مؤدّى هذا القول العملي، عودة راهنة، إلى زمن الانسداد السياسي النظامي الأصلي، والإقامة فوق "صفيح" الاستنفار الأهلي الساخن، والقبول بإدارة اليوميات ضمن دوامة حرب أهلية باردة، تبدلت أطرافها، واختلت التوازنات بين قواها، واختلفت تعريفاتها الاجتماعية، ومنطلقاتها الفكرية، وطبيعة تحالفاتها ومرجعياتها، الداخلية والخارجية. سؤال واجب الحضور كما هو معلوم، دارت حرب السنتين، بين اليمين واليسار، هكذا كان التعريف بالخصمين... وتدور المواجهة اليوم، بين اليمين واليمين. التبت تحت حكم سلالة يوان – e3arabi – إي عربي. أما اليسار، مشروعاً وبرنامجاً وقوى تغيير، فقد اضمحل وتلاشى. ضمن اليمين الحالي، نلحظ تفاوتات تمليها المصالح الخاصة. هذه الأخيرة تتحرك بطمأنينة لافتة، ولا تتوجس خطراً شعبيا وازناً يطيح بسكينتها الموروثة. في إزاء ذلك، يحضر سؤال: متى يقدِم يمين الحرب الأهلية، الحاضر"اسماً وكسماً"، على قراءة تجربته، فيقول أنه أخطأ عندما أصرّ على التمسك بكل امتيازاته، وأخطأ عندما رفض التنازل أمام الداخل، من خلال الاستجابة لبعض مطالبه الاجتماعية والسياسية، وأخطأ عندما استقوى على الداخل باستدعاء نجدة من الصديق ومن العدو، وهذا مما ينتقص اليوم، من مصداقية كل اللهجات السيادية.
تم استخدام قنابل بما يوازي 1000 باوند، وكانت كفيلة بتهديم القرية، ولكن تمكن رجال القبائل من الهرب، باستخدامهم الطرق عبر الوادي، والتي أكسبتهم راحة مؤقتة حتى وصلوا إلى الهضبة، وفي وقت لاحق تم اقتلاع بذور الفتنة خلال حرب الجبل الأخضر في 1958 - 1959 م. كل ما يجذبك في هذه القرية هو جمالية البيوت الطينية والطرقات الترابية الباقية على حالها، والتي تناشد المسؤولين عنها بنظرة من الاهتمام؛ لتحافظ على ما بقي منها وحتى لا تندثر كليا، إذ يرى المراقبون أنه إذا ما تم ترميم الحارة وتهيئتها كمزار سياحي فستكون إحدى أبرز الوجهات السياحية في محافظة الداخلية، كما أنها ستسهم في توفير فرص عمل مباشرة بعد ترميمها. الحمض النووي لقبيلة حرب والسلاله E بتفرع بعيد عن الأحباش والزنوج فوق 1500عام - YouTube. وعلى بعد أمتار من الحارة التراثية يجري غيل وادي تنوف على مدار العام مستمدا مياهه من الش الات النابعة من بين شقوق جلاميد الصخور. طالبَ عدد من الزوار وزارة السياحة بتوفير الخدمات اللازمة؛ من أجل سياحة حقيقية مثل توفير أكشاك للبيع، ودورات المياه، وأماكن لوضع القمامة، وتهيئة أماكن للعائلات، مثل: المظلات، ومواقف السيارات.
يلفت انتباه الزائر للسلطنة تلك الحارات القديمة المترامية في معظم الأحياء العمانية، بيوت طينية بأسقف خشبية عفا عليها الزمن وهجرها سكانها الأوائل نحو الأحياء المنظمة الحديثة، لكنهم خلفوا وراءهم رائحة الماضي القديم، تاركين لمخيلتنا حرية الغوص بحياة الشعوب التي سكنت تلك القرى. في ولاية نزوى تقبع حارة التنوف الواقعة على حافة وادي تنوف الشهير، ذو ش الات الماء الدائمة طوال السنة ومقصد الزوار، وتعد حارة تنوف الأثرية مركز القرية قبل عقود من السنوات، وتعاقبت عليها أحداث أسهمت في اندثار المدينة، يطبع على الحارة التصميم ذو الطابع الإس امي والطابع الفني المتميز بخصوصيته، والأبراج ذات الارتفاعات العالية، وسور الحارة المبني من الصخور والطين بجانب مرافق الحارة ذات الساحة الكبيرة، تبرز القرية كلوحة فنية تبعث في النفس هدوءاً وسكينةً فترتاح العين لرؤيتها، وتأخذ النفس بعيدا لتسبح في الأجواء الروحية التاريخية. قبيلة حرب على السلالة الزنجية E مع الغجر والبربر والأقباط وامة الزنوج والتحورE1b1b1 - YouTube. تبقى القليل من البيوت الطينية بسبب العوامل الطبيعية، لكنها تستحق أن نقف عندها، وأن نتأمل الماضي العريق الذي يسكنها. لا يزال مسجد القرية موجودا، وكذلك ما تبقى من الحصن بعد أن تساقط بفعل الظروف البيئية وكونه بني من طين، ومنها بسبب القصف الذي شهدته هذه القرية على نطاق واسع خلال منتصف 1950 م من قبل أسطول الطيران البريطاني تحت أوامر السلطان سعيد بن تيمور، وقد قصفت البلدة على سبيل الانتقام ضد مشايخ من الجبل الأخضر، وقبيلة بني ريام المنشقة تحت الشيخ سليمان.
يتضمن الفن عنفا حادا. يحضر الدم والعنف والموت في أعمال الفنانين الكبار. فمنذ سربندات بروجيل حتى ساحرات غويا، ومن طوباويي رامبرانت الى اللحوم الشائهة لباكون، ظل العنف دائما في قلب الفن الأحمر، الصارخ، الكلي الوجود. اليوم، تخطى الفن التشكيلي مرحلة جديدة. لم يعد الفنانون المعاصرون يكتفون بتمثيل العنف، بل أصبحوا يشخصونه. إنهم يستعملون اللحم والدم كعناصر تدخل في تكوين لغتهم الفنية. يبترون أجزاء من أجسادهم تارة ويعرضون جثامين الحيوانات تارة أخرى. في الغالب الأعم، يسيل الدم بشريا كان أم حيوانيا. كيف نفسر هذه الظاهرة؟ وماذا يعني ذلك؟ هل أصيب هؤلاء الفنانون بالجنون؟ لأجل الإجابة عن هذه الأسئلة سوف نقوم سويا برحلة إلى عوالمهم. سوف تكون تلك رحلة صادمة ومثيرة وأخاذة. قي الواقع، تفسر مزايداتهم وعنفهم وتصلبهم بمشوار فني طويل يعود إلى بداية القرن الماضي حيث كان الإصرار على إيجاد أدوات أخرى وعلى التعبير بطريقة أكثر قوة وعنفا وأصالة. وكان الانطباعيون قد استبدلوا توصيف المشاهد بالتعبير عن أحاسيسهم الذاتية وانفعالاتهم الشخصية. كانت تلك طريقة في استثمار ذواتهم بشكل أعمق لإنجاز أعمالهم الفنية وفي تكسير المسافة الفاصلة بين الفنان ولوحته.
لدى الوقوف مجدّداً أمام التوزيع الزمني المذكور أعلاه، يظهر، وبالوضوح اللازم، أن حرب السنتين طغى عليها اللون اللبناني الداخلي، مما يعطي تفسيرا وتبريرا للقول إنها كانت حرب اللبنانيين في ما بينهم. أمّا ما تلا هذه الحرب، فكانت حروب الآخرين في لبنان، التي تواجهت فيها الإرادات الدولية والاقليمية والعربية، فوق الأرض اللبنانية، وبواسطة قوات محلية تشكّل عديدها من مجموع الأطراف السياسية اللبنانية المتصارعة. هذه اللوحة تعطي تعريفاً آخر للحرب، جرى ترداده في جملةِ تداخل حرب الداخل والخارج في لبنان، بما يسمح بالقول إن الحرب كانت حرب اللبنانيين فوق أرضهم، وحرب الآخرين في الديار اللبنانية. الأخذ بمعادلة الداخل والخارج، المتداخلين والمتخارجين، تفرض لغة جديدة للمراجعات التعميمية، ولا تكتفي بخلاصاتها الموجزة، وتذهب، بالضرورة، إلى تحليل أوسع، يتمثل كل المعطيات الوقائعية، ويتجاوز في استنتاجه، ما جرى تكريسه كخلاصات نقدية نهائية، لحقبة الحرب الأهلية. مراجعة لم تحصل تتوالى في الأيام الانتخابية الراهنة خطب أطراف شاركت في الحرب الأهلية، تحمل لغة الحرب، مما يسمح بالقول، إن من لم يراجع تجربة الاقتتال الأهلي، يفعل ذلك مدفوعا باعتقاد انتصار منطقه السياسي، وبالظن بصحة منطلقاته ولغته، وبشرعية أهدافه... تجاهل المراجعة له ترجمة واحدة: البقاء في دائرة القول الذي فات زمنه، والتسلح بالأيديولوجيا لتفسير هذا الزمن، ولديمومة المكوث فيه.