والحقيقة الظاهرة من هذا المثال الواقعي وغيره أن مجرّد توافر صفة الزمالة فيمن يتولى التحقيق مع زميل آخر له من داخل الجهة يؤثر بلا ريب في نزاهة وسلامة التحقيق، وإن افترضنا جدلاً عدالة العقوبة الموصى بإيقاعها على الموظف المتهم؛ نظراً لأن من أبجديات العدالة المتفق عليها فقهاً وقضاءً، ولا سيما عقلاً ونقلاً عدم الجمع بين صفتي الخصم والحكم فيمن يتولّى نظر القضية أو التحقيق. ولذلك قد قال الأوّلون وردّدها بعد ذلك الآخرون مقولة شعبية مشهورة: "إذا كان خصمك القاضي، فمن تُقاضي؟! ". بالإضافة إلى أنّ صفة الخصومة كذلك متحققة الوقوع لا محالة؛ بمجرد تشكيل لجنة للتحقيق مع الموظف المتهم من صاحب الصلاحية داخل الجهة؛ لأن المُكتسبين لعضويتها-بداهةً-لا يعدوا أن يكونوا ممثلين لمصلحة الجهة بالدرجة الأولى. وفي سبيل قياس مدى الأثر السلبي في ذلك بدقة عملية، فقد سألنا بعض مديري الموارد البشرية والإدارات القانونية بالجهات الحكومية عن انطباعاتهم بشأن إجراءات التحقيق داخل الجهة التابع لها الموظف، فإننا لا نكون مبالغين إن قلنا إنهم أجمعوا على رأيٍ واحدٍ أن ذلك يضعهم في دائرة الضيق والحرج مع زملاءهم المحقَّق معهم.
تُرتكب عادةً مخالفات إدارية أو ما يُطلق عليها في أوساط الفقه القانوني الإداري (جرائم إدارية) من أصغر الصغائر إلى أكبر الكبائر من جانب الموظف الحكومي. وقد تكون هذه المخالفات قد وقعت داخل أو خارج أروقة مقر العمل الحكومي، سواءً أثناء ساعات العمل أو خارجه؛ بسبب مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعمل أو غير ذلك. وبما أن الغالبية العظمى من تلك المخالفات تقوم الجهة الحكومية التابع لها الموظف المنسوبة إليه التُهمة بمباشرتها متى ما اقتنعت باحتمالية وقوعها؛ فإن طلب التحقيق مع الموظف المتهم يصدر من إدارة المتابعة أو الإدارة القانونية-بحسب الأحوال-إلى صاحب الصلاحية الذي يصدر بدوره قرارًا بتشكيل لجنة وبإحالة الموظف المتهم إلى التحقيق واستدعائه إلى طاولة الاتهام؛ للتأكُّد ما إذا كان الموظف المتهم بريئاً من التهمة-وهو الأصل الذي لا يجب على الجهة الإدارية الانفكاكُ عنه أو افتراض ما هو دونه-أو مُذنباً، بحسب ما تتوافر من أدلة أو قرائن محيطة بالقضية. وفي الافتراضية الأخيرة(أن يكون مذنبًا) تقوم اللجنة بعد إغلاق محضر التحقيق بكتابة النتائج والتوصيات إلى صاحب الصلاحية بإيقاع إحدى العقوبات الواردة على سبيل الحصر في نظام تأديب الموظفين، بمعنى أنه لا يجوز للجهة الحكومية إيقاع أية عقوبة خارج نطاق هذا النظام، وإلا كان قرارها مشوباً بعيب من عيوب أركان القرار الإداري، ومُعرَّضاً للإلغاء؛ متى ما تمت المطالبة بذلك قضاءً، مع العلم أنه صدر مؤخراً نظام جديد المسمى بنظام الانضباط الوظيفي، والذي سيدخل حيّز التنفيذ بمضي 180 يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ليأخذ مكانه مع النظام السابق ذكره.
أصدر وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، قراراً يقضي بالموافقة على اللائحة التنفيذية لنظام الانضباط الوظيفي. ونصت اللائحة التنفيذية التي أطلعت «عكاظ» على نسخة منها على أن يتم تشكيل لجنة أو أكثر في الجهة الحكومية تختص بالنظر في المخالفات التي يرتكبها الموظفون والتحقيق فيها على أن لا يتولى عضو اللجنة النظر في المخالفات أو التحقيق مع الموظف حال كان رئيسه المباشر أو تربطه به صلة قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة. كما نصت على أن وسائل إبلاغ الموظف النظامية بمثوله للتحقيق هي الرسائل النصية على هاتفه الموثق لدى الجهة الحكومية أو بريده الإلكتروني الحكومي أو حسابه المسجل في النظام الآلي الحكومي أو عنوان بريده الوطني، وللجنة أن تقوم بالتحقيق مع الموظف في مقرها فقط، ولا يجوز أن يتم التحقيق في مكان تواجده إلا إذا تعذر حضوره لأي سبب وكان التحقيق لا يحتمل الإرجاء، كما نصت اللائحة على أنه لا يجوز للموظف المحقق معه كتابة إفادته بنفسه مع إعطائه الحق في تقديم مذكره توضيحية في أوراق مستقلة وتقديم ما يشفع له من مستندات وأوراق. وأعطت اللائحة اللجنة الحق في السير في إجراءات النظر في المخالفة التأديبية عند امتناع الموظف عن الحضور بعد إبلاغه مرتين بشكل موثق ورسمي، وكذلك عند امتناعه عن إبداء أقواله، وأيضاً عند امتناعه عن التوقيع على محضر التحقيق، مع منع اللجنة المختصة في التحقيق من استخدام أساليب التهديد أو الإكراه أو الضغط على الموظف المحقق معه.
حددت دراسة حديثة خمسة معوقات يواجهها موظفو هيئة الرقابة والتحقيق العاملين في مجال التحقيق الإداري إبان مراحل إجراءات التحقيق، منها صعوبة استدعاء الموظف الحكومي المحال للتحقيق في المخالفات الإدارية، إذ يواجه المحققون أحيانا إهمالا من قبل الإدارات التي يعمل بها الموظفون المطلوبون للتحقيق، تتمثل في عدم إبلاغ الموظف المتهم بالاستدعاء الموجه له. وبحسب دراسة أعدها فايز المفيز بعنوان «معوقات إجراءات التحقيق الإداري في الجهات الحكومية» لنيل درجة الماجستير في الدراسات الأمنية من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية خلال 2016، فإن بعض الإدارات التي يعمل بها الموظفون المطلوبون للتحقيق، قد يمنحون الموظف المطلوب للتحقيق إجازات «استثنائية، أو مرضية، أو دراسية طويلة المدة» مما يحول دون التحقيق معهم في الوقت المناسب، أو نقل الموظف المطلوب للتحقيق إلى مدن بعيدة عن تلك التي وقعت بها المخالفة الإدارية أو إحالتهم إلى التقاعد. وطبقا للدراسة التي أجريت على عدد من موظفي هيئة الرقابة والتحقيق في الرياض، فقد رأى 74% من المبحوثين الذين شملهم استبيان الدراسة، بأن نظام التحقيق في المخالفات الإدارية لم يحدد مدة زمنية لإجراء تحقيق في المخالفات مما يتسبب في طول فترة التحقيق مع الموظفين الحكوميين المخالفين، إضافة إلى أن ذات النظام لم يحدد مدة زمنية لتحضير دفاع الموظف أو الجهة المخالفة الخاضعة للتحقيق ما يتسبب في طول مدة التحقيق في المخالفات الإدارية.
كما أن تفعيل ضمانات التأديب لن يكون مؤثرا إلا بوعي الموظفين بارتباط حقوقهم بها، إذ يمثل هذا الوعي الضمانة الأساسية في مواجهة تجاوزات سلطة الإدارة وتعسفها في مرحلة التحقيق.
9- أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامه, ومن كل عين لامه. 10- بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. (ثلاثا). *أحكام صلاة المريض وطهارته لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز ( رحمــــــــه الله)
آخر عُضو مُسجل هو kleifi فمرحباً به. ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى:: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 28 بتاريخ الأربعاء أغسطس 02, 2017 2:35 am الأعضاء المتواجدون في المنتدى: لا أحد لا احد يحتفل اليوم بعيد ميلاده لا احد سيحتفل بعيد ميلاده خلال 7 ايام القادمة المفتاح: [ المشرفون] مساهمات جديدة لا مساهمات جديدة منتدى مُقفل أجمل القرآت Like/Tweet/+1