ومن جانب آخر نرى ـ في مجال الطب العلاجي ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر وصفات علاجية لبعض الأمراض، كالعسل وهو غذاء قيم ودواء نافع { يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} (سورة النحل/69) وقال عليه السلام: (عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن)(رواه ابن ماجه والحاكم وصححه السيوطي)، كما ذكر في الأحاديث الاستشفاء بالحبة السوداء وماء الكمأة والحجامة والكي والسناء والسَّنُّوت والقسط الهندي وألبان الإبل وأبوالها وتبريد الماء للحمى والإثمد وغير ذلك. ونرى كذلك في مجال الطب العلاجي أن الطب النبوي اعتنى عناية فائقة بالعلاج الروحي المعتمد على الاستشفاء بالقرآن الكريم والأدعية الصالحة والاستغاثة بالله سبحانه { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}(الإسراء/82) ونهانا عن الاستشفاء بالسحر أو اللجوء إلى الدجالين أو الخوف من الجن ونحو ذلك. ومن العلاج الروحي ماروي عن خالد بن الوليد رضي الله عنه أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله ما أنام الليل من الأرق، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السموات السبع وما أظلت، ورب الأرض وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت، كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعا أن يفرط عليّ أحد منهم أو يبغي عليّ، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك ولا إله إلا أنت " (رواه الترمذي عن بريدة).
كما ألف في الطب ابن أبي عاصم المتوفى (287 هـ)، وكتابه «الطب والأمراض». وألف أبو نعيم الأصبهاني، المتوفى (430 هـ) كتاباً في «الطب النبوي»، احتوى كتاب ابن السني، وأضاف إليه أشياء أخرى كثيرة، ولا زال الكتاب مخطوطاً. ثم ألف الموفق عبد اللطيف البغدادي «شرح أربعين حديثاً من سنن ابن ماجه» سمّاها: «الأربعين الطبيّة» حققه د. عبد المعطي قلعجي، وفيها تصحيفات قبيحة أسأت للكتاب، وخصوصاً لناشره ومحققه. كما ألف ابن طرخان الحموي كتاب «الأحكام النبوية في الصناعة الطبية» شرح فيه أربعين حديثاً مما اتفق عليه الشيخان من الأحاديث الواردة في الطب، وهو مطبوع بمصر. وألف الإمام ابن قيم الجوزية كتاب «الطب النبوي» ضمن كتابه الكبير \"زاد المعاد في هدى خير العباد\" طبع مؤسسة الرسالة، ثم طبع المجلد المستقل بـ«الطب النبوي» -وحده- مرات. وللإمام الذهبي كتاباً في «الطب النبوي» طبع على هامش «تسهيل المنافع»، ثم طبع مفرداً في القاهرة -مطبعة الحلبي- ثم طبع محققاً. ثم ألف الإمام السيوطي كتاباً في الطب سماه «المنهج السوي، والمنهل الروي في الطب النبوي»، بتحقيق الأهدل طبع دار أسامة. ولا زال التأليف في الطب النبوي وربطه بالطب الحديث قائماًº فهو علم تتوجه أنظار الباحثين والمهتمين إليه، ونسأل الله -تعالى- أن نرى اليوم الذي يُدرّس فيه هذا العلم في الجامعات والمعاهد، ويتخصص فيه أفراد يداوون عباد الله في عياداتهم، العامة والخاصة، وما ذلك على الله بعزيز.
بدأت عملية علاج المشاكل والأمراض الصحية منذ القدم باستخدام ما يتواجد في الطبيعة من أعشاب ونباتات، وهو ما يسمى بالتداوي بالأعشاب أو الطب البديل، وذلك لدورها الفعال في علاج المشاكل الصحية وقلة آثارها الجانبية الضارة، ثم جاء الإرث النبوي ليعزز ذلك ويتحدث لنا عن فوائد التداوي بالأعشاب ودورها في علاج الأمراض والوقاية منها. إن التداوي بالأعشاب والطب النبوي هو خيار فعال وآمن وصحي، وإلى يومنا هذا يلجأ العديد من الناس إليه ليحصلوا على علاج قوي المفعول للمشاكل والأمراض التي يعانون منها، لذلك خصصنا هذا المقال للحديث عن فوائد بعض الأعشاب الواردة في الطب النبوي. الطب النبوي ويسمى أيضًا بالطب البديل، ويقصد به استخدام النباتات الطبيعية و الأعشاب الواردة في الأحاديث النبوية والإرث النبوي للوقاية والعلاج من الكثير من الأمراض مثل أمراض القلب والجهاز الهضمي وغيرها، كما يشمل الأدعية والصلوات وقراءة القرآن الواردة للتخلص من أمراض الجسد والنفس والروح. وبالتالي فإن الطب النبوي يشمل الجانب النفسي إضافة إلى الجانب الجسدي، وذلك بحث النبي صلى الله عليه وسلم على زيارة المريض لرفع الروح المعنوية للمريض وبالتالي تسريع عملية الشفاء من المرض، وفي ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من عاد مريضًا لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع).
والله أعلم.
( اللهم إني أسألك العفو والعافية) رواه أبو داود ، ( اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء)رواه الترمذي. من أدوية العلاج النبوي العسل عن أبي سعيد الخدري ر ضي الله عنه، قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إن أخي استطلق بطنه (أصابه إسهال)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسقه عسلاً، فسقاه ثم جاءه فقال: إني سقيته عسلاً، فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة، فقال: اسقه عسلاً، فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق الله وكذب بطن أخيك، فسقاه فبرأ) رواه مسلم. وقد أثبت العلماء أن للعسل خاصية عالية في علاج كثير من الأمراض، وله من الفوائد الكثيرة العظيمة ما يجعله موصوفا بما قاله الله عز وجل: { فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} (النحل:69). ماء زمزم أشرف المياه وأعظمها قدراً، وأحبها إلى النفوس وأغلاها، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي ذر رضي الله عنه ـ وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة ليس له طعام إلا ماء زمزم: ( إنها مباركة، إنها طعام طعم) وزاد غير مسلم: ( وشفاء سِقم).
ويسمى أيضا: الودج والأوداج قال الأخطل: جاد القلال له بذات صبابة... حمراء مثل شخيبة الأوداج ⦗٢١٩⦘ ٨٤- حَدَّثَنا عبد الله بن جعفر، حَدَّثَنا يونس بن حبيب، حَدَّثَنا أبو داود، حَدَّثَنا حماد بن سلمة، عَن علي بن زيد، عَن أَبِي نضرة، عَن أَبِي سعيد قال: خطبنا رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم فقال: ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم ألم تر إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فإذا كان ذلك فالأرض الأرض. وهو القفا العلباء وفي البطن الأبحر وفي الرجل النسا وسنذكرها في مواضعها إن شاء الله.
الثاني: التبيّن من حقيقته. فإن قلتَ: فهل بينهما فرقٌ؟ فالجواب: نعم، لأنه قد يثبت الخبر، ولكن لا يُدْرى ما وجهه! ولعلنا نوضح ذلك بقصة وقعت فصولها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده ليوصل زوجته صفية رضي الله عنها إلى بيتها، فرآه رجلان، فأسرعا المسير فقال: على رسلكما إنها صفية. IMLebanon | ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ…﴾. فلو نقل ناقل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمشي مع امرأة في سواد الليل لكان صادقاً، لكنه لم يتبين حقيقة الأمر، وهذا هو التبين. وهذا مثال قد يواجهنا يومياً: فقد يرى أحدنا شخصاً دخل بيته والناس متجهون إلى المساجد لأداء صلاتهم. فلو قيل: إن فلاناً دخل بيته والصلاة قد أقيمت، لكان ذلك القول صواباً، لكن هل تبين سبب ذلك؟ وما يدريه؟! فقد يكون الرجل لتوه قدم من سفر، وقد جمَعَ جمْع تقديم فلم تجب عليه الصلاة أصلاً، أو لغير ذلك من الأعذار. وهذا مثال آخر قد يواجهنا في شهر رمضان مثلاً: قد يرى أحدنا شخصاً يشرب في نهار رمضان ماءً أو عصيراً، أو يأكل طعاماً في النهار، فلو نقل ناقل أنه رأى فلاناً من الناس يأكل أو يشرب لكان صادقاً، ولكن هل تبين حقيقة الأمر؟ قد يكون الرجل مسافراً وأفطر أول النهار فاستمر في فطره على قول طائفة من أهل العلم في إباحة ذلك، وقد يكون مريضاً، وقد يكون ناسياً،… الخ تلك الأعذار.
القاعدة السادسة والعشرون: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فهذا لقاء يتجدد مع قاعدة قرآنية عظيمة الصلة بواقع الناس، وازدادت الحاجة إلى التنويه بها في هذا العصر الذي اتسعت فيه وسائل نقل الأخبار، تلكم هي القاعدة القرآنية التي دل عليها قول الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]. وهذه القاعدة القرآنية الكريمة جاءت ضمن سياق الآداب العظيمة التي أدب الله بها عباده في سورة الحجرات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6]}. ولهذه الآية الكريمة سبب نزول توارد المفسرون على ذكره، وخلاصته أن الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه ـ سيد بني المصطلق ـ لما أسلم اتفق مع النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث له ـ في وقت اتفقا عليه ـ جابياً يأخذ منه زكاة بني المصطلق، فخرج رسولُ رسولِ صلى الله عليه وسلم لكنه خاف فرجع في منتصف الطريق، فاستغرب الحارث بن ضرار تأخر رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وفي الوقت ذاته لما رجع الرسول إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله!
qatr (د. محمود قطر _ Mahmoud Qatr) 9 2018/06/13 (أفضل إجابة) يقول الله تعالى منبهاً عباده لخطورة القيل والقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات- آية 6)
أيها القراء الكرام: وفي هذه القاعدة القرآنية دلالات أخرى، منها: 1 ـ أن خبر العدل مقبول غير مردود، اللهم إلا إن لاحت قرائن تدل على وهمه وعدم ضبطه فإنه يرد. 2 ـ "أنه سبحانه لم يأمر بردِّ خبر الفاسق وتكذيبه ورد شهادته جملةً، وإنما أمر بالتبين، فإن قامت قرائن وأدلة من خارج تدل على صدقه عمل بدليل الصدق، ولو أخبر به من أخبر"(1). اذا جاكم فاسق بنبا فتبينو. 3 ـ ومنها: أنها تضمنت ذم التسرع في إذاعة الأخبار التي يخشى من إذاعتها، ولقد عاب ربنا تبارك وتعالى هذا الصنف من الناس، كما في قوله عز وجل: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]، وقال تعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} [يونس: 39] (2). 4 ـ أن في تعليل هذا الأدب بقوله: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ما يوحي بخطورة التعجل في تلقي الأخبار عن كل أحدٍ، خصوصاً إذا ترتب على تصديق الخبر طعنٌ في أحد، أو بهتٌ له. إذا تبين هذا المعنى، فإن من المؤسف أن يجد المسلم خرقاً واضحاً من قبل كثير من المسلمين لهذه القاعدة القرآنية المحكمة: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، وازداد الأمر واتسع مع وسائل الاتصال المعاصرة كأجهزة الجوال والإنترنت وغيرها من الوسائل!