[١٣] [١٤] كانت أكرم النساء مهراً اشترطت أمُّ سُليم بنت مِلحان على أبي طلحة عندما تقدَّم للزَّواج بها بأن يكون مهرها دخولهِ في الدين الإسلامي، وإعلان إسلامهِ أمام الجميع، فقبِل وتزوَّجت بهِ وأنجبت منهِ ولدين إخوة لأنس بن مالك. [١٥] وفي الحديث الشريف: (خطب أبو طلحة أم سليم فقالت والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد ولكنك رجلُ كافر وأنا امرأة مسلمة ولا يحلُ لي أنّ أتزوجك، فأن تُسلِم فذاك مهري ولا أسألك غيرهُ، فأسلم فكان ذلك مهرها، وقال ثابت ما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أم سليم الإسلام فدخل بها). [١٦] [١٥] محبة أم سليم لرسول الله أحبت أمُّ سُليم الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- حُباً كبيراً خالط منها اللَّحم والعظم، وسكن حبُّ الرَّسول في قلبها، وفي ذات يوم جاء الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى بيتها ونام عندها ومن شدة الحر أصبح عَرقه ينزل من جبينهِ بشدة، فأتت أمُّ سليم بقارورة لتضع فيها عرق الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-.
وقال ابن عبد البر اللقبين هما لأم سليم. [5] لم يرد أي شئ عن أبيها مِلْحان بن خالد غير ما ذكره صاحب الإصابة بأن النبي محمد قال « قُتل أخوها وأبوها معي » دون تحديد لقصة مقتله، وهو ما ذكره مسلم في صحيحه دون ذكر كلمة «أبوها»، [6] أما أمها مُليكة أو أُنيقة بنت مالك بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار فقد أدركت الإسلام، وأسلمت. [7] ولأم سليم من الإخوة أم حرام زوجة الصحابي عبادة بن الصامت ، التي توفيت في غزو قبرص في خلافة عثمان بن عفان. ام علي بني مالك العام. [8] [9] [10] وذكر ابن سعد في طبقاته أن لأم سليم أختاً أخرى يقال لها أم عبد الله بنت ملحان، وقال أنها أسلمت وبايعت النبي محمد ولم يزد على ذلك. [11] أما أخوتها الذكور فهم حرام وسُليم شهدا بدراً وأحداً وسرية بئر معونة وفيها قتلا. [12] [13] تزوجت أم سليم قبل إسلامها من مالك بن النضر بن ضمضم الخزرجي، فولدت له أنس. [2] أسلمت أم سليم في بدايات الدعوة إلى الإسلام في يثرب، فغضب زوجها مالك، وخرج إلى الشام وتوعدها، إلا أنه قُتل في سفره هذا. [14] ولما شبّ أنس، أخذته إلى النبي محمد ليكون له خادمًا ويتعلم منه الدين وهو ابن عشر سنين. [15] وبعد وفاة زوجها الأول، خطبها أبو طلحة الأنصاري ولم يكن وقتئذ مسلمًا، فاشترطت عليه الإسلام لتقبل به زوجًا، فقبل بذلك وانطلق إلى النبي محمد ليعلن إسلامه، [16] [17] [18] فتزوجها أبو طلحة وأنجبت له أبو عمير الذي توفي صغيرًا [19] ثم من بعده عبد الله الذي عاش حتى قُتل في فتوح فارس.
قال: فخرج مالك أبو أنس فلقيه عدوّ فقتله، فلمّا بلغها قتله قالت: لاَ جَرَم، لا أفطم أنسًا حتى يَدَع الثَّدْي حيًّا، ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، فيقول قد قضت الذي عليها، فترك الثدي، فَخَطَبَها أبو طلحة، وهو مُشرِك فأبت، فقالت له يومًا فيما تقول: أرأيت حَجَرًا تعبده لا يضرّك، ولا ينفعك أو خشبة تأتي بها النجّار، فينجرها لك هل يضرّك، هل ينفعك؟ قال: فوقع في قلبه الذي قالت، قال: فأتاها، فقال: لقد وقع في قلبي الذي قلتِ، وآمن، قالت: فإنّي أتزوّجك، ولا آخذ منك صَدَاقًا غيره. وروى محمد بن موسى، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طَلْحة أنّه قال: خَطَب أبو طَلْحة أمّ سُلَيم بنت مِلْحان وكانت أمّ سليم تقول: لا أتزوّج حتى يبلغ أنَس، ويجلس في المجالس، فيقول: جزى الله أمّي عني خيرًا لقد أحسَنَت ولايتي، فقال لها أبو طلحة: فقد جلس أنس، وتكلّم في المجالس، فقالت أمّ سُليم: أيّتهما أعطيتني تزوّجتك، إمّا أن تتابعني على ما أنا عليه أو تكتم عني فإنّي قد آمنتُ بهذا الرجل رسول الله، فقال أبو طلحة: فإنّي على مثل ما أنتِ عليه، قال: فكان الصَّدَاق بينهما الإسلام. روى قَتَادَة، عن أنس بن مالك قال: كان النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يزور أمّ سُليم أحيانًا فتدركه الصلاة فيصلّي على بساط لنا وهو حَصِير ينضحه بالماء (*).
[٥] [٩] طلبها إسلام زوجها ومهرها بعد وفاة زوجها الأول -أبو أنس بن النَّضر- قام بطلبها للزَّواج أبو طلحة الأنصاري فرفضت طلبهُ، ومن ثمَّ طلبت منه مهراً لكي تقبل الزَّواج منه؛ وهو دخولهِ في الدِّين الإسلامي وإعلان إسلامهِ؛ فقبِلَ وتزوَّج بها، وأنجبت منهُ عبد الله وأبا عُمير. [٤] [٥] فضائل أم سليم بنت ملحان غزوها مع النبي غَزت أُمُّ سُليم بنت مِلحان مع الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- عدَّة غزوات ؛ إذ كانت تُداوي الجرحى، وتُعالج المرضى، وحضرت مع الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- غزوة حُنين وكانت تحمل معها خنجراً، وقالت للرَّسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- إن دنا مني مُشرك بقرت -شَققتُ- بطنهُ به، ومن الجدير بالذِّكر أنَّ الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان يُقِيلُ -يستريح- عندها فكانت -رضي الله عنها- تمسح عرق الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- فتتطيّب بهِ، وحضرت معهُ غزوة خيبر في السنة السابعة للهجرة. [١٠] [١١] خبر النبي عنها أنه رآها في الجنة أخبر الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- أُمُّ سُليم بنت مِلحان بأنَّها من أهل الجنَّة عند حضورها إحدى الغزوات مع الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، إذ روى البخاري بإسنادهِ إلى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة)، [١٢] كما أنَّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- رآها في الجنَّة وسمع صوت مشيها؛ إذ جاء في الحديث الشَّريف: (دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت: من هذا؟ قالوا: هذه الغميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك).
- أوّلاً: البيع: قال تعالى: (أحَلَّ اللهُ البَيْعَ) (البقرة/ 275). التطبيق الحياتي: البيع لا يكون إلا لحاجةٍ، فمَن يشتري طعاماً أو أيّ شيء يصون به حياته وجسده فهو بيع، وهو معاوضة: تدفع مالاً لتشتري حاجة أو سلعة أو خدمة، ولا غُبن فيه. فالبيع مُباح لأنّه تمليك مال بمال وعن تراضٍ بين البائع والمشتري، وهو محور الحركة الإقتصادية في أيِّ بلد. والسؤال: هل كل شيءٍ يجوز بيعه وشراؤه؟ الجواب: إن حلِّيّة البيع مُقيّدة ومشروطة، وليست مطلقة، فهناك أمور لا يجوز، بل يحرم بيعها وشراؤها، مثل: (المسكرات) كالبيرة والخمر والمخدّرات، و(الأعيان النّجسة) كالكلب والخنزير والميتة، و(آلات الحرام) كالأصنام وآلات القمار وآلات الموسيقى المثيرة للشّهوات. و احل الله البيع و حرم الربا. والسؤال الآخر: هل يجوز لي كبائع أن أحتكر سلعتي فأمنع الناس من الانتفاع بها؟ الجواب: الإحتكار محرّم؛ لأنّه حبس السلعة الضرورية والامتناع عن بيعها بهدف انتظار زيادة قيمتها، مع حاجة المسلمين ومَن يلحق بهم من سائر النفوس المحترمة إليها، بحيث يوجب فقدها وقوع الناس في المهالك والآلام والحرج الشديد. وكما لا يجوز الاحتكار، لا يجوز (الغشّ) في السلعة، وذلك بخلط الرديء مع الجيِّد وإيهام المشتري بأنّه كلّه جيِّد، وإخراج المسلم الغاش من أهل الإسلام وإن كان إخراجاً معنوياً، كما في الحديث: "ليسَ منّا مَن غَشّ".
إلا أنّه تشديد على ضرورة النُّصح والإخلاص لعامّة الناس وخاصّة المسلمين في البيع، حتّى يسود جوّ من الثِّقة بين البائع والشّاري، ولذلك تفاصيله في كتب الفقه ممّا لا يسع المجال هنا للإستطراد فيه. - ثانياً: الإشهاد على التبايع (توثيق المعاملات الماليّة): قال تعالى: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) (البقرة/ 282). التطبيق الحياتي: أخطر ما يواجه الناس في حقل المعاملات المالية هو الخداع والنّصب والإحتيال، فهم ضحايا الغفلة، أو الدِّعاية المُغرية، أو تشغيل الأموال بأرباحٍ فاحشةٍ ثمّ يُصعَقوا بهروب المستثمر، أو خسارة صفقاته الوهميّة. ولأجل حماية الإنسان المؤمن من أن يكون ضحيّة التلاعب بأمواله، يُقرِّر القرآن ضرورة توثيق المعاملات الماليّة وإثباتها والإشهاد عليها، فقد يتنصّل المَدِين ذمّته، إذا لم يكن للدّائِن أي مستند عليه. احل الله البيع وحرم الربا. هنا منهجٌ عملي يلحظ سقطات وأخطاء الناس الكبرى في مجال الثِّقة غير المدعومة بدليل مكتوب، أو شهادة مدوّنة، أو رهن مُعيّن يكفل استرداد الحقّ. وقد يقول أحدهم: لقد أودعتُ مالي عند مؤمنٍ صائمٍ مُصَلٍّ حاجٍّ لبيتِ الله. وكأنّ هذه ضمانات كافية لعدم التحايل أو خيانة الأمانة: (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ) (آل عمران/ 75).
زِنْ وأرجِح"! - رابعاً: أكل السُّحْت: قال تعالى: (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (المائدة/ 42). التطبيق الحياتي: السّحت: الممنوع الذي يُسحِتُ دينَ صاحبه ومروءته فلا يُبقي منهما شيئاً، وسُمِّيَ الحرام سُحتاً؛ لأنّه يقطع البركة ويمحقها، وسُمِّيت الرشوةُ سُحتاً لهذا السبب. ورُوي أنّ النبي (ص) عرّف السحت بأنّه: الرّشوة في الحُكْم ومهر البغيّ، ولعلّ تلك مصاديق لأكل السحت، الذي هو الحرام الخسيس الذي لا يكون فيه بركة ويُعيّر به الإنسان. وقفات مع القاعدة القرآنية: وأحل الله البيع وحرم الربا. وزبدة ما نفهمه من النهي عن أكل السحت أو المال الحرام، هو أنّ الإسلام يريد لك أن تكسب طيِّباً، وتأكل طيِّباً، وتُنفِق طيِّباً، ولا يكون ذلك إلا من وجوه الكسب المُشرِّف والمشروع، ومن كلّ ما لا يتسبّب في أضرار إجتماعية. إنّ كثيراً من الأعمال التي يحرم أخذ الأجرة عليها والتكسّب بها، كالغناء والرّقص والدعارة، والسمر والشّعوذة، خاصّة مع إضرارها بالغير، والمندَل (الإخبار عن المغيّبات)، واللعب بآلات القمار مع المراهنة، وغير ذلك.
بيع الغرر؛ وهو بيع الشيء الذي لا تعلم حقيقته وباطنه، مثل بيع السمك في الماء، أو الطير في الهواء. بيع الغشّ؛ وهو البيع المُشتمل على أيِّ نوعٍ من أنواع الغشِّ، كوجود عيبٍ في المبيع أو غبنٍ في الثَّمن أو نحو ذلك. تلقّي الرُكبان؛ ومعناه التعرُّض لمن يأتي بسلعةٍ إلى السوق حتى يبعيها، فيُخبره أنَّ السوق كاسدٌ ليشتري منه السلعة بخسارةٍ، ثمَّ يبيعها هو بما يُريد من المال. قال تعالى واحل الله البيع احل ضد حرم. بيع المُحتكر؛ أي امتناع أحد الباعة من عرض السلعة التي لديه في السوق إلى حين فُقدانها، وارتفاع ثمنها. البيع على البيع أو السوم على السوم؛ ومعناه قيام الإنسان بإغراء المشتري أثناء مدَّة الخيار أن يفسخ البيع، ويُلغيه مُقابل أن يبيعه سلعةً أجود أو بسعرٍ أقل، ويكون كذلك بإغراء البائع بفسخ البيع مُقابل أن يشتري منه السلعة بسعرٍ أعلى. بيع النّجَش؛ ومعناه أن يزيد شخص في سعر السلعة المعروضة للبيع دون أن ينوي شراءها، وإنَّما ليغترَّ النَّاس بشرائها بأكثر من سعرها الحقيقي؛ فلا يجوز هذا البيع؛ لتغريره بالمشتري. آداب البيع في الإسلام للبيع في الإسلام آدابٌ عديدةٌ، منها ما يأتي: [١٢] [١٣] أن يُحبُّ الإنسان لأخيه ما يُحبُّه لنفسه. أن يكون الرِّبح من البيع مقبولاً وليس فاحشاً.
... صفحات أخرى من الفصل: كتاب البيع الاستدلال بقوله تعالى: (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ) أقول: بعد أنْ ثبت أن المعاطاة بيع، وأنّ إنكار كونها بيعاً مكابرة، فإنها تكون صغرى لكبرى قوله تعالى (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)، و«الحليّة» هذه بمعنى الترخيص، وفي مقابلها الحرمة وهي المنع وعدم الرّخصة، وهي الحليّة التكليفية، والبيع عبارة عن: إنشاء تمليك عين بمال، كما تقدَّم، فيكون معنى الآية: أحلّ اللّه التصرّفات المترتّبة على البيع، فيعمّ المتوقفة على الملك، وتدلُّ بالإلتزام على أنّ البيع يوجب التمليك، لأن تحليل التصرّفات مستلزم لأن يكون بيعاً والمعاطاة بيع، فهي تفيد التمليك من أوّل الأمر. والحاصل: إنّه لمّا كانت الحليّة تكليفيّة وهي لا تتعلّق بالبيع، فلابدّ من تقدير «التصرف»، فدلّت الآية على أنّ التمليك المالكي ووجود الملكية مرخّص فيه شرعاً. هذا تقريب الاستدلال بناءً على ما استظهره الشّيخ منها، وإنْ قال بالتالي: فالأولى حينئذ التمسّك في المطلب بأنّ المتبادر عرفاً من حلّ البيع صحّته شرعاً. لماذا احل الله البيع – البسيط. لكنْ لقائل أن يقول بعدم وفاء الاستدلال على ما ذكر بالمدّعى، لأنّ غاية ما تدل عليه الآية هو الترخيص في البيع، فمن أين يثبت الإطلاق في البيع ليعمّ المعاطاة، وهو متوقّف على كون الآية في مقام بيان الحكم الفعلي، وإذا كانت في مقام التشريع فهي مجملة، والقدر المتيقّن ما كان بالصّيغة؟ ويمكن الجواب: بأنّ الظهور الأوّلي للقضايا المتعلّقة بالأحكام في الكتاب والسنّة، أنْ تكون لبيان الحكم الفعلي، إلاّ إذا قامت القرينة على كونها للحكم للتشريعي، وعلى هذا الظهور تتحكّم أصالة الإطلاق.
ويشهد بذلك الأخبار الواردة في ذيلها(4). أللّهم إلاّ أن يقال: بأنّ الحليّة والحرمة وإنْ كانتا ظاهرتين في التكليفيّة، إلاّ أنهما إذا تعلّقتا بأمر اعتباري، كان لهما ظهور ثانويّ في الوضع ـ كما هو الحال في الأوامر والنواهي المتعلّقة بالمركّبات كالصّلاة، فإنها تكون ظاهرةً في الجزئيّة والمانعيّة ـ لكنْ فيه: إنّ ذلك أوّل الكلام، بل الألفاظ والخطابات باقية على ظهورها الأوّلي، إلاّ إذا قامت القرينة. الاستدلال بقوله تعالى: (أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ). وذهب المحقق الإصفهاني إلى أنّها وضعيّة ببيان آخر وهو: إن الآية تدلّ بالمطابقة على الصحّة، نظراً إلى أنّ الحليّة أمر يناسب التكليف والوضع، ولذا ورد في باب الصّلاة: «حلّت الصّلاة فيه» أي جازت ووقعت في محلّها، فالحليّة منسوبة إلى نفس البيع بما هو تسبّب إلى الملكيّة، والمراد ـ واللّه أعلم ـ أنه تعالى أحلّه محلّه وأقرّه مقرّه ولم يجعله كالقمار بحكم العدم. وأمّا جعله من الحَلّ في قبال الشدّ، بمعنى أنه لم يصد عنه وجعله مرخى العنان في تأثيره، فغير وجيه، لأن الحلّ في قبال الشدّ يتعدّى بنفسه، بخلاف أحلّ من الحلول. والمراد من دلالة الآية بالمطابقة في كلامه وجعله محلّ التأمّل هذا الوجه، الذي مرجعه إلى إرادة الوضع من الحلية دون التكليف»(5).