ثم نادى: من يبايع على الموت؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قُدَّام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جراحاً، وقتل منهم خلقٌ، منهم ضرار بن الأزور، رضى الله عنهم. وقد ذكر الواقدي وغيره، أنهم لما صرعوا من الجراح استسقوا ماء، فجيء إليهم بشربة ماء، فلما قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه. فلما دفعت إليه نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه. فتدافعوها بينهم، من واحد إلى واحد حتى ماتوا جميعاً، ولم يشربها أحدٌ منهم، رضي الله عنهم أجمعين [11]. ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك , حب لاخيك ماتحبه لنفسك - اروع روعه. وروى ابن الجوزي - بإسناده - عن ابن الأعرابي قال: استُشهد باليرموك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وجماعةٌ من بني المغيرة، فأتوا بماء وهم صرعى، فتدافعوه حتى ماتوا ولم يذوقوه. أُتي عكرمة بالماء، فنظر إلى سهيل بن عمرو ينظر إليه، فقال: ابدؤوا بذا، فنظر سهيلٌ إلى الحارث بن هشام ينظر إليه، فقال: ابدؤوا بذا، فماتوا كلهم قبل أن يشربوا، فمر بهم خالد، فقال: بنفسي أنتم [12]. [1] رواه البخاري في ك الإيمان ب من الإيمان أن يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه 1/ 12 رقم 13، ومسلم في ك الإيمان ب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يُحب لأخيه المسلم ما يُحب لنفسه من الخير 1/ 67 رقم 45.
وخرج أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه، وفي حديثه: " الكبر" بدل " البغي ". فنفى أن يكون كراهته لأن يفوقه أحد في الجمال بغيا أو كبرا، وفسر الكبر والبغي ببطر الحق، وهو التكبر عليه، والامتناع من قبوله كبرا، إذا خالف هواه" انتهى من"جامع العلم والحكم " (1/370). وقال ابن حجر الهيتمي: "والمراد بالمثلية هنا: مطلق المشاركة، المستلزمة لكفِّ الأذى والمكروه عن الناس، وتَحْمِلُ الإنسانَ على أنه: كما يحب أن ينتصف من حقه، ومظلمته؛ ينبغي له إذا كانت لأخيه عنده مظلمةٌ أو حقٌّ: أن يبادر إلى إنصافه من نفسه، ويؤثر الحق، وإن كان عليه فيه مشقة. وفي الحديث: "انظر ما تحب أن يأتيه الناس إليك، فَأْتِه إليهم". حب لاخيك المسلم ماتحب لنفسك - YouTube. ومن ثَمَّ قيل للأحنف: ممن تعلمت الحلم؟ قال: من نفسي، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا كرهت شيئًا من غيري؛ لم أفعل بأحدٍ مثله!! فلا ينافي كون الإنسان يحب لنفسه أن يكون أفضل الناس. على أن الأكمل خلاف ذلك؛ فقد قال الفضيل بن عياض لسفيان بن عيينة: إن كنت تودُّ أن يكون الناس مثلك، فما أديت للَّه الكريم النصيحة، فكيف وأنت تودُّ أنهم دونك؟! " انتهى من" الفتح المبين بشرح الأربعين " ص 307.
إن مما تقتضيه الأخوة الإسلامية أن يحب كل مسلم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لها. وإن مجتمعاً يسود بين أفراده حب الخير لبعضهم البعض، لهوَ من أسعد مجتمعات الدنيا، والعكس صحيح. موقع حراج | حب لأخيك ما تحب لنفسك. إن الفرد الذي يود لأخيه ما يتمناه لنفسه، ويكره له ما يبغضه لها؛ لا يرى إلا ساعياً في تحقيق كل خير له، مجتهداً في إزاحة كل شر وأذى عنه، فلن يرضي - مثلاً - بأن يبيت شَبعان في حين يتضور أخوه جوعاً، ولن يهدأ له بالٌ، أو يقر له قرارٌ، بينما أخ له قد اكتنفته الهموم، وأحاطت به الكروب، ودهمته البأساء، ولن يسكُت عن هتك حرمة مسلم، أو ظلمه والاعتداء عليه، لأنه لا يرضى هذا لنفسه، ولن ينشغل بحسد ذوي نعمة، أو يشتهي زوالها من أيديهم. وقُل عكس هذا إذ أدرك الشقاء عبداً؛ فكان ذا قلب مريض حقود، يطرب سرورا لما يحل بالناس من ضراء، ويغتم حزنا لما ينالهم من سراء - والعياذ بالله -. لهذا وغيره يؤكد الإسلام على ضرورة أن يمتلئ قلب المسلم بحب الخير لغيره، بل يُشيرُ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من حُرم هذا الخلق فإن إيمانه يبقى ضعيفا منقوصا. عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه» [1]. وعن أبي أمامة قال: إن فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه!
وكان «أبو عبيدة بن الجراح» إذ ذاك قد «ولي إمرة أمراء الأجناد بالشام» [7] ، فلما فشا الطاعون أرسل «عمر بن الخطاب» إلى «أبي عبيدة» يطلب منه أن يترك الشام، ويقدم إليه، فور وصول كتابه، حيثُ رأى «عمر» أن المصلحة تقتضي هذا. فماذا فعل أبو عبيدة رضي الله عنه؟!
ومثل هذا يحتاج للتذكير بنهي الشرع عن الحسد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا... )،ويقول الله تبارك وتعالى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}(سورةالنساء:54)،ولو علم هذا الحاقد أن حقده وحسده لا يغير من أقدارالله شيئا لأراح نفسه ولشغلها بما يصلحها بدلاً من شغلها بالناس وما آتاهم الله من فضله. الثالث:رجل أذهلته شهوة طبعه عن سعة فضل الله تعالى فيخشى إذا زاحمه الناس على الخير ألا يبقى له حظ معهم، وهذا من الجهل، فخزائن ربنا ملأى يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه)ـ رواه البخاري ـ. والله عز وجل يقول في الحديث القدسي يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر... )ـ رواه مسلم ـ. فحري بنا أن نوطن أنفسنا على محبة الخير للآخرين ، وأن نحرص على إيصال النفع لهم.
متن الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، رواه البخاري و مسلم. الشرح حرص الإسلام بتعاليمه وشرائعه على تنظيم علاقة الناس بربهم تبارك وتعالى ، حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة ، وفي الوقت ذاته شرع لهم ما ينظم علاقتهم بعضهم ببعض ؛ حتى تسود الألفة والمحبة في المجتمع المسلم ، ولا يتحقق ذلك إلا إذا حرص كل فرد من أفراده على مصلحة غيره حرصه على مصلحته الشخصية ، وبذلك ينشأ المجتمع الإسلامي قويّ الروابط ، متين الأساس. ومن أجل هذا الهدف ، أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى تحقيق مبدأ التكافل والإيثار ، فقال: ( لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، فبيّن أن من أهم عوامل رسوخ الإيمان في القلب ، أن يحب الإنسان للآخرين حصول الخير الذي يحبه لنفسه ، من حلول النعم وزوال النقم ، وبذلك يكمل الإيمان في القلب. وإذا تأملنا الحديث ، لوجدنا أن تحقيق هذا الكمال الإيماني في النفس ، يتطلب منها سموا في التعامل ، ورفعة في الأخلاق مع الغير ، انطلاقا من رغبتها في أن تُعامل بالمثل ، وهذا يحتّم على صاحبها أن يصبر على أذى الناس ، ويتغاضى عن هفواتهم ، ويعفو عمن أساء إليه ، وليس ذلك فحسب ، بل إنه يشارك إخوانه في أفراحهم وأتراحهم ، ويعود المريض منهم ، ويواسي المحتاج ، ويكفل اليتيم ، ويعيل الأرملة ، ولا يألو جهدا في تقديم صنائع المعروف للآخرين ، ببشاشةِ وجه ، وسعة قلب ، وسلامة صدر.
مؤسسة موقع حراج للتسويق الإلكتروني [AIV]{version}, {date}[/AIV]