فلما تراءى [61] هكذا الوقف كما تقول: تجافى القوم، وتراخى إخوتك. لم تقف عليه فتقول: تجافى وتراخى، ومن وقف فقال: تراآ فقد حذف لام الفعل، وغلط من. [ ص: 182] اعتل أنه فعل متقدم غلطا قبيحا، وذلك أن العلة في قولنا: تراءى أنه مثل تداعى وتجافى، كما قلنا ولو كان متأخرا لقيل: تر آيا فإن وصلت حذفت لالتقاء الساكنين فقلت: تراي الجمعان. وقرأ الأعرج وعبيد بن عمير قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال الفراء: حفر واحتفر بمعنى واحد، وكذلك لمدركون ولمدركون بمعنى واحد. قال أبو جعفر: وليس كذا يقول النحويون الحذاق إنما يقولون مدركون ملحوقون، ومدركون مجتهد في لحاقهم، كما يقال: كسبت بمعنى أصبت وظفرت، واكتسبت بمعنى اجتهدت وطلبت. موقع هدى القرآن الإلكتروني. وهذا معنى قول سيبويه.
القرطبى: قوله تعالى: فلما تراءى الجمعان أي تقابلا الجمعان بحيث يرى كل فريق صاحبه; وهو " تفاعل " من الرؤية. قال أصحاب موسى إنا لمدركون أي قرب منا العدو ولا طاقة لنا به. وقراءة الجماعة: " لمدركون " بالتخفيف من " أدرك ". ومنه: حتى إذا أدركه الغرق. فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ | تفسير ابن كثير | الشعراء 61. وقرأ عبيد بن عمير والأعرج والزهري: ( لمدركون) بتشديد الدال من ادرك. قال الفراء: حفر واحتفر بمعنى واحد ، وكذلك " لمدركون " و " لمدركون " بمعنى واحد. النحاس: وليس كذلك يقول النحويون الحذاق ، إنما يقولون: مدركون ملحقون ، و " مدركون " مجتهد في لحاقهم ، كما يقال: كسبت بمعنى أصبت وظفرت ، واكتسبت بمعنى اجتهدت وطلبت وهذا معنى قول سيبويه. الطبرى: يقول تعالى ذكره: فلما تناظر الجمعان: جمع موسى وهم بنو إسرائيل, وجمع فرعون وهم القبط ( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أي إنا لملحقون, الآن يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا, وذكر أنهم قالوا ذلك لموسى, تشاؤما بموسى. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه, قال: قلت لعبد الرحمن ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) قال: تشاءموا بموسى, وقالوا: أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا.
⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: لما انتهى موسى إلى البحر، وهاجت الريح العاصف، فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح، وإلى البحر أمامهم ﴿قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون. واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار سوى الأعرج ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ ، وقرأه الأعرج: "إنَّا لَمُدَرَّكُونَ"كما يقال نزلت، وأنزلت. والقراءة عندنا التي عليها قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليها. * * * وقوله: ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ قال موسى لقومه: ليس الأمر كما ذكرتم، كلا لن تدركوا إن معي ربي سيهدين، يقول: سيهدين لطريق أنجو فيه من فرعون وقومه. كما:- ⁕ حدثني ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: لقد ذكر لي أنه خرج فرعون في طلب موسى على سبعين ألفا من دُهم الخيل، سوى ما في جنده من شية الخيل، وخرج موسى حتى إذا قابله البحر، ولم يكن عنه منصرف، طلع فرعون في جنده من خلفهم ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ أي للنجاة، وقد وعدني ذلك، ولا خُلف لموعوده.
ومعلوم أن ما ابتدع من بدع لإحياء ذكرى انتصار نبي الله موسى عليه السلام على فرعون أو ما طرأ عليها من تحوير ينقض الاستقامة على الصراط المستقيم صراط المنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. اللهم اجعلنا نستعيد الثقة بمعيتك التي استحضرها نبيك موسى عليه السلام يوم تراءى الجمعان ، والتي استحضرها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو وصاحبه في الغار. اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان الراسخ الذي لا يتزعزع قيد أنملة أو دون ذلك. اللهم غافر الذنب وقابل التوب، اغفر ذنبنا واقبل توبنا. اللهم إنا نعوذ برحمتك من غضبك وسخطك ، ونعوذ بك من سفه سفهائنا ، ومعاصي عصاتنا. اللهم إنا نسألك سؤال الملحين عليك، وأنت الذي لا يتبرم من إلحاح الملحين عليه أن ترفع عنا بلاء هذا الوباء الذين حال بيننا وبين حسن عبادتك، فحرمنا ارتياد بيوتك وسماع ذكرك ، وجعل حياتنا نكدا وكمدا، وعيشنا بلا رغد ، اللهم عجل بصرفه عنا وعن العالمين لعلهم يرجعون يا أرحم الراحمين ويا رب العالمين. والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. Loading...
٦٩ - ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ﴾ جملة "واتل" مستأنفة. ٧٠ - ﴿ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ﴾ "إذ" اسم ظرفي بدل اشتمال مِنْ ﴿ نَبَأَ ﴾ ، "ما" اسم استفهام مبتدأ. ٧١ - ﴿ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴾ جملة "فنظل" معطوفة على جملة "نعبد"، الجار "لها" متعلق بـ "عاكفين"، وهو خبر "ظل". ٧٢ - ﴿ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ "إذ" ظرف زمان متعلق بالفعل. ٧٤ - ﴿ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ مقول القول مقدر أي: لم نجدها كذلك، جملة "وجدنا" مستأنفة. الكاف نائب مفعول مطلق أي: يفعلون فِعْلا مثل ذلك الفعل. وجملة "يفعلون" مفعول ثان. ٧٥ - ﴿ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ﴾ مقول القول مقدر أي: أتأملتم. وجملة "رأيتم" معطوفة على مقول القول المقدر. والمفعول الثاني لـ "أرأيت" محذوف أي: هل يستحق العبادة؟ و"ما" اسم موصول مفعول أول. ٧٦ - ﴿ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ ﴾ "أنتم" توكيد للواو في ﴿ تَعْبُدُونَ ﴾ ، "آباؤكم" معطوف على الواو في ﴿ تَعْبُدُونَ ﴾. ٧٧ - ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ جملة "فإنهم عدو" مستأنفة، الجار "لي" متعلق بـ "عدو"، والجملة مستأنفة في حيز القول.
قصة سيدنا سليمان والخيل: – كان سيدنا سليمان عليه السلام من محبي الخيل، حيث كان يحب استخدامها في الجهاد في سبيل الله، وكان دائم الاهتمام بها، وعلى عكس جميع الحيوانات، فإن محبي الخيول لا يستطيعون التخلص من ذلك الحب أبدا، حيث قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ إِلَّا يُؤْذَنُ لَهُ مَعَ كُلِّ فَجْرٍ يَدْعُو بِدَعْوَتَيْنِ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنَّكَ خَوَّلْتَنِي مَنْ خَوَّلْتَنِي مِنْ بَنِي آدَمَ، فَاجْعَلْنِي مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ، أَوْ أَحَبَّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ. – كان سيدنا سليمان يمتلك خيول قوية وسريعة وفاتنه تجيد اظهار جمالها، وكان يقوم بتنظيمها فانشغل بها، فغابت الشمس وفاتته صلاة العصر، مما جعله يشعر بالغضب لأنه انشغل بالخيل عن الصلاة والعبادة فتمنى لو ترجع الشمس ويصلى الصلاة في وقتها، ثم غضب غضبا شديدا حتى أخذ في ذبح الخيول جميعها بالسيف ثم تصدق بلحومها للمساكين، وقال: (والله لا تشغليني عن عبادة ربي).
ثم قال تعالى: ( حتى توارت) أقول الضمير في قوله: ( حتى توارت) ، وفي قوله: ( ردوها) يحتمل أن يكون كل واحد منهما عائدا إلى الشمس ، لأنه جرى ذكر ما له تعلق بها وهو العشي ، ويحتمل أن يكون كل واحد منهما عائدا إلى الصافنات ، ويحتمل أن يكون الأول متعلقا بالشمس والثاني بالصافنات ، ويحتمل أن يكون بالعكس من ذلك ، فهذه احتمالات أربعة لا مزيد عليها. فالأول: أن يعود الضميران معا إلى الصافنات ، كأنه قال حتى توارت الصافنات بالحجاب ردوا الصافنات علي. والاحتمال الثاني: أن يكون [ ص: 179] الضميران معا عائدين إلى الشمس ، كأنه قال حتى توارت الشمس بالحجاب ردوا الشمس ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما اشتغل بالخيل فاتته صلاة العصر ، فسأل الله أن يرد الشمس فقوله: ( ردوها علي) إشارة إلى طلب رد الشمس ، وهذا الاحتمال عندي بعيد والذي يدل عليه وجوه: الأول: أن الصافنات مذكورة تصريحا ، والشمس غير مذكورة ، وعود الضمير إلى المذكور أولى من عوده إلى المقدر. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة ص - الآية 30. الثاني: أنه قال: ( إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب) وظاهر هذا اللفظ يدل على أن سليمان عليه السلام كان يقول: إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي. وكان يعيد هذه الكلمات إلى أن توارت بالحجاب ، فلو قلنا: المراد حتى توارت الصافنات بالحجاب كان معناه أنه حين وقع بصره عليها حال جريها كان يقول هذه الكلمة إلى أن غابت عن عينه وذلك مناسب ، ولو قلنا: المراد حتى توارت الشمس بالحجاب كان معناه أنه كان يعيد عين هذه الكلمة من وقت العصر إلى وقت المغرب ، وهذا في غاية البعد.
اقرأ أيضا: 3مراحل لنزول القرآن.. هل نزل في ليلة القدر أم في النصف من شعبان؟ (الشعراوي يجيب) شغف سليمان بالخيل: كان سيدنا سليمان شغوفًا بحب الخيل ، وكان دائمًا ، ما يعتمد على استخدام الخيل ، أثناء جهاده ، في سبيل الله ، وكان دائمًا يولي عناية ، واهتمام بالخيول جميعهم ، أكثر من أي من الحيوانات ، والطيور الأخرى. وحب الخيل من الفتن التي تلهي صاحبها بدرجة كبيرة حتى أنها لا تشعره بالوقت، وقد عرف عن محبي الخيول ، أنه لا يمكنهم أبدًا التخلي عن ذلك الحب ، والاهتمام بهم ، مهما كان. قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع الخيل | المرسال. وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: " إِنه ليس من فرس عربي إِلا يؤذن لَه مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول: اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم ، فاجعلني من أحب أهله ، وماله إِليه ، أو أحب أهله وماله إِليه ". صفات خيل سليمان: وكان سيدنا سليمان عليه السلام ، يمتلك العديد من الخيول ، ذات الأصالة ، والسرعة العالية ، غير المسبوقة ، والقوة الشديدة ، حيث كانت مدربة على فنون الحرب ، والقتال ، لذا كان يعتمد عليهم في حروبه ، وأيام جهاده ، حيث لم يكن يثق في قدرة أي خيول أخرى ، غير خيوله هو ، فهو يعرف كيف يعدها للجهاد ، وكيف يدربها على فنون ، وأصول الحرب ، هذا فضلًا عن أن الخيول التي كان يقتنيها سيدنا سليمان عليه السلام ، كانت خيول فاتنة للغاية ، ومبهجة للناظرين ، فقد كانت متكاملة في كل شيء.
موقع مـداد علمي شرعي ثقافي غير متابع للأخبار و المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
- جنود سليمان: وبالفعل فإنّ من الواضح أنّ القادة – عادة لا يتحركون لغزوٍ أو ما شابه إلا بعد توفّر كل الإمكانات اللازمة، وبعد استتباب الأمن، وانتشار الطمأنينة داخل المملكة والدولة. كما أنّ الجنود الذين يكوّنون الجيش القوي القادر لهم صفاتهم وأوضاعهم الخاصة. فكيف كان جنود سليمان (ع)؟ لقد سُخّر لسليمان (ع) جنود آخرون إضافة إلى البشر من جنود أبيه. فقد كان من نعمة الله عليه – وعلى بني اسرائيل – أن جعل الله لسليمان (ع) معجزة مختلفة عن غيره من الأنبياء وهي تسخير بعض الجن والطيور والحشرات والريح. وبالطبع فإنّ لهذا التسخير دلالة مميزة... إذا انّ سليمان (ع) أراد إعلاء كلمة الله في الأرض ونشر العدل والإحسان. وذلك يحتاج أحياناً إلى القوة والعدد والعدّة لمواجهة المعارضين والمشركين الذين يريدون القضاء على الإيمان وأهله. وإذا توفّر للقائد الرسالي ما يُعينه على إقامة حكم الله في الأرض فلا مفرّ له من التحرك. وسليمان (ع) توفّر له جيش قوي يقاتل به أعداء الله، ولكنه كان يطمح لأن ينطلق بعيداً في الأرجاء لإيصال صوت الحق. وبما أنّه عُلِّم منطق الطيور وقد سخرت له فلماذا لا يستخدمها جنوداً أشبه بأجهزة الاستطلاع.
* الإشارة: قد شبّه بعضُ الحكماء الدنيا بسبعة أشياء، شبّهها بالماء المالح، يغرق ولا يروي، ويضر ولا ينفع وشبهها بظل الغمام، يغر ويخذل وشببها بالبرق الخاطف في سرعة الذهاب والإضرار وبسحاب الصيف، يضر ولا ينفع وبزهر الربيع، يغر بزهرته، ثم يصفر فتراه هَشيماً بأحلام النائم، يرى السرورَ في منامه، فإذا استيقظ لم يجد في يديه شيئاً إلاّ الحسرة وبالعسل المشوب بالسم الرعاف، يغر ويقتل. هـ. قال حفيده: فتأملت هذه الحروف سبعين سنة، ثم زِدتُ فيها حرفاً واحداً فشبهتها بالغول التي تهلك مَن أجابها، وتترك مَن أعرض عنها. هـ. * وفي كتاب قطب العارفين، لسيدي عبد الرحمن اللجائي، قال: فأول درجة الذاهبين إلى الله تعالى: بغض الدنيا، التي هي ظلمة القلوب، وحجاب لوائح الغيوب، والحاجزة بين المحب والمحبوب، فبقدر رفضها يستعد للسفر، ويصح للقلوب النظر، فإن كانت الدنيا من قلب العبد مرفوضة، حتى لا تعدل عنده جناح بعوضة، فقد وضع قدمه في أول درجة من درجات المريدين، فينظر العبد بعد ذلك ما قدّمت دنياه، ويقبل على أخراه. هـ. * وذكر القشيري في إشارة الآية: أنها إشارة إلى أطوار النفس والقلب والروح والسر، فقال بعد كلام: وأيضاً يُشير إلى تعب صِبا النفس الأمّارة بملاعب المخالفات الشرعية، والموافقات الطبيعية، وإلى لهو شاب القلب بالصفات القلبية، مثل الزهد، والورع، والتوكُّل والتقيُّيد بها، وإلى زينة كهل السر بالأحوال السرية، والمنازلات الغيبية، مثل الكشوفات والمشاهدات والمعاينات، وإلى تفاخر شيخ الروح بإنبات التجليات والتنزلات، وإلى تكاثر سر السر بالفناء عن ناسوتيته، والبقاء بلاهوتيته الجامع.
سيدنا سليمان عليه السلام: هو سليمان بن داود بن ايشا بن عويد بن عابر، وينتهي نسبه إلى يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد فضله الله على الكثير من الأنبياء وأعطاه الملك والحكمة وسلطان عظيم كما أعطاه الله القدرة لمعرفة لغة الحيوانات جميعها. وقد سخر الله له الجن والإنس والطير وقد قال الله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)، وقد تم ذكره الله تعالى في الكثير من آيات القرآن الكريم. ولقد ورث سيدنا سليمان الملك وهو عمره اثنتي عشر عاما، وكان ذكيا وفطنا، وعلى الرغم من صغر سنه إذا انه كان حسن التدبير وحكم ولقد كان داود عليه السلام يستعين به ويأخذ رأيه في أمور الحكم، وقد قام سليمان عليه السلام ببناء البيت المقدس وذلك بناءاً على وصيه والده، في خلال فترة قصيرة من توليه الحكم، فقلد كان عليه السلام يهتم بالإصلاح المعماري والتوسع في البلاد، كما كان يهتم بالجهاد في سبيل الله وكان ذلك سبب لحبه الشديد للخيول العربية.