ومن السنّة أيضاً نوم القيلولة ، وهو الاستراحة في نصف النهار ، وذلك في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل) رواه الطبراني. وبعد: فهذه إشراقةٌ من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في نومه ويقظته ، جاءت لتؤكّد أن حياته عليه الصلاة والسلام لم تخلُ في لحظة من لحظاتها ، أو حالة من حالاتها ، من ذكر الله سبحانه وتعالى ، والتعلّق به ، وتفويض الأمر إليه.
هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة تقييم المادة: عائض القرني معلومات: --- ملحوظة: --- المستمعين: 8355 التنزيل: 19366 قراءة: 35163 الرسائل: 10 المقيميّن: 20 في خزائن: 18 المحاضرة مجزأة المزيد من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر الأكثر استماعا لهذا الشهر عدد مرات الاستماع 3038269177 عدد مرات الحفظ 728599770
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال: " ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425 ، وفي رواية لأبي داود برقم ( 2076) قالت: " كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان ". صححه الألباني أنظر صحيح سنن أبي داوُد 2/461 قال ابن رجب رحمه الله: صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه. وقوله صلى الله عليه وسلم: " شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ": يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان – الشهر الحرام وشهر الصيام – اشتغل الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك.
ومن هذه التدابير الواقية التي جاء الأمر بها: غسل اليدين قبل النوم إذا كان بهما شيءٌ من بقايا الطعام ، ويؤكّد النبي – صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: ( من نام وبيده غمر – أي دسومة وشحم - قبل أن يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه) رواه البخاري في الأدب المفرد. وإذا استيقظ الإنسان أثناء نومه فزعاً ، فعليه أن يقول: ( أعوذ بكلمات الله التامات ، من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون) كما ثبت بذلك الحديث في مسند الإمام أحمد. العشر الأواخر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم. - YouTube. ومن خصوصيّات النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، وذلك لحضور قلبه ودوام استشعاره عليه الصلاة والسلام لعظمة خالقه وبارئه. أما حاله - صلى الله عليه وسلم – عند الاستيقاظ من النوم فكان كحاله قبله ، دوام ذكرٍ ومزيد شكرٍ للخالق سبحانه وتعالى على نعمة الحياة بعد الممات ، فكان يقول: ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) رواه أبوداود. ولما كان من طبيعة النائم عدم التحكّم في تصرّفاته جاء الأمر بغسل اليدين قبل الوضوء أو استخدام الآنية لإزالة ما قد يكون أصابها من نجاسة حال النوم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) متفق عليه.
وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط. ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة ، وقال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القراء ، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء ، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
مهما بلغ الإنسان من القوّة والنشاط فلابدّ له أن يأوي إلى فراشه أخيراً ، وهذه ضرورةٌ لا يمكن الاستغناء عنها ، فالنوم فرصةٌ تتيح للجسد الراحة والاسترخاء ، وللفكر أن يبتعد قليلاً عن مطارق الهواجس والخواطر التي ترهق العقل وتشغل البال ، وهو السكون الذي امتنّ الله به على عباده في قوله تعالى: { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون} ( يونس: 67) وقوله تعالى: { وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا} ( الفرقان: 47). وجوانب القدوة والأسوة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم – امتدّت لتشمل هديه في نومه واستيقاظه ، فقد أحاط عليه الصلاة والسلام هذه الحاجة الإنسانية بجملة من الآداب ، ورتّب عليها عددا من الأحكام. وفي هذه الآداب وتلك الأحكام يظهر حرص النبي – صلى الله عليه وسلم - على ربط المسلم بخالقه في كل الأحوال ، فعندما كان عليه الصلاة والسلام يريد أن يعطي جسده حقه من الراحة بعد عناء نهار طويل يستحضر عظمة الله ، ويستذكر جملة النعم التي أنعم الله بها عليه في يومه وليلته ، ويظهر ذلك من قوله عليه الصلاة والسلام عندما يأوي إلى فراشه ( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) رواه مسلم فهي ألوانٌ من النعم المستوجبة للحمد والشكر لمعطيها ومانحها.