وقال القرطبي في "الاستذكار": "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الدهر) على أنه الذي يفعل بكم ذلك، فإنكم إذا سببتم فاعل ذلك وقع سبكم على الله عز وجل، فهو الفاعل بذلك كله، وهو فاعل الأشياء ولا شيء إلا ما شاء الله العلي العظيم". وقال ابن عثيمين: "الدهر ليس من أسماء الله سبحانه وتعالى". وقال: "وكل شيء مِنْ أفعال الله فإنه لا يجوز للإنسان أن يسبه، لأن سبه سبَّاً لخالقه جل وعلا، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر)". الصبر على المصائب والابتلاءات مِنْ واجبات الإيمان، والمؤمن لا يجْزع ولا يتسخَّط إذا أصابته مصيبة في نفسه أو في ماله أو في ولده، ومِنْ منكرات الألفاظ العظيمة عند بعض الناس إذا وقعوا في شدة وبلاء، سَبُّهُم ولعنهم الساعة أو اليوم أو الزمن الذي حدث فيه ما يكرهونه، وهذا خطأ كبير، وفيه إيذاء لله عز وجل، وفي الحديث القدسي: (قال الله عزَّ وجلَّ: يؤْذِينِي ابنُ آدَم، يَسُبُّ الدَّهْر، وأنا الدَّهْر، بيَدِي الأمْر، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهار). وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يَسُبُّ أحَدُكُمُ الدَّهْرَ، فإنَّ اللَّهَ هو الدَّهْرُ).. وما يجري به قضاء الله عز وجل وقدَرُه فيه الحكمة والمصلحة وإنْ جهلها العبد، والواجب على المسلم أن يصبر ويرضى بأقدار الله سبحانه، وأن يُنَزِّه ويُطَهِّر لسانه عنِ السَّب وعنْ كل ما يغضب الله عز وجل.
-3-101 – باب: لا تسبوا الدهر. 5827/5828 – حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب: أخبرني أبو سلمة قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: (قال الله: يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار). (5828) – حدثنا عياش بن الوليد: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا معمر، عن الزُهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: (لا تسموا العنب الكرم، ولا تقولوا: خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر). [ش أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب، باب: كراهة تسمية العنب كرماً، رقم: 2247. (الكرم) كانوا في الجاهلية يسمون شجر العنب كرماً، كما يسمون الخمر المتخذ منها كرماً، ويرون أن شربها يحمل على الكرم، ولذلك كانوا يكرمون شاربها، فكره الشارع هذه التسمية لأن فيها تقريراً لما كانوا يتوهمونه. (خيبة الدهر) الخيبة هي الخسران والحرمان، والدهر هو تعاقب الليل والنهار. (هو الدهر) موجده، والفاعل لكل ما ينزل بكم فيه من المكاره، فإذا دعي عليه رجع الدعاء إلى المسبب الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى].
شرح مسلم " ( 15 / 3). وينبغي أن يعلم أنه ليس من أسماء الله اسم " الدهر " وإنما نسبته إلى الله تعالى نسبة خلق وتدبير ، أي: أنه خالق الدهر ، بدليل وجود بعض الألفاظ في نفس الحديث تدل على هذا مثل قوله تعالى: " بيدي الأمر أقلِّب ليلَه ونهارَه " فلا يمكن أن يكون في هذا الحديث المقلِّب - بكسر اللام - والمقلَّب - بفتح اللام - واحداً ، وإنما يوجد مقلِّب - بكسر اللام - وهو الله ، ومقلَّب - بفتح اللام - وهو الدهر ، الذي يتصرف الله فيه كيف شاء ومتى شاء. انظر " فتاوى العقيدة " للشيخ ابن عثيمين ( 1 / 163). قال الحافظ ابن كثير - عند قول الله تعالى: وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر [ الجاثية / 24] -: قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا: " يا خيبة الدهر " فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل لأنه فاعل ذلك في الحقيقة فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار لأن الله تعالى هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال.
وعلى مر العصور ظل طويق رمزاً من رموز الشجاعة والشموخ كما بقي بتكويناته الجغرافية ملاذاً آمناً للإنسان وأيضاً طرائد الصيد وطوقاً يصد الأعداء والغزاة الذين يستحيل عليهم تجاوزه أو حتى التفكير بمحاولة تخطي حماه ولهذا بقي في أمثالنا الشعبية مضرب مثل في القوة والصمود ومثالاً للرفض والتحدي الذي لا يقبل التراجع حينما يطلب أمر مستحيل فيرد «طويق».. الرحالة الإنجليزي جيرالد غوري أثناء دخوله الرياض عام 1934م ورؤيته لهذا الحزام المتميز وصفه بالعمود الفقري لمنطقة نجد. إلا أن رحالة غربيين ومؤرخين آخرين يعدونه طوق نجد وحرزها والعمود الفقري لجزيرة العرب، وقالوا في وصف هضبة نجد بأن أكبر هضابها (عمود الجزيرة العربية الفقري) جبل طويق الذي يمتد من جنوبي تجويف المندفن، قرب الطرف الجنوبي الغربي للربع الخالي شمالاً إلى الرياض لمسافة حوالي 400 ميل ثم ينحرف إلى الشمال الغربي لمسافة 200 ميل أو أكثر مكوناً الحد الغربي لسدير ' ثم تغطيه رمال الدهنا بعد الزلفي مباشرة، ويصل ارتفاعه في الجزء الأوسط منه في منطقة الرياض في بعض الأماكن إلى حوالي 3500 قدم وحافاته مهولة تصل في الغالب إلى ارتفاع حوالي 800 قدم عن سطح السهل الذي تحته.
حينما أرى المواطن السعودي اليوم، أتصفح في وجهه حبًا وولاءً وجه سلمان بن عبدالعزيز، ووجه محمد بن سلمان، ووجه خالد الفيصل، وغيرهم من القيادة القريبة من قلوبنا وعقولنا، وحينما أرى وجوه القيادة الرشيدة أرى فيها وجه أبي وأخي وصديقي وجاري، وابن وطني السعودي الذي أشبهه جبل طويق ولم يشبه هو أحدا في الكون لا طويق ولا غيره. حمى الله الملك وولي عهده، وحمى الله الوطن وأبناءه ومقدراته.