السؤال: هذا سائل للبرنامج أرسل الحقيقة بمجموعة من الأسئلة يقول: الجهر بالمعصية يعتبر معصية والمنافق هل من يخالف ظاهر ذلك يأثم؟ فكيف يمكن التوفيق بين ذلك جزاكم الله خيرًا، بمعنى أن يخفي المعاصي ويظهر الصلاح وذلك من النفاق؟ الجواب: الواجب على المسلم أن يتستر بستر الله، وألا يجاهر بالمعصية، بل إذا فعلها فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله؛ لقول النبي ﷺ: كل أمتي معافى إلا المجاهرين جعلهم من غير أهل العافية، كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يفعل العبد معصية في الليل، ثم يصبح وقد ستره الله، فيفضح نفسه ويقول: فعلت كذا وفعلت كذا. فالواجب على المسلم التستر بستر الله، وعدم إظهار المعاصي، والتوبة إلى الله، فإن المعصية إذا كانت خفيت ما تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت ولم تنكر ضرت العامة. فالواجب على من عصى أن يتقي الله، وأن يسر معصيته، وأن يتوب إلى الله منها، ويجاهد نفسه، وألا يتجاهر بالمعاصي، فإن المجاهرة فيها شر عظيم: تجرئة لغيره على المعاصي؛ ليتأسوا به، وعدم مبالاة بالمعصية، فإذا فعلها خفية كان أقرب إلى أن يتوب، فيتوب الله عليه، وليس هذا من النفاق، النفاق هو أن يسر الكفر، ويظهر الدين، هذا النفاق، نسأل الله العافية، نعم.
والنفس أمانة عندك يجب عليك أن ترعاها حقَّ رعايتها، وكما أنه لو كان لك ماشية فإنك تتخير لها المراعيَ الطيبة، وتُبعِدها عن المراعي الخبيثة الضارة، فكذلك نفسك، يجب عليك أن تتحرى لها المراتعَ الطيبة، وهي الأعمال الصالحة، وأن تبعدها عن المراتع الخبيثة، وهي الأعمال السيئة. وأما جرُّه على غيره: فلأن الناس إذا رأَوْه قد عمل المعصية، هانت في نفوسهم، وفعَلوا مِثله، وصار - والعياذ بالله - من الأئمة الذين يَدْعون إلى النار، كما قال الله تعالى عن آل فرعون: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [القصص: 41]. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((من سنَّ في الإسلام سنة سيئة، فعليه وِزرُها ووِزرُ من عمل بها إلى يوم القيامة)). فهذا نوع من المجاهرة، ولم يذكُرْه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه واضح، لكنه ذكَرَ أمرًا آخر قد يخفى على بعض الناس، فقال: ومن المجاهرة أن يعمل الإنسان العمل السيئ في الليل فيستره الله عليه، وكذلك في بيته فيستره الله عليه ولا يُطلِع عليه أحدًا، ولو تاب فيما بينه وبين ربِّه، لكان خيرًا له، ولكنه إذا قام في الصباح واختلط بالناس قال: عملتُ البارحة كذا، وعملت كذا، وعملت كذا، فهذا ليس معافًى، هذا - والعياذ بالله - قد ستر اللهُ عليه فأصبح يفضح نفسَه.
ومن مفاسد المجاهرة بالمعاصي: 1- أنها استخفاف بأوامر الله عز وجل ونواهيه. 2- أنها تؤدي إلى اعتياد القبائح واستمرائها وكأنها أمور عادية لا شيء فيها. 3- أنها بمثابة دعوة للغير إلى ارتكاب المعاصي وإشاعة الفساد ونشر للمنكرات. 4- أنها ربما أدت إلى استحلال المعصية فيكفر بذلك والعياذ بالله. 5- أنها دليل على سوء الخلق والوقاحة وقلة أدب صاحبها. 6- أنها دليل على قسوة القلب واستحكام الغفلة من قلب المجاهر. هذا وإن صور المجاهرة بالمعاصي - في هذا العصر - كثيرة جداً، لا يمكن استقصاؤها في هذه العجالة، غير أننا نشير إلى أمثلة من ذلك. فمن صور المجاهرة بالمعاصي: 1- الدعوة إلى وحدة الأديان وتصحيح عقائد الكفر. 2- الاحتفال بأعياد الكفار وإعلان ذلك في الصحف والمجلات والقنوات مثل الاحتفال بالكريسمس وعيد الحب وعيد الأم وغيرها. 3- خروج المرأة أمام الملأ متعطرة ومتزينة. 4- خروج المرأة وهي تلبس العباءة القصيرة أو المزركشة أو الشفافة، أو تلبس البنطال أو الكعب العالي وتجاهر بذلك أمام الملأ. 5- خلوة المرأة بالسائق الأجنبي أمام الملأ، وكذلك خلوتها بالبائعين في الأسواق والمحلات التجارية. 6- ممارسة عادة التدخين أمام الملأ.