مع إمام زماننا: حتّى ظهور الشمس (3) (*) آية الله الشيخ عبد الله جوادي الآمليّ بعد عرض عدد من آثار سنّة الظهور في العدد السابق، ثمّة مسائل أخرى مرتبطة بالظهور، منها ما سنأتي على ذكره في هذا المقال: زمن قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف وبعض المظاهر العامّة لعصر الظهور. * زمان قيام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف إنّ وقت ظهور الحجّة القائم بالحقّ غير معلوم، كما لا يحيط به إلّا الله تعالى أو من أعلمه الله بذلك. تحميل كتاب شمس المعارف الكبري مجانا. وقد ورد في بعض الأخبار أنّ زمان الظهور كزمان يوم القيامة: "إنّما مثله كمثل الساعة: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً﴾ (الأعراف: 187) "(1). فزمان الظهور من الأسرار الإلهيّة، ولا اعتبار لأيّ وقت يحدّده الوقّاتون، بل نهى الأئمّة المعصومون عليهم السلام عن التوقيت، كما ورد ذلك عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام. عن عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مِهزَمٌ فقال له: جُعلت فداك، أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظره، متى هو؟ فقال: "يا مهزم، كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلّمون"(2). وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف فقال: "كذب الوقّاتون.
إنّا أهل بيت لا نوقّت"(3). ولا يخفى، أنّ عدم تعيين وقت الظهور والتأكيد على كتمانه لا يعنيان بالضرورة عدم اطّلاع الإنسان الكامل على زمانه، بل للإنسان الكامل الذي له إحاطة كاملة بإذن الله بتمام عوالم الإمكان اطّلاع على نتائج العلم الأزليّ وساحة العلم المقرون بالبداء، فلا يُستثنى من ذلك زمان الظهور. إلّا أنّ مصلحة عدم تحديد وقت الظهور، تقتضي كتمان هذا السرّ. ويشهد له ما أفاده الإمام الصادق عليه السلام لأبي بصير، إذ لم يقل له: إنّنا لا نعلم بوقت الظهور، بل قال له: "إنّا أهل بيت لا نُوقِّت". تحميل كتاب شمس المعارف الكبرى. ولا شكّ في أنّ يوم ظهور الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف أحد أبرز مصاديق أيّام الله، فينبغي لكلّ مسلم أن ينتظره انتظاراً واعياً صادقاً. * المظاهر العامّة لعصر الظهور إنّ وضع العالم قبيل ظهور خاتم الأولياء عليه السلام سيكون كما كان عليه الوضع قبيل ظهور خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم؛ لقد كان للناس مِللٌ متعدّدة ونِحلٌ متنوّعة في غفلةٍ عن أصول الأديان الإلهيّة والقوانين البشريّة وإعراضٍ عن المواثيق الدوليّة، معتبرين الأهواء الفرعونيّة القانون الحاكم السائد بينهم في تمام المناسبات والأحداث، حسبما يُستفاد من قوله تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ (طه: 64).
* بعض علامات الظهور مع ظهور الوجود المبارك لإمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ستقع جملة من الأحداث والعلامات ممّا يكون لبعضها أهميّة أكبر من غيرها: 1 - نزول المسيح عليه السلام: لعلّ نزول عيسى عليه السلام واقتداءه بصاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف في الصلاة من أهمّ تلك الوقائع الكائنة إبّان خروجه. تحميل كتاب شمس المعارف الكبرى النسخة الاصلية. أفاد الأستاذ العلّامة الطباطبائيّ رحمه الله: أنّ الروايات الواردة في نزول عيسى عليه السلام مع ظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف من طرق أهل السنّة والشيعة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأئمّة أهل البيت عليهم السلام مستفيضة ومشهورة(6). قال جابر بن عبد الله الأنصاريّ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: تعال صلِّ بنا، فيقول: لا، إنّ بعضكم على بعض أُمراء، تكرمةً من الله عزّ وجلّ لهذه الأمّة"(7). كما قال نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟"(8). ولن يقتدي بإمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف المسيح عليه السلام وحده، بل سيتّبعه أكثر أهل الكتاب، فيأتمّون بصاحب العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ويصلّون خلفه، كما يشير إلى ذلك الأستاذ العلّامة الطباطبائيّ رحمه الله في ذيل تفسير الآية الشريفة: ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ (النساء: 159) ، حيث حكى عن بعضهم ما يلي: قال الحجّاج لشهر بن حوشب: يا شهر، إنّ آية في كتاب الله قد أعيتني.
رعد الكردي فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا.. - YouTube
السهو عن الصلاة: هو الغفلة عنها والتهاون بشأنها، وليس المراد تركها؛ لأن الترك كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها -في أصح قولي العلماء-. نسأل الله العافية. أما التساهل عنها: فهو التهاون ببعض ما أوجب الله فيها؛ كالتأخر عن أدائها في الجماعة -في أصح قولي العلماء- وهذا فيه الوعيد المذكور. تفسير قول الله تعالى " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة " | المرسال. أما إن تركها عمدًا، فإنه يكون كافرًا كفرًا أكبر وإن لم يجحد وجوبها -في أصح قولي العلماء- كما تقدم؛ لقول النبي ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر[1]. خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، ولقوله عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة[2] خرجه الإمام مسلم في صحيحه، فهذان الحديثان وما جاء بمعناهما حجة قائمة، وبرهان ساطع على كفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها. أما إن جحد وجوبها، فإنه يكفر بإجماع العلماء ولو صلى، أما السهو فيها فليس هو المراد في هذه الآية، وليس فيه الوعيد المذكور؛ لأنه ليس في مقدور الإنسان السلامة منه، وقد سها النبي ﷺ في الصلاة غير مرة، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وهكذا غيره من الناس يقع منه السهو من باب أولى. ومن السهو عنها: الرياء فيها؛ كفعل المنافقين. فالواجب أن يصلي المؤمن لله وحده، يريد وجهه الكريم، ويريد الثواب عنده ؛ لعلمه بأن الله فرض عليه الصلوات الخمس؛ فيؤديها إخلاصًا لله، وتعظيمًا له، وطلبًا لمرضاته ؛ وحذرًا من عقابه.
قلت: فينبغي للإنسان أن يحسن فرضه ونفله حتى يكون له نفل يجده زائدا على فرضه يقربه من ربه كما قال سبحانه وتعالى: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه الحديث.