الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واستقيموا كما أمركم الله والاستقامة هي لزوم الصراط المستقيم والدوام عليه حتى يلقى العبد ربه فأساس الاستقامة وأصلها الاستقامة على التوحيد واجتناب الشرك قال أبو بكر الصديق في تفسير قوله تعالى (ثم استقاموا) قال: "هم الذين لم يشركوا به شيئاً" وقال ابن عباس: "استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله". وقال مقاتل: " لا تخلطوا التوحيد بشك". فالتوحيد هو أصل الاستقامة ولا تنفع الطاعات بلا توحيد كما لا تنفع الصلاة بلا طهارة. فصرف العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر مفسد مبطل متلف للتوحيد أعاذنا الله وإياكم من الشرك كله صغيره وكبيره وواضحه وخفيّه. ثم الاستقامة على فعل الواجبات وترك المعاصي والمحرمات وهذه استقامة واجبة وهي درجة المقتصدين. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة بالجنة. ثم الاستقامة على ذلك مع الاستقامة على فعل النوافل والمستحبات وترك المكروهات والمشتبهات وهذه درجة السابقين. وهم أعلى رتب أهل الاستقامة. قال عمر رضي الله عنه على المنبر: " اسْتَقَامُوا وَاللَّهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ لِطَاعَتِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْغُوَا رَوَغَانَ الثَّعَالِبِ" وقال الحسن: "اسْتَقَامُوا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ فَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ وَاجْتَنَبُوا مَعْصِيَتَهُ" وقال الفضيل: " زَهِدُوا فِي الْفَانِيَةِ وَرَغِبُوا فِي الْبَاقِيَةِ" إخوة الإيمان: إذا كان أهل الاستقامة في الدنيا ليسوا على درجة واحدة في الاستقامة فثوابهم عند الله يوم القيامة كذلك ليس على درجة واحدة فكلما كانت الاستقامة أكمل كان الثواب والنعيم أعظم.
وسمعت أن القارئ قرأ في مجلس العبادي هذه الآية ، فقال العبادي: والقيامة في القيامة ، بقدر الاستقامة ، إذا عرفت هذا فنقول: قوله تعالى: ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) ليس المراد منه القول باللسان فقط لأن ذلك لا يفيد الاستقامة ، فلما ذكر عقيب ذلك القول الاستقامة علمنا أن ذلك القول كان مقرونا باليقين التام والمعرفة الحقيقية ، إذا عرفت هذا فنقول: في الاستقامة قولان: أحدهما: أن المراد منه الاستقامة في الدين والتوحيد والمعرفة. الثاني: أن المراد منه الاستقامة في الأعمال الصالحة. أما على القول الأول ففيه عبارات: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ثم استقاموا أي لم يلتفتوا إلى إله غيره ، قال ابن عباس في بعض الروايات: هذه الآية نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ، وذلك أن أبا بكر رضي الله عنه وقع في أنواع شديدة من البلاء والمحنة ولم يتغير البتة عن دينه ، فكان هو الذي قال: ( ربنا الله) وبقي مستقيما عليه لم يتغير بسبب من الأسباب.
الإعراب: الواو استئنافيّة (لا) نافية الواو عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي، (بالتي) متعلّق ب (ادفع) الفاء تعليليّة (إذا) فجائية (الذي) مبتدأ (بينك) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (بينه) ظرف متعلّق بما تعلّق به الأول فهو معطوف عليه (عداوة) مبتدأ مؤخّر مرفوع. جملة: (لا تستوي الحسنة) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (ادفع) لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: (هي أحسن) لا محلّ لها صلة الموصول (التي). وجملة: (الذي بينك عداوة) لا محلّ لها تعليليّة. وجملة: (بينك وبينه عداوة) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي). وجملة: (كأنّه وليّ) في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذي). (35) الواو عاطفة في الموضعين (ما) نافية (إلّا) للحصر (الذين) موصول في محلّ رفع نائب الفاعل ومثله (ذو)، وجملة: (ما يلقّاها) لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تستوي الحسنة. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة بنظم قصيدة معروفة. وجملة: (صبروا) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين). وجملة: (ما يلقّاها) الثانية لا محلّ لها معطوفة على جملة ما يلقّاها (الأولى).. إعراب الآية رقم (36): {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}. الإعراب: الواو عاطفة (إمّا) حرف شرط جازم، و(ما) زائدة (ينزغنّك) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، والنون للتوكيد، والكاف مفعول به (من الشيطان) متعلّق بحال من الفاعل (نزغ) الفاء رابطة لجواب الشرط (باللّه) متعلّق ب (استعذ)، (هو) ضمير أستعير لمحلّ النصب لتوكيد اسم (إنّ)، (العليم) خبر ثان مرفوع.
وقوله تعالى في هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) بهاتين الجملتين يتلخص معنى الدين والإسلام، فهما جملتان قصيرتان، لكنهما كبيرتان في معناهما، وقد جمعتا مفهوم الدين والإسلام والرسالات السماوية ورسمتا منهجا كاملا دقيقا لسلوك المسلم في حياته، فما أعظم كلام اللّه وما أبعد مداه!. إعراب الآية رقم (33): {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}. الإعراب: الواو استئنافيّة (من) اسم استفهام مبتدأ خبره أحسن (قولا) تمييز منصوب (ممّن) متعلّق بأحسن (إلى اللّه) متعلّق ب (دعا)، الواو عاطفة- أو حاليّة- والثانية عاطفة (صالحا) مفعول به منصوب، (من المسلمين) متعلّق بخبر إنّ. ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة التي تحيط بالإنسان. جملة: (من أحسن) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (دعا) لا محلّ لها صلة الموصول (من). وجملة: (عمل) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة. وجملة: (قال) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة. وجملة: (إنّني من المسلمين) في محلّ نصب مقول القول.. إعراب الآيات (34- 35): {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}.
وجملة: (لكم فيها ما تشتهي) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة. وجملة: (لكم فيها ما تدّعون) لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة. وجملة: (تشتهي) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول. وجملة: (تدّعون) لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني. ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا .. ). (32) (نزلا) حال منصوبة من العائد المحذوف أي تدّعونه نزلا، (من غفور) متعلّق بنعت ل (نزلا). الفوائد: الاستقامة: قال أهل التحقيق: كمال الإنسان أن يعرف الحق لذاته لأجل العمل به، ورأس المعرفة اليقينية معرفة اللّه تعالى، وإليه الإشارة بقوله إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ، ورأس الأعمال الصالحة أن يكون الإنسان مستقيما في الوسط، غير مائل إلى طرفي الإفراط والتفريط، فتكون الاستقامة في أمر الدين والتوحيد، وتكون في الأعمال الصالحة. سئل أبو بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه عن الاستقامة فقال: أن لا تشرك باللّه شيئا، وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب، وقال عثمان رضي اللّه تعالى عنه: معنى استقاموا: أخلصوا في العمل، وقال علي رضي اللّه تعالى عنه: معنى استقاموا أدوا الفرائض، وهو قول ابن عباس، وقيل: استقاموا على أمر اللّه فعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه، وقيل: استقاموا على شهادة أن لا إله إلا اللّه حتى لحقوا باللّه، وكان الحسن إذا تلا هذه الآية قال: اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة.
وافتتاح الجملة بحرف التوكيد منظور فيه إلى إنكار المشركين ذلك ، ففي توكيد الخبر زيادة قمع لهم. ومعنى { قالوا ربُّنا الله} أنهم صدعوا بذلك ولم يخشَوا أحداً بإعلانهم التوحيد ، فقولُهم تصريح بما في اعتقادهم لأن المراد بهم قالوا ذلك عن اعتقاد ، فإن الأصل في الكلام الصدق وهو مطابقة الخبر الواقع وما في الوجود الخارجي. وقوله: { رَبُّنَا الله} يفيد الحصر بتعريف المسند إليه والمسند ، أي لا ربّ لنا إلا الله ، وذلك جامع لأصل الاعتقادِ الحق لأن الإِقرار بالتوحيد يزيل المانع من تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به إذ لم يصُدَّ المشركين عن الإِيمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه أمرهم بنبذ عبادة غير الله ، ولأن التكذيب بالبعث تلقوه من دعاة الشرك. والاستقامة حقيقتها: عدم الاعوجاج والميللِ ، والسين والتاء فيها للمبالغة في التقوّم ، فحقيقة استقام: استقَل غير مائل ولا منحن. وتطلق الاستقامة بوجه الاستعارة على ما يجمع معنى حسن العمل والسيرة على الحق والصدق قال تعالى: { فاسْتَقِيموا إليه واستَغْفروه} [ فصلت: 6] وقال: { فاستقم كما أمرت} [ هود: 112] ، ويقال: استقامت البلاد للملك ، أي أطاعت ، ومنه قوله تعالى: { فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} [ التوبة: 7].
تنظم دار الإفتاء المصرية احتفالًا رسميًّا وشعبيًّا كبيرًا مساء غد الجمعة بقاعة الاحتفالات الكبرى بمركز مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، بمناسبة استطلاع هلال شهر رمضان المبارك وإعلان نتائج الرؤية الشرعية، وما توصلت إليه لجانها الشرعية والعلمية المنتشرة في محافظات الجمهورية. ويحضر الحفلَ السيد اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، نائبًا عن السيد رئيس الجمهورية، والأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، نائبًا عن رئيس مجلس الوزراء، وفضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، نائبًا عن شيخ الأزهر، والمستشار عمر مروان، وزير العدل، وأصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية، ومفتي الجمهورية السابق والأسبق، ونقيب الأشراف، وشيخ مشايخ الطرق الصوفية، وعدد كبير من القيادات السياسية والشعبية والتنفيذية وسفراء الدول العربية والإسلامية. وبهذه المناسبة صرح فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية - بأنه تم الانتهاء من كافة الاستعدادات لاستطلاع هلال شهر رمضان الكريم، مؤكدًا ضرورة الالتزام بإعلان دار الإفتاء فيما يتعلق بالرؤية الشرعية لأهلَّة الشهور الهجرية وعدم الإعلان قبل التوقيت المحدد؛ تجنبًا لحدوث أي بَلبلة قد تحدث بين الناس جراء ذلك.
وتتولى الهيئة إبداء الرأي فيما يحال إليها من ولي الأمر من أجل بحثه، وتكوين الرأي المستند إلى الأدلة الشرعية فيه، كما تقوم بالتوصية في القضايا الدينية المتعلقة بتقرير أحكام عامة؛ ليسترشد بها ولي الأمر، وذلك بناء على بحوث يجرى تهيئتها وإعدادها طبقاً لما نص عليه الأمر المشار إليه، واللائحة المرافقة له. ويتفرع عن الهيئة لجنة دائمة متفرغة أختير أعضاؤها من بين أعضاء الهيئة بأمر ملكي، وتكون مهمتها:إعداد البحوث وتهيئتها للمناقشة من قبل الهيئة، وإصدار الفتاوى في الشؤون الفردية، وذلك بالإجابة عن أسئلة المستفتين في شؤون العقائد والعبادات والمعاملات الشخصية، وتسمى(اللجنة الدائمة للبحوث والفتوى) ويلحق بها عدد من البحاث. وقد نص المرسوم أن يعين بقرار من مجلس الوزراء أمين عام للهيئة يتولى الإشراف على جهاز الأمانة، ويكون الصلة بينها وبين رئاسة البحوث العلمية والإفتاء.
– في 1991 م صدر أمر ملكي بتعيين عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتيا عاما للمملكة العربية السعودية ورئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء. – و في 1995 م صدر أمر ملكي بتعيين عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ بوظيفة نائب المفتي العام لشؤون الإفتاء بمرتبة وزير. – في 1999 صدر أمر ملكي بتعيين عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتيا عاما للمملكة العربية السعودية ورئيسا لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بعد وفاة عبد العزيز بن باز. اعضاء هييه كبار العلماء بالازهر اليوم. – في 26 مارس 2001 صدر أمر ملكي بتعيين كل من صالح بن عبد الله بن حميد، أحمد بن على سير مباركي ، عبد الله بن على الركبان و عبد الله بن محمد المطلق كأعضاء في الهيئة ، و في نفس السنة تم تعيين أعضاء متفرغين في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء المتفرعة من الهيئة وهم أحمد بن على سير مباركي،عبد الله بن على الركبان و عبد الله بن محمد المطلق ، وفي نفس العام صدر أمر ملكي ينص بأن لا يقل عدد أعضاء هيئة كبار العلماء عن أحد عشر عضوا ولا يزيد عن واحد وعشرين عضوا، باستثناء رئيس الهيئة، ولا تزيد مدة العضوية في الهيئة عن أربع سنوات مالم يصدر أمر ملكي بتمديدها.