وقد سمعنا أن الإمام البخاري كان لا يَطمئن لحديث سمِعه من أحد إلا إذا عامله أو سأل عنه مَن يثِق به، وربما سافر مسافات طويلة حتى يُعايَش هذا الإنسان ، وكان لا يكتب حديثًا كما سمعنا في سيرته إلا إذا استخار الله سبحانه وتعالى وصلي ركعتين حتّى يَطمئن قلبه إلى ما يكتبه، واصطفى ذلك من أحاديث كثيرة صحيحة، ولكنه اختار أصحّ ما يمكن في نظره. عند هذا القرن الرابع الهجري وبعده أيضًا وُجِدَت كتب أخرى تجمع أحاديث السنة النبوية بعد هذه الكتب المشهورة المعروفة صحيح البخاري، ومسلم والموطأ ومسند أحمد، والسنن الأربعة وصحيح ابن حبّان، وابن خُزيمة وغيره، بعد هذه الكتب أصبح الناس عالة عليها في رواية حديث النبي صلّى الله عليه وسلم. وهناك نقطة مهمة جدا هي: ماذا نعمل في بعض الأحاديث التي يكون ظاهرها متناقِضًا إما مع القرآن الكريم، وإما مع بعض المرويات من السُّنَنِ وإما مع مُقَرّرات العقل والدين؟ هذه نقطة خطيرة هي التي نحتاج إليها في هذه الأيام، أما السَّند فقد انتهينا منه والكتب موجودة، هذه النقطة مهمة جِدًّا وهي البحث في متن الحديث؛ لأن المتن أحيانا كان يُرَكّب على سند موثوق به، والله أعلم بصحة هذا المتن ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
اللافت فى هذه الواقعة أن عمر بن الخطاب ضحك حتى استغرق فى الضحك على مقالة «هند»، وهو رد فعل غير معتاد من «عمر» فى مثل هذه المواقف. فالمشهور عنه أنه كان يُشهر فيها سيفه بلا تردُّد ليضعه على رقبة من لا تعجبه ردوده على رسول الله، صلى الله عليه وسلم. رد فعل «عمر»، رضى الله عنه، دليل آخر على قوة شخصية تلك السيدة.
- ثم واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بنود البيعة فقال: «وَلا تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيِدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ». -فقالت هند: والله إن إتيان البهتان لقبيح. - ثم واصل النبي صلى الله عليه وسلم بنود البيعة فقال: «وَلا تَعْصِينَنِي فِي مَعْرُوفٍ». فقالت هند: والله ما جلسنا هنا وفي أنفسنا أن نعصيك في معروف. - وهذا الرد والتعقيب من الصحابية هند بنت عتبة - رضي الله عنها - وقبول النبي صلى الله عليه وسلم للعفو عنها ولهذا الرد وهذه التعليقات ليدلل على عظمة هذا النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته للناس وسعة صدره وقبوله لمن دخل في الإسلام مهما كانت عداوته له قبل ذلك. - كما يدلل قوة شخصية الصحابية هند بنت عتبة وفطنتها وذكاءها قوة ملاحظاتها وسرعة ردها بأدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. - وهذا فيه درس للنساء أيضاً أن الإسلام لم يكبت المرأة بل جعل لها حق التعلم والمشورة وإبداء الرأي والنقاش وطرح الأفكار بما يخدم هذا الدين. - المصدر: موقع قصة الإسلام
ملخص المقال صور من حياة الأمير المجاهد أسد الدين شيركوه، وبيان جهاده ودخوله مصر ووزارته للعاضد العبيدي الفاطمي ووفاته فجأة التعريف بـ أسد الدين شيركوه ونشأته هو أسد الدين شيركوه بن شاذي بن مران بن يعقوب، الملك المنصور أسد الدين وزير العاضد؛ مولده بدوين من أذربيجان بطرفها. نشأ بتكريت إذ كان أبوه متولي قلعتها؛ وقال ابن الأثير: أصلهم من الأكراد الروادية، هم فخذ من الهذبانية، وأنكر هذه النسبة جماعة من بني أيوب وقالوا: إنما نحن عرب وتزوجنا من الأكراد [1]. أهم معارك أسد الدين شيركوه ودوره فيها في جمادى الأولى من سنة تسع وخمسين وخمسمائة،أرسل نور الدين محمود بن زنكي عسكرًا كثيرًا إلى مصر، وجعل عليهم الأمير أسد الدين شيركوه بن شاذي، وهو مقدم عسكره، وأكبر أمراء دولته، وأشجعهم، وسنذكر سنة أربع وستين سبب اتصاله بنور الدين وعلو شأنه عنده إن شاء الله تعالى.
يقول من رأى أسد الدين حين خرج من بلبيس: أخرج أصحابه بين يديه، وبقي في آخرهم وبيده لت من حديد يحمي ساقتهم، والمسلمون والفرنج ينظرون إليه. قال: فأتاه فرنجي من الغرباء الذين خرجوا من البحر، فقال له: أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصريون والفرنج، وقد أحاطوا بك وبأصحابك، ولا يبقى لكم بقية؟ فقال شيركوه: يا ليتهم فعلوه حتى كنت ترى ما أفعله؛ كنت والله أضع السيف، فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجالاً، وحينئذ يقصدهم الملك العادل نور الدين، وقد ضعفوا وفني شجعانهم، فنملك بلادهم ويهلك من بقي منهم، والله لو أطاعني هؤلاء لخرجت إليكم من أول يوم، ولكنهم امتنعوا. فصلب على وجهه، وقال: كنا نعجب من فرنج هذه البلاد ومبالغتهم في صفتك وخوفهم منك، والآن فقد عذرناهم؛ ثم رجع عنه [2]. وفاة أسد الدين شيركوه توفي أسد الدين فجأة يوم السبت الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، فكانت وزارته شهرين وخمسة أيام [3]. قالوا عن أسد الدين شيركوه يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء عنه: كان أحد الأبطال المذكورين والشجعان الموصوفين ترعب الفرنج من ذكره [4]. يقول العرقلة: قـل لأمير المؤمنين الذي *** مصـر حمـاه وعليّ أبـوهُ نصَّ على شاورَ فرعونها *** ونصَّ موساها على شيركوه [5].
إثر وفاة وزير مصر شيركوه ضغط الزنكيين أمراء الشام على الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله بهدف تعيين صلاح الدين خلفاً لعمه أسد الدين وذلك لما أظهره من حُسن القيادة والتدبير في المعارك، وقد رضخ الخليفة الفاطمي لذلك الطلب وعينه وزيراً لمصر بسبب ضعف الدولة الفاطمية وقوة الدولة الزنكية وشعبية صلاح الدين الكبيرة في البلاد. وقد حيكت الكثير من المؤامرات ضد صلاح الدين بعد أن أصبحت وزارة مصر بيده، أبرزها بدايتاً كانت محاولة أغتياله عقب توليه الوزارة بفترة قصيرة من بعض الأمراء الفاطميين حيث كشف أمرهم و أعدم العقل المدبر لهم الذي كان يشغل منصب مؤتمن الخليفة الفاطمي وصولاً إلى ثورة فوج الجنود الزنوج عليه والتي تمكن من قمعها من ثم الأنتصار على الحملات الصليبيبة لتصبح بذلك مصر تحت سلطانه بشكل كامل. شعر الزنكيون بأن الدولة الفاطمية الشيعية بدأت بالزوال لذلك أمر نور الدين الزنكي صلاح الدين بإقاف الدعاء للخليفة الفاطمي والدعاء للخليفة العباسي المستضيئ بأمر الله وفي شهر ستمبر من العام 1171 دعى شيخ سني من على منبر المسجد الأزهر بالتوفيق للخليفة العباسي لتتبعته بذلك جميع مساجد القاهرة في الوقت الذي كان فيه الخليفة الفاطمي على فراش الموت حيث لم يلبث طويلاً حتى وافته المنية لتسقط بذلك دولة الفاطميين الشيعية بعد حكم دام 262 سنة وبذلك تصبح مصر بالكامل تحت إمرة صلاح الدين والذي أتخذها قاعدة لتوحيد الدويلات الإسلامية في حلب والشام والحجاز.