حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله. حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَوَكَزَهُ مُوسَى) نبي الله, ولم يتعمد قتله. حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال: قتله وهو لا يريد قتله. وقوله: ( فَقَضَى عَلَيْهِ) يقول: ففرغ من قتله. ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه ۖ فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه ۖ قال هذا من عمل الشيطان ۖ إنه عدو مضل مبين. وقد بيَّنت فيما مضى أن معنى القضاء: الفراغ بما أغنى عن إعادته ههنا. ذكر أنه قتله ثم دفنه في الرمل. كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن أبي بكر بن عبد الله, عن أصحابه (فوكزه موسى فقضى عليه) ثم دفنه في الرمل. وقوله: ( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) يقول تعالى ذكره: قال موسى حين قتل القتيل: هذا القتل من تسبب الشيطان لي بأن هيَّج غضبي حتى ضربت هذا فهلك من ضربتي، ( إِنَّهُ عَدُوٌّ) يقول: إن الشيطان عدو لابن آدم (مُضِلٌّ) له عن سبيل الرشاد بتزيينه له القبيح من الأعمال, وتحسينه ذلك له (مُبِينٌ) يعني أنه يبين عداوته لهم قديما, وإضلاله إياهم. ------------------------ الهوامش: (1) استد رأيه: من السداد! أي أحكم عقله، وقويت تجاربه.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا عثام بن عليّ, قال: ثنا الأعمش, عن سعيد بن جُبَيْر: ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) قال: رجل من بني إسرائيل يقاتل جبارا لفرعون ( فَاسْتَغَاثَهُ... إسلام ويب - تفسير البغوي - سورة القصص - تفسير قوله تعالى " ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه "- الجزء رقم6. فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) فلما كان من الغد, استصرخ به فوجده يقاتل آخر, فأغاثه, فقال: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ فعرفوا أنه موسى, فخرج منها خائفا يترقب, قال عثام: أو نحو هذا. حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) أما الذي من شيعته فمن بني إسرائيل, وأما الذي من عدوه فقبطي من آل فرعون. حدثنا موسى, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي ( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) يقول: من القبط ( فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ).
دليلٌ ثانٍ: هو أنَّ حَدَّ الظلمِ: "وضعُ الشَّيءِ في غيرِ موضعِهِ، والتصرُّفُ في غيرِ مُلْكِهِ"، فاللهُ تعالى مُنزَّهٌ عَن ذلكَ، ولا يَضَعُ الشيءَ في غيرِ موضعِهِ؛ لأنَّ الدنيا والآخرةَ مِلْكٌ لَهُ، فلا يُوصَفُ بتصرُّفِهِ فيهمِا أنَّهُ ظالمٌ؛ لأنَّهُ لا يَ تصرَّفُ إلا في مُلْكِهِ. جوابٌ آخر: هو أنَّ عندَ القَدَريَّةِ هو أنَّ اللهَ تعالى أقدرَنَا على المعاصي، فإنْ جازَ أنْ يُقالَ - الشيخ: يعني: أنَّ اللهَ هو خالقُ العبادِ، وخالقُ قُدَرِهِم، اللهُ هو الذي أعطَى العبدَ القدرةَ على الفِعلِ. - القارئ: أنَّ اللهَ تعالى أقدرَنَا على المعاصي، فإنْ جازَ أنْ يُقالَ: هو ظالمٌ بإقدارِهِ إيَّانَا على ذلكَ، فكلُّ جوابٍ لهمْ عَمَّا قُلْنَاهُ هو جوابٌ لنا عَمَّا قالوهُ.
يوليو 31, 2019 مقالات 1, 187 زيارة والوكز "دفع بجمع اليد". يقول المفسرون: والوكز واللكز والنكز واللهد واحد. ويقولون: أن وكزة سيدنا موسى كانت في صدر القبطي أو على فكه. ويقولون إن وكزة سيدنا موسى كانت بيده، وبعضهم يقول بل كانت بعصاه. ويستنبط بعضهم من هذا أن سيدنا موسى كان قويًا، بحيث أن وكزته تقضي على الرجل، وليس بالعادة أن الوكزة تقتل!! وفي تأمّل آخر يمكن أن نفقه من الآية أن موت القبطي كان بقضاء مقدّر مسبق، أو أنه كان ينتظر سببه لوهنه وضعفه وتداعي بنيانه الجسماني، وإنّما كانت "وكزة" سيدنا موسى السبب المباشر لما ترتب عليها من أمور قدرية فيما بعد من خروجه من مصر إلى مدين ولقائه الرجل الصالح وزواجه من ابنته ورعيه الغنم عشر سنين، وربما كان هذا نوعًا من الصناعة الربانية، "ولتصنع على عيني" وليتعلم الرفق والأناة، ثم عودته بعد عشر سنين مرورًا بالواد المقدس. حيث خلع نعليه وجاء على قدر "وجئت على قدر يا موسى". فوكزه موسى فقضى عليه. لذلك لم يكن التعبير القرآني فوكزه موسى فقتله. فدلالة لفظ القتل أبلغ وأشد وأقسى من "فقضى عليه.. " أي أنفذ فيه حكم القضاء المقدّر المسبق. "القبطي" كان في لحظته القدرية، وكان كتاب الأجل قد أحاط به "ولكل أجل كتاب" وجاءت وكزة موسى كالقشة التي تقصم ظهر البعير كما تعودنا أن نقول.
والملمح المهم الذي نريد أن نلفت انتباه القارئ إليه في هذا الجزء من الآية الكريمة هو أن النبي موسى أكثر قوة وتحملا من الجبل، وذلك جلي في التعبير القرآني، حيث أنه لواستطاع الأقل قوة (وهو الجبل) أن يتحمل موقف التجلي الإلاهي، فإنه من المؤكد (بحسب دلالة "سوف") أن يقوم الأقوى بذلك. وتقول الفرضية المحتملة الأخرى أن الجبل أقوى من النبي موسى. ولكن لو كانت هذه الفرضية صحيحة لما تأكدت قدرة موسى عليه السلام على تحمل موقف رؤية الله تعالى حتى ولو تمكن الجبل من تحمل الموقف. وذلك لأننا نعلم أنه لو تمكن الشخص الضعيف من القيام بعمل ما، فإن الشخص القوي وبلا شك يستطيع القيام به. ولكن العكس غير صحيح، حيث أنه لو استطاع الشخص القوي أن يقوم بعمل ما، فإن ذلك لا يؤكد قدرة الشخص الضعيف على القيام بذلك العمل، رغم أن ذلك محتمل. من هنا نستنتج أن الله تعالى قد أودع في هذا النبي من القدرة ما يعينه على تبليغ الرسالة السماوية لفرعون وبني إسرائيل، مما مكنه من قتل ذلك الرجل بوكزة واحدة. ولو اعتقدنا بصحة ما توصلنا إليه (بدلالة "سوف"، من ضرورة تحقق الفعل الذي يليها، بحسب التعبير القرآني، وهو كلام عالم ما كان وما يكون وما سيكون) من أن موسى عليه السلام أقوى من الجبل، فإن ما يلي من الآية الكريمة يدعم هذا الطرح.