مثلث الشخصيات البديعة يكتمل بالغفير الصعيدي بكري (علي الشريف)، الذي تتناقض صورته الخارجية الفظة والمخيفة مع حقيقة كونه روحا هشة، اضطرها الخوف إلى الهرب عمرا كاملا بعيدا عن الأرض والأهل، بعيدا عن السعادة والارتواء. فيلم الانسان يعيش مرة واحدة - YouTube. في أقصى الحدود الغربية لمصر، ووسط مدينة مملة لا يحدث فيها شيء، تجتمع مصائر الشخصيات الثلاث الذي يمتلك كل منهم سببا مختلفا لإضاعة عمره بعيدا في المنفى: اللا-انتماء والذنب والخوف. وبروح إخراجية هادئة ورصينة، ينقل المخرج إحساس المدينة ذات الحضور الواضح في الدراما، فهي منفى جميل، لكنه يرفض الغرباء ويتوجس منهم، لا سيما وإن كانا شاب وفتاة غير متزوجين كبطلي الفيلم، التوجس الذي يزيد من أثره التدخل السافر من الطبيب طارق (زين العشماوي) في حياة زميلته الجديدة التي يراها صيدا جنسيا سهلا. بين الدراما النفسية والمادية "الإنسان يعيش مرة واحدة" هو بالأساس دراما نفسية تحدثنا عن موضوعها، وعن كيفية تعبير كل شخصية من الثلاث الرئيسية عن أحد أبعاده، ولكنه يبقى في النهاية موضوع شديد التجرد بصورة تفقده لو ترك على حالته الأولية حس الإمتاع والجماهيرية، وهو ما تغلب عليه وحيد حامد بإضافة صراعين ماديين للحكاية: الطبيب الراغب في البطلة، والخصم الباحث عن بكري من أجل الثأر.
ما سأحاول فعله هو الكتابة تباعا عن أعمال أقل شهرة وتواجدا في القوائم، أفلام تنتصر للسينما والإنسانية على حسابات السياسة والهم الاجتماعي، وهي ميزة ظلت كثيرا تُعامل كعيب! الفيلم في مشوار مخرجه وكاتبه الفيلم الأول الذي سنمر عليه اليوم هو "الإنسان يعيش مرة واحدة"، للمخرج سيمون صالح والمؤلف وحيد حامد، وبطولة عادل إمام ويسرا وعلي الشريف وزين العشماوي، إنتاج عام 1981. الفيلم هو أشهر الأفلام الأربعة التي قدمها مخرجه قبل هجرته، ولكن ترتيبه في الشهرة يتراجع كثيرا في قائمة أعمال مؤلفه العديدة، ولا يكاد يذكر في قوائم الأحسن والأفضل، بالرغم من كونه في رأيي واحدا من أفضل السيناريوهات التي كتبها وحيد حامد في مشواره، ولكنه بالطبع ظُلم مقارنة بالأعمال ذات الحس السياسي التي يتدوالها الجميع باعتبارها أفضل أعمال المؤلف. في الفيلم يقدم وحيد حامد إنجازه السينمائي الأول ـ بعد فيلمين وعدد من المسلسلات الإذاعية ـ على صعيد رسم الشخصيات الدرامية، وهي مهارة وحرفة لا تعتمد فقط على إيجاد الطزاجة والطرافة والإحكام في شخصيات العمل، ولكن تحتاج وبنفس القدر إلى الهارمونية بين الشخصيات المرسومة، وصبها في قالب درامي واحد يتحرك دوما للأمام ويكرس تدريجيا للقيمة الإنسانية المحمولة على القالب الفني، وهي في حالتنا هذه واضحة من عنوان الفيلم: العمر أقصر من أن نضيعه.
النتيجة النهائية لاجتماع هذه العناصر هي عمل شديد العذوبة، تجتمع فيه مهارة الكتابة مع الوعي الإخراجي مع التمثيل المتميز، لتقدم طرحا إنسانيا ونفسيا يستحق التوقف كثيرا عنده، عبر حكاية مشوقة ولها حس إمتاعي واضح حتى لمشاهد غير متمرس. أي أن الفيلم باختصار واحد من الروائع، التي يحبها الجمهور يغفل عنها النقاد، فقط لأنها لا تناقض قضية سياسية ولا تهاجم الحكومة ولا تتبنى موقفا أيديولوجيا.
المصادر بوابة العرب بوابة أعلام بوابة أدب عربي بوابة شعر بوابة التاريخ جساس بن مرة
وقعت الحرب بين بكر وتغلب، واعتزلها الحارث بن عباد، فارس "معد" وحكيمها، كما اعتزلها الكثير من البكريين، ممن رأوا أن مرة كان عليه أن يسلم أحد أبنائه جساس أو همام، لحقن الدماء.
مقتل كليب بعدما رمى كليب "سراب" بسهمه، راحت البسوس تصرخ، مستنهضة جساس، فلم يكن الرجل يحتاج سوى لهذه الواقعة لينفُض عنه وعن قومه ذل كليب، فلحق بابن عمه كليب، لكن جساس حتى وهو في قمة غضبه وإحساسه بالعار، كان يتمنى أن يراعي ابن عمه صلة الرحم، أو ربما كان جساس رغم شجاعته يتهيب المَلك، فكليب كان فارسًا وملكًا له هيبته، فخاطبه جساس، كما يخبرنا "العقد الفريد" قائلًا: "أيا أبا الماجدة عمدتَ إلى ناقة جارتي فعقرتها"، فرد عليه كليب متهكمًا: "أتُراك مانِعي إن أذُبّ عن حِماي". هنا أدرك جساس، أن اللحظة حانت لا محالة فلم يكن رمي ناقة البسوس، سوى الشرارة، فطعن كليب "فقَصم صُلبه" وأكمل عليه عمرو بن الحارث، والذي كان يرافق جساس "فطعنه من خلفه فقطع بَطنه فوقع كُليب وهو يَفْحص برجله"، هكذا مات الملك، يستجدي شربة ماء من قاتلِيه فلا يغيثه أحدهما، مات غدرًا في عيون أهله التغلبيين، وجبارًا نال جزائه في عيون أبناء عمومته البكريين. هَمَّ المُهلهِل عدي بن ربيعة، الملقب بسالم الزير، شقيق كليب، وحامل دمه، لأخذ ثأر أخيه الملك، لكن حكماء القبائل توسطوا ليطرحوا صلحًا شريفًا على مُرة بن ذهل الثأر بعد مقتل كليب، هام جساس على وجهه في الصحراء، فهو كان يعلم أن قومه سيسلمونه إلى التغلبيين، لدرء الحرب.