. والبعض لا ربا في غير هذه الستة، والبعض بل يشاركها كل ما هو في معناها في العلة، واختلفوا في العلة، والراجح أن العلة في الربا والفضة مطلق الثمنية. ص114 - كتاب المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام - الربا - المكتبة الشاملة. والأربعة الباقية فكل ما اجتمع فيه الكيل والوزن والطعم من جنس واحد فيه الربا، مثل: الذرة، والأرز، والدخن. ربا النسيئة هو الذي كان مشهورا في الجاهلية، فكان الواحد منهم يدفع ماله لغيره إلى أجل، على أن يأخذ منه كل شهر مقدارًا معينًا خارج عن رأس المال. فإذا جاء أجله طلب منه رأس المال، فإن لم يستطع الأداء زاد في الحق والأجل، فالمقصود من هذا الربا النسيئة بالذات، أي التأخير لزيادة المال فيها. وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ربا إلا في النسيئة"، أي لا ربا أغلظ، وأشد عقابًا من ربا النسيئة. بيع العينة هي أن يبيع شيئًا من غيره بثمن مؤجل، ويسلمه إلى المشتري، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر.
[٢] بيّن الله -تعالى- في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ*وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [٣] تحريم الربا قَطعاً، وبيَّن قُبحه، والآثار المُترتِّبة عليه؛ من ظلمٍ، وأكلٍ لحقوقٍ الآخرين، وغيرها من الآثار. قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّـهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ، [٤] فقد بيّن الله أنّ البيع يختلف اختلافاً قاطعاً لا رَيب فيه عن الربا، إذ إنّ أيّ زيادةٍ على رأس المال مُحرَّمةٌ؛ سواءً أكانت قليلةً، أم كثيرةً. أدلة التحريم في السنّة أكّدت نصوص السنّة النبويّة الصحيحة على تحريم الربا بألفاظٍ صريحةٍ، وقد بيّنت بعض الأحاديث الربا المنصوص على تحريمه في القرآن الكريم، كما حرّمت بعض الأحاديث أنواعاً أخرى من الربا لم يَرد ذكرها في القرآن، وفيما يأتي بيان تلك الأحاديث: [٥] أكّد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على تحريم الربا؛ فقال في خُطبة حجّة الوداع: (أَلَا وإنَّ كلَّ رِبًا في الجاهِلِيَّةِ موضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظْلِمُونَ ولا تُظْلَمُونَ غَيْرَ رِبَا العباسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فإنه موضوعٌ كُلُّهُ).
{ رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مُقَدَّسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فَرُدَّ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا ؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الرّبا} رواه البخاري. ما هي بدائل قروض الربا في الإسلام لم يقم الدين الإسلامي الحنيف منع وجود بعض المؤسسات التي تعمل على تمويل الأشخاص والمشروعات، وهذا لأن الإسلام ليس دين تعنت أو دين لا يعرف متطلبات جميع العصور. ومن هنا قام الإسلام بتوفير العديد من البدائل السليمة التي لا تقوم على الربا، حيثُ تقوم عمل هذه المؤسسات على المضاربة. بحث عن الربا كامل. وتعمل المؤسسات المالية التي تقوم على المضاربة أو البنوك الإسلامية من خلال دخول البنوك بعض المشروعات، وعند الربح أو الخسارة يتحمل كلا الطرفين الربح أو الخسارة بالتساوي. وهنا أقر الإسلام في احقيه صاحب المال في أخذ عائد على ما تم تقديمه من مال، ولكن الشرط هنا هو عدم القيام بتحديد العائد لصاحب المال عند وضعه لفلوسه في البنوك الإسلامية. خاتمة عن الربا خاتمة عن الربا وفي خاتمة هذا المقال عن الربا، قد قمنا بتقديم ما هو الربا، أنواعه، واستدرجنا أضرار الربا الاجتماعية، والاقتصادية، وأخيرًا التربوية والأخلاقية، ومع القيام بالاستدلال من القرآن الكريم والسنة النبوية على حرمانية الربا، مع تقديم البدائل التي قدمها الإسلام بدلًا من الربا، ولابد أن يعلم الإنسان الذي يتاجر في ماله مستخدمًا الربا أن الله لن يبارك له في ماله أو رزقه.
وأما ربا الفضل فتحريمه من باب سد الذرائع كما صرح به في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي قال: لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الرماء والرماء هو الربا، فمنعهم من ربا الفضل لما يخافه عليهم من ربا النسيئة، وذلك أنهم إذا باعوا درهماً بدرهمين - ولا يفعل هذا إلا للتفاوت الذي بين النوعين - إما في الجودة، وإما في السبكة، وإما في الثقل والخفة، وغير ذلك - تدرجوا بالربح المعجل فيها إلى الربح المؤخر وهو عين ربا النسيئة، وهذا ذريعة قريبة جداً، فمن حكمة الشارع أن سد عليهم هذه الذريعة، وهي تسد عليهم باب المفسدة.
وكان ربا الجاهلية أن الرجل منهم كان يكون له على الرجل مال إلى أجل، فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه، فيقول له الذي عليه المال: أَخِّرْ عني دينك وأزيدك على مالك, فيفعلان ذلك, فذلك هو الربا أضعافًا مضاعفة. وروي عن "عطاء" أنه قال: "كانت ثقيف تداين في بني المغيرة في الجاهلية, فإذا حل الأجل قالوا: نزيدكم وتؤخرون" ، فكان يكون أضعافا مضاعفة٤. وروي ١ البقرة، الآية ٢٧٥. بحث عن الربا والتحذير منه وكلام العلماء فيه. ٢ إرشاد الساري "٤/ ٢٦ وما بعدها". ٣ سورة النساء، الرقم ٤، الآية ١٦١، تفسير الطبري "٦/ ١٧ وما بعدها"، روح المعاني "٦/ ١٣". ٤ تفسير الطبري "٤/ ٥٩"، تفسير الآلوسي "٤/ ٤٩".
[3] كشاف القناع (3/251). [4] انظر: المهذب (1/270)، المغني (4/1). [5] انظر: الربا وأثره على المجتمع الإنساني (93). • أضرار الربا وآثاره في ضوء الكتاب والسنة لسعيد القحطاني (52-55). • الربا ودوره في استغلال موارد الشعوب.