بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحَزَن، ونعوذ بك من العجز والكسل، ونعوذ بك من الجبن والبخل، ونعوذ بك من غلبة الدَّين وقهر الرجال. نعني بالحدود الإسلامية: العقوبات التي شَرَعها الإسلام على الجناة؛ كقطع يد السارق، وجلد الزاني أو رجمه. ويشيع الغربيُّون أن هذه الحدود قاسية، وهذا كلامٌ يصدر منهم إما عن سوء نية، وإما عن جهلهم بالحقائق الآتية: أولاها: يتصور الغربيون أنه إذا حكم الإسلامُ بلادهم، وطبِّقت فيهم حدودُه، لَحَكَم على رجالهم ونسائهم جميعًا إما بقطع أيديهم أو جلدهم أو رجمهم؛ لأن شرب الخمر والسرقة والقتل والزنا شائعٌ عندهم، ولا تمر ساعة دون أن يُرتَكب خلالها عشراتُ الجرائم، والحقيقة أن الإسلام إذا حكم مثل هذه المجتمعات، فإنه لا يبدأ بتطبيق حدوده فيها إلا بعد تحويلها إلى مجتمعات إسلامية، يربَّى أفرادها على العفة، ثم يزيل دافع كل رذيلة. كم عدد الحدود في الاسلام مع ذكرها واحكامها. فالإسلام ينفِّذ حدوده في المجتمع الذي ينشئه هو، الذي تندُرُ فيه الجريمة، ولا ينفِّذها في المجتمعات التي ينشئها نظام آخر، التي تشيع وتطغى فيها الجرائمُ. من هذه الحدود مثلاً أن حكم المحصَن المتزوِّج إذا زنا الرجمُ، وكذلك المحصنة المتزوجة إذا زنتْ، أما حكم الأعزب غير المتزوج والعزباء غير المتزوجة، فهو الجلد مائة جلدة، قال الله - تعالى -: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2].
فسنوياً يتم إجهاض مليون طفل غير مرغوب فيهم في أمريكا وحدها! وهذا من بلايا الزنا وتبعاته! لكن هذه الأجنة لا تملك منظمات حقوقية ولا أبواق إعلامية فتم التراضي على إزهاقها في صمتٍ تام. الأصل هو حماية المجتمع وليس إزهاق الأنفس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليتب إلى الله وليستتر بستر الله تعالى". والنبي صلى الله عليه وسلم حين طرد ماعزاً الذي جاء معترفاً بالزنا ثلاث مرات، كل مرة يطرده ويرده إلى رحله. وقال للغامدية التي جائت معترفة بالزنا والحديث في صحيح مسلم: "ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ". فالذي يتوب إلى الله فلا مشكلة للمجتمع معه، فقد كفي المجتمع شره. ومثل هذا لو جاء للقاضي طلباً لإقامة الحد فالقاضي يعرض عنه ويطرده. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "اطردوا المعترفين". وفي سنن أبي داوود أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن رد المرأة الغامدية عادت فقال لها أرجعي. فرجعت، فلما كان الغد أتته، فقالت: لعلك أن تردني كما رددت ماعز بن مالك! الحدود في الإسلامية. فوالله إني لحبلى. فقال لها: "ارجعي" فرجعت، فلما كان الغد أتته، فقال لها: "ارجعي حتى تلدي فرجعت"، فلما ولدت أتته بالصبي فقالت: هذا قد ولدته، فقال لها: "ارجعي فأرضعيه حتى تفطميه".
القضية ليست لمجرد السرقة بل لما يقترن بها. ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُقْطَعُ الْخَائِنُ وَلَا الْمُنْتَهِبُ وَلَا الْمُخْتَلِسُ". فحد السرقة ليس لمجرد أخذ المال وإنما لما يترتب على السرقة من جناية قد تُعرض للقتل وارتكاب أكبر الجرائم. فلو انتهب إنسان شيء مما في يده كالحارس والخازن فلا قطع عليه. ولو سرق إنسان ثمر من شجر فلا قطع عليه: " لا قطع في ثمرٍ ولا كثر ". وفي موطأ الإمام مالك بسند مرسلٍ صحيح: " لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل ". وحريسة الجبل الماشية التي تحرس في الجبل راعية فالجبل ليس بحرز لها يمنعها. والله أعلم. وفي السنن الكبرى للبيهقي قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ليس على من سرق من بيت المال قطع". فليست القضية لمجرد السرقة وإلا لقُطعت يد الذي ينتهب والذي يختلس والذي يخون. لكن لما كان غالب حال هؤلاء الثلاثة أنهم يقومون بجريمتهم دون تعريض أرواح الآمنين للخطر، لم تقترن بحد. الحدود في الإسلام pdf. ولما كانت سرقة الثمر وحريسة الجبل مع ارتفاع ثمنها بعيدة عن تعريض الآمنين لخطر السارق لم يقم الحد. وعن ابن أبي ليلى في رجل سرق من الكعبة قال: "ليس عليه قطع". ولو سرق إنسان وأتى مُقراً بجريمته فهل تُقطع يده؟ الجواب: القاضي يطرده!
الأعمال التي توجب الحدود من بين الحدود التي وضعتها الشّريعة الإسلامية في مجال العقوبات حدّ الزّنا، والسّرقة، وقذف المحصنات الغافلات، وحدّ شرب الخمر، وهذه الحدود لا مَجال للشّفاعة فيها إذا ما وصل أمرها للحاكم؛ لقول النّبي عليه الصّلاة والسّلام (وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّدٍ سرقَت لقطعتُ يدها) [صحيح بخاري ومسلم].
المحاربون الساعون في الارض بالفساد: المضربون لنيران الفتن، المزعجون لأمن الناس في الطرق وغيرها، المثيرون للاضطرابات، فلا أقل من أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الارض. أحكام عامة في الحدود - إسلام ويب - مركز الفتوى. الخمر: والخمر تفقد الشارب عقله ورشده، وإذا فقد الانسان رشده وعقله ارتكب كل حماقة وفحش، فإذا جلد كان جلده مانعا له من المعاودة من جانب، ورادعا لغيره من اقتراف مثل جريرته من جانب آخر. المرتد: فالإسلام منهج كامل للحياة فهو: دين ودولة، وعبادة، وقيادة، ومصحف وسيف، وروح ومادة، ودنيا وآخرة، وهو مبني على العقل والمنطق، وقائم على الدليل والبرهان، وليس في عقيدته ولا شريعته ما يصادم فطرة الانسان أو يقف حائلا دون الوصول إلى كماله المادي والأدبي - ومن دخل فيه عرف حقيقته، وذاق حلاوته، فإذا خرج منه وارتد عنه بعد دخوله فيه وإدراكه له، كان في الواقع خارجا على الحق والمنطق، ومتنكرا للدليل والبرهان، وحائدا عن العقل السليم، والفطرة المستقيمة، صاحب هوى، وفي قلبه مرض أيما مرض، فهو سرطان خبيث يستشري في جسد الأمة السليم. والانسان حين يصل إلى هذا المستوى يكون قد ارتد إلى أقصى دركات الانحطاط، ووصل إلى الغاية من الانحدار والهبوط، ومثل هذا الانسان لا ينبغي المحافظة على حياته، ولا الحرص على بقائه - لأن حياته ليست لها غاية كريمة ولا مقصد نبيل.
وسؤالي هو: عن الملحد أو المرتد عن دين الله؛ فقد قرأت في أحد المواقع أن إقامة الحدِّ على الذنب الذي شرع فيه الحد؛ يكفِّر الذنب وما يترتب عليه من إثم.
فأعطاه رسول الله، ففتح الله عليه [8]. عن سلمة بن الأكوع: أن رجلاً أكل عند رسول الله بشماله، فقال: "كل بيمينك". قال: لا أستطيع. قال: "لا استطعت، ما منعه إلا الكبر". قال: فما رفعها إلى فيه [9]. وفاة سلمة بن الأكوع: توفي سلمة بن الأكوع t بالمدينة سنة أربع وسبعين من الهجرة، وهو ابن ثمانين سنة [10]. [1] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/81. [2] رواه ابن ماجه في سننه (1430)، 1/459. قال الألباني: صحيح. [3] رواه أبو داود: باب كيف الرقى (3896)، 4/18. قال الألباني: صحيح. [4] ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 1/1359. [5] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت (2800)، 3/1081. [6] الهيثمي: مجمع الزوائد (9294)، 5/461. [7] رواه البخاري: باب إذا نوى بالنهار صومًا (1824)، 2/679. [8] رواه البخاري: باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي (3499)، 3/1357. [9] رواه مسلم: باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (5387)، 6/109. [10] الحاكم: المستدرك (6383)، 3/649.
أراد ابنه أيّاس أن يلخص فضائله في عبارة واحدة. فقال: " ماكذب أبي قط"..!! وحسب إنسان أن يحرز هذه الفضيلة, ليأخذ مكانه العالي بين الأبرار والصالحين. ولقد أحرزها سلمة بن الأكوع وهو جدير بها.. كان سلمة من رماة العرب المعدودين, وكان كذلك من المبرزين في الشجاعة والكرم وفعل الخيرات. وحين أسلم نفسه للإسلام, أسلمها صادقا منيبا, فصاغها الإسلام على نسقه العظيم. وسلمة بن الأكوع من أصحاب بيعة الرضوان. حين خرج الرسول وأصحابه عام ست من الهجرة, قاصدين زيارة البيت الحرام, وتصدّت لهم قريش تمنعهم. أرسل النبي إليهم عثمان بن عفان ليخبرهم أن النبي جاء زائرا لا مقاتلا.. وفي انتظار عودة عثمان, سرت إشاعة بأن قريشا قد قتلته, وجلس الرسول في ظل الشجرة يتلقى بيهة أصحابه واحدا واحدا على الموت.. يقول سلمة: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت تحت الشجرة,. ثم تنحيّت, فلما خف الناس قال يا سلمة مالك لا تبايع.. ؟ قلت: قد بايعت ي رسول الله, قال: وأيضا.. فبايعته". ولقد وفى بالبيعة خير وفاء. بل وفى بها قبل أن يعطيها, منذ شهد أن لا اله إلا الله, وأن محمدا رسول الله.. يقول: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع زيد بن حارثة تسع غزوات".
قال: وجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في الناس فقلتُ: يا رسول الله إنّ القومّ عِطاش، أعجلناهم أن يستقوا لِشَفَتِهم، فقال: "يا بن الأكوع مَلَكْتَ فأسْجِحْ، إنهم الآن في غطفان يُقْرَوْنَ". قال: وأردفني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خلفه (*). قال: أخبرنا الضّحّاك بن مخلد، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يوم الحُديبية تحت الشجرة. قال ثمّ تنحّيتُ فلمّا خفّ الناس قال: "يا سَلَمة ما لك لا تبايع؟" قلت: قد بايعتُ يارسول الله، قال: "وأيضًا" ، قال: فبايعته. قلتُ على ما بايعتموه يا أبا مسلم؟ قال: على الموت (*))) ((قال محمد بن عمر: وقد روى سلمة عن أبي بكر وعمر وعثمان. ((نزل المدينة، ثم تحوَّل إلى الرَّبذَة بعد قَتْل عثمان، وتزوّج بها ووُلد له، حتى كان قبل أن يموتَ بليال نزل إلى المدينة فمات بها، رواه البخاريّ؛ وكان ذلك سنة أربع وسبعين على الصَّحيح. وقيل: مات سنة أربع وستين. وزعم الواقديّ ومَنْ تبعه أنه عاش ثمانين سنة؛ وهو على القول الأول باطل؛ إذ يلزم منه أن يكون له في الحديبية نحو من عشر سنين ومَنْ يكون في تلك السنّ لا يبايع على الموت. ثم رأيت عند ابن سعد أنه مات في آخر خلافة معاوية، وكذا ذكر البَلاَذُرِيُّ. ))
سلمة بن الأكوع واحد من الصحابة المعدودين ومن الفرسان والعلماء، وله وقائع كريمة ومآثر حميدة في ظلال عصر النبوة، حيث ترك أهله وما له لله عزوجل وأصبح مهاجرا ومن حراس النبي، وكان أحد الصحابة الذين يفتون بالمدينة. مشاركة سلمة بن الأكوع في الغزوات يوضح الدكتور السيد عبد الفتاح بلاط، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة، في حواره مع الإعلامي رامي أحمد مقدم برنامج «شباب عصر النبوة» المذاع على الفضائية الأولى، أنه حينما هاجر الصحابي سلمة بن الأكوع إلى المدينة كان قد فُرض الجهاد، وروي أنه شارك في 7 غزوات وقيل إنه أصيب في إحدى ساقيه إلى أن لمسه رسول الله وشفاه الله، وقاد أحد السرايا في الحروب. أشهر الرماة في الإسلام وعداء للفرس وقالت الدكتورة سامية صابر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن الصحابي سلمة بن الأكوع كان من أشهر الرماة في الإسلام وعداء للفرس، ومدحه الرسول عليه الصلاة والسلام كثيرا. وأضاف الدكتور كامل علي، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، أنه يروى سيدنا سلمة بن الأكوع أنه قال عندما راسلنا أهل مكة بالصلح جلست تحت شجرة ونمت فإذا بأربعة من المشركين وضعوا سيوفهم وناموا تحت الشجرة، ولم يقاتلهم حفاظا على العهد الذي وقعه الرسول صلى الله عليه وسلم وحافظ على ضبط نفسه، حتى لا يضيع صلح المسلمين وأهل مكة بسبب سيدنا سلمة.
الإصابة في تمييز الصحابة.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 543- 544) مرحباً بالضيف