بسم الله الرحمن الرحيم قد أوتيت سؤلك يا موسى طلب موسى عليه السلام من ربه عز وجل أن يؤيده بأخيه هارون، ويجعله له وزيراً، فيشدّ به أزره، ويشركه في أمره. وقد أجاب الله عز وجل طلب نبيه الكريم، وآتاه سؤله، وبعث معه أخاه هارون إلى فرعون وقومه. تفسير آية قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ. وتلك كانت منة أخرى. قال تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى﴾ [طه: 36 – 37]. "يقول تعالى ذكره: قال الله لموسى صلى الله عليه وسلم: قد أعطيت ما سألت يا موسى ربك من شرحه صدرك وتيسيره لك أمرك، وحل عقدة لسانك، وتصيير أخيك هارون وزيراً لك، وشد أزرك به، وإشراكه في الرسالة معك. (ولقد مننا عليك مرة أخرى) يقول تعالى ذكره: ولقد تطولنا عليك يا موسى قبل هذه المرة مرة أخرى. " (1) ولما كانت هذه الإجابة لطلب موسى عليه السلام وسؤله منة أخرى، فما هي الأولى؟ وهل كانت منة واحدة؟ أم عدداً من النعم والمنن؟ _________________________ (1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ابن جرير الطبري، 18/ 301 - 302، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 2000 م.
وقال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَ يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ اللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِساب﴾، البقرة: 212. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، رواه مسلم والبخاري وابي داود والترمذي وأحمد. رابعاً: عظم الجزاء والثواب مع عظم البلاء، ولذلك لم يشفى الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام شفاءاً كاملاً، ليتسلى به من بعده من الأمم، ولما فيه من الخير الكثير في الآخرة، قال تعالى: ﴿الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾، العنكبوت: 1-3.
عن الموسوعة نسعى في الجمهرة لبناء أوسع منصة إلكترونية جامعة لموضوعات المحتوى الإسلامي على الإنترنت، مصحوبة بمجموعة كبيرة من المنتجات المتعلقة بها بمختلف اللغات. © 2022 أحد مشاريع مركز أصول. حقوق الاستفادة من المحتوى لكل مسلم
إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أي مننا ذلك الوقت وهو وقت الإيحاء فإذا ظرف للإيحاء ، والمراد بالإيحاء إليها إما مجرد الإلهام لها أو في النوم بأن أراها ذلك أو على لسان نبي أو على لسان ملك ، لا على طريق النبوة كالوحي إلى مريم أو بإخبار الأنبياء المتقدمين بذلك وانتهى الخبر إليها ، والمراد بـ ما يوحى ما سيأتي من الأمر لها ، أبهمه أولا وفسره ثانيا تفخيما لشأنه. وجملة أن اقذفيه في التابوت مفسرة لأن الوحي فيه معنى القول ، أو مصدرية على تقدير بأن اقذفيه ، والقذف هاهنا الطرح: أي اطرحيه في التابوت ، وقد مر تفسير التابوت في البقرة في قصة طالوت فاقذفيه في اليم أي اطرحيه في البحر ، واليم: البحر أو النهر الكبير.
وقال ابن جرير: المعنى وألقيت عليك رحمتي: وقيل: كلمة من متعلقة بألقيت ، فيكون المعنى: ألقيت مني عليك محبة: أي أحببتك ، ومن أحبه الله أحبه الناس ولتصنع على عيني أي ولتربى وتغذى بمرأى مني ، يقال صنع الرجل جاريته: إذا رباها ، وصنع فرسه: إذا داوم على علفه والقيام عليه ، وتفسير على عيني بمرأى مني صحيح. قال النحاس: وذلك معروف في اللغة ، ولكن لا يكون في هذا تخصيص لموسى ، فإن جميع الأشياء بمرأى من الله. وقال أبو عبيدة وابن الأنباري: إن المعنى لتغذى على محبتي وإرادتي ، تقول: أتخذ الأشياء على عيني: أي على محبتي. قال ابن الأنباري: العين في هذه الآية يقصد بها قصد الإرادة والاختيار ، من قول العرب: غدا فلان على عيني: أي على المحبة مني. قيل واللام متعلقة بمحذوف: أي فعلت ذلك لتصنع ، وقيل: متعلقة بألقيت ، وقيل: متعلقة بما بعده: أي ولتصنع على عيني قدرنا مشي أختك. وقرأ ابن القعقاع ( ولتصنع) بإسكان اللام على الأمر ، وقرأ أبو نهيك بفتح التاء. والمعنى: ولتكون حركتك وتصرفك بمشيئتي ، وعلى عين مني. إذ تمشي أختك ظرف لألقيت ، أو لتصنع ، ويجوز أن يكون بدلا من إذ أوحينا وأخته اسمها مريم فتقول هل أدلكم على من يكفله وذلك أنها خرجت متعرفة لخبره فوجدت فرعون وامرأته آسية يطلبان له مرضعة ، فقالت لهما هذا القول: أي هل أدلكم على من يضمه إلى نفسه ويربيه ، فقالا لها ومن هو ؟ قالت أمي ، فقالا هل لها لبن ؟ قالت نعم لبن أخي هارون ، وكان هارون أكبر من موسى بسنة ، وقيل: بأكثر ، فجاءت الأم فقبل ثديها ، وكان لا يقبل ثدي مرضعة غيرها ، وهذا هو معنى فرجعناك إلى أمك وفي مصحف أبي ( فرددناك) ، والفاء فصيحة كي تقر عينها قرأ ابن عامر في رواية عبد الحميد عنه ( كي تقر) بكسر القاف ، وقرأ الباقون بفتحها.
وقد أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، وسمي كذلك للتمييز بينه وبين الحج الأصغر وهو العمرة عند الجمهور. وقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها فقال: أي يوم هذا؟؟ قالوا: يوم النحر، فقال: "هذا يوم الحج الأكبر" (أخرجه أبو داود في سننه). وبالإضافة إلى تسمية اليوم بعيد الأضحى ويوم الحج الأكبر فهناك تسميات أخرى لهذا اليوم المبارك تختلف باختلاف الدول والأمصار ومنها: العيد الكبير، عيد الحجاج، عيد القربان، يوم الفداء… وغيرها. هو إذن يوم خير وبركة، وفرح وسعادة، وتقارب ومودة، وبر وإحسان ورحمة، وتفقد لأحوال الأهل والأحباب والأقارب… علينا أن نتقرب فيه إلى المولى عز وجل بأداء الطاعات، والالتزام بالأوامر، وتجنب النواهي، والابتعاد عن الغفلة والمعاصي… فيه يحنو القوي على الضعيف، والغني على الفقير، ويصير المسلمون جسدا واحدا متراحمين. كما أن لهذا اليوم المبارك العظيم أحكام وآداب يجب مراعاتها ومنها: * استحباب الغسل والتطيب ولبس الجديد من غير إسراف وتكبر. * أداء صلاة العيد جماعة، والسنة أن تكون في مصلى العيد.
قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله" (رواه مسلم). وقال أيضا: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" (رواه أبو داود والترمذي والنسائي). وهكذا يجتمع للمؤمنين في أيام التشريق نعيم أبدانهم بالأكل والشرب، ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر، وبذلك تتم النعمة ويكتمل الفضل، فلله الحمد والمنة. ويُعد يوم عيد الأضحى المبارك أفضل الأيام عند الله، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر" (رواه أبو داود). ويوم القر هو يوم الحادي عشر من ذي الحجة حيث يستقر الحجاج في منى. كما يُعد عيد الأضحى الجليل ذكرى عظيمة تذكرنا بقصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وما فيها من معاني التضحية والتصديق والتسليم والبر والإحسان واليقين في الله… وقد أقسم المولى سبحانه بهذا اليوم المبارك العظيم في كتابه العزيز فقال: (والشفع والوتر) (الفجر، 3). قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشفع يوم الأضحى والوتر يوم عرفة. ويسمى يوم عيد الأضحى بيوم الحج الأكبر مصداقا لقول المولى عز وجل: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) (التوبة، 3).
يوم الحج الأكبر - YouTube
ويستحب للمؤمن أن يذهب من طريق ويرجع من آخر.. (في الظروف العادية). * كما يستحب التهنئة بالعيد لما روي عن جبير بن نفير ، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: "تقبل الله منا ومنك" (قال ابن حجر: إسناده حسن). ووقت التهنئة بعد أداء صلاة العيد كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم. وقد يحل الهاتف في عصرنا هذا محل الاتصال المباشر في التهنئة إن وجد مانع يحول دون اللقاء. * ومن الأعمال الجليلة أيضا نحر الأضحية بعد الصلاة، مصداقا لقول المولى عز وجل: فصل لربك وانحر (الكوثر، 2). وقال صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم العيد: "إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل فقد أصاب سنتنا" (رواه البخاري). * كما يُستحب إظهار البشر والسرور وصلة الأرحام ونبذ الشحناء والخلاف، ومسامحة الخلق والعفو عنهم، والتوسعة على الوالدين والزوجة والعيال وإدخال السرور عليهم.. * ولا بأس باللعب واللهو المباح لأن في ديننا فسحة وتيسير. وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم لوفد الحبشة أن يستعرضوا ويرقصوا بحرابهم وأسلحتهم في المسجد، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تنظر إليهم والنبي يسترها ويقول: "دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بالحنيفية السمحة" (صححه الألباني).
لقد فاضل الله عز وجل بين الشهور والأيام والساعات كما فاضل بين الأماكن والبقاع. ومن خصوصية المكان إلى خصوصية الزمان تُضاعف الأجور وتُرفع الدرجات وتتشوق النفوس إلى فضل الله وعطائه ورحماته. وها هي عشر ذي الحجة قد لملمت ساعاتها المباركة، وأتمت نفحاتها العطرة، وشارفت على الرحيل، واستعدت للختم وختامها مسك؛ إنه اليوم العاشر من ذي الحجة، وما أدراك ما اليوم العاشر! إنه يوم عيد الأضحى المبارك، وهو ثاني أعياد المسلمين بعد عيد الفطر العظيم. روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" (رواه أبو داود في سننه). والعيد من خصائص هذه الأمة، وهو من شعائر الإسلام الكبرى التي يجب العناية بها وتعظيمها لقول المولى عز وجل: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب (الحج، 32). وإذا كان عيد الفطر مرتبط بعبادة الصوم حيث أنه يعقب شهر رمضان المبارك، فإن عيد الأضحى مرتبط بمناسك الحج حيث يقع في شهر ذي الحجة في العشر الأوائل منه؛ وهي أفضل أيام السنة على الإطلاق وذلك لما يجتمع فيها من أمهات الطاعات وأنواع العبادات؛ من صلاة وصوم وصدقة وحج ونسك… وإذا كانت مدة عيد الفطر هي يوم واحد فقط، فإن مدة عيد الأضحى هي أربعة أيام؛ يوم النحر ومعه أيام التشريق وهي ثلاثة أيام.
الإكثار من الذكر والدعاء: لقوله صلى الله عليه وسلم "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" رواه أصحاب السنن. كما ينبغي الإكثار من التلبية بصوت مرتفع "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد.. والنعمة.. لك والملك.. لا شريك لك". أيضًا يجب الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار، وينبغي أن يأتي بهذه الأذكار كلها، فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلي على النبي وتارة يدعو وتارة يستغفر ويدعو مفردًا، وفي جماعة. يُستحب الذكر والدعاء في يوم عرفة.. رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا. رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا. الجزيرة نت