في هذا الباب يذكر المؤلف أخلاق أهل القرآن، وأن الله -جل وعلا- قد فضلهم على غيرهم من سائر الناس، حيث مَنَّ الله عليهم بتلاوة القرآن، وحفظه ومدارسته، فإذا كانوا كذلك، فإنه ينبغي عليهم أن يتخلقوا بما في هذا القرآن من الأخلاق، والقرآن هو منهج الأخلاق الفاضلة، ومنهج الأخلاق الكاملة، فما من خلق حسن إلا دَلَّ عليه، وما من خلق سيئ إلا حذر منه، وكل هذا جاء في القرآن الكريم. وتكفي هذه الآية التي جاء الفضل فيها، في سورة البقرة: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ (7). والتفسير هذا يروى عن مجاهد (8) ، قال: يعملون به حق عمله، كما تقدم، ثم استشهد المؤلف بالحديث المخرج في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ الْكِرَامِ السَّفَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ ». وفي رواية: « وَهُوَ يَتَتَعْتَعُ فِيهِ » (9). الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة - ملتقى الشفاء الإسلامي. أَيْ: يشق عليه تلاوته، فقوله: « وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ ». الماهر هو القارئ الحاذق الحافظ، المتقن، الضابط لتلاوة آيات القرآن الكريم، ولا تشق عليه القراءة في أية سورة، أو في أية آية.
جاء في المعجم الوسيط تحت مادة (رَهَصَ) الإرهاص (شرعا) الأمر الخارق للعادة يظهر للنبي قبل بعثته أما الفعل أرهص فله عدة معان: أرهص على الذنب: أصر عليه أرهص: بنى مراهص والمراهص جمع مرهصة وهي الدرجة أرهص البناء: أقام له مراهص ترفده لئلا يميل أرهص الشيء:أثبته وأسسه أرهص الله فلانا للخير: جعله معدنا له ومأتى الإرهاص: المقدمة التي تشير إلى قرب وقوع الشيء التصنيفات: كل المعلومات, معلومات ثقافية, معلومات عامة
وتَعَلُّم التلاوة الصحيحة في هذا العصر أمرٌ سهلٌ، فدُور حفظ القرآن منتشرة في المساجد، وفي كل مكان؛ بل تستطيع تعلُّمها في بيتك عبر الإنترنت. يا من حُجَّتُكَ أنك سريع النسيان، اعلَم أن القرآن سريعُ التَّفَلُّتِ لمن لم يهتمَّ به، فالقرآن عزيز؛ عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (( « إنما مَثَلُ صاحبِ القُرآنِ كمَثَلِ صاحبِ الإبلِ المعقلةِ، إن عاهَد عليها أمسَكها، وإن أطلَقها ذهبَتْ »))؛ [ رواه البخاري]. قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه لهذا الحديث: ما دام التعاهُد موجودًا فالحِفْظ موجود، كما أن البعير ما دام مشدودًا بالعقال فهو محفوظ، وخصَّ الإبل بالذكر؛ لأنها أشدُّ الحيوان الإنسي نفورًا، وفي تحصيلها بعد استكمان نفورها صعوبةٌ.
مقالات متعلقة تاريخ الإضافة: 7/11/2010 ميلادي - 1/12/1431 هجري الزيارات: 135781 الحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحْبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وبعد: ومِنْ أسماء الله الحسنى التي وردتْ في الكتاب العظيم: اللطيفُ، قال - تعالى -: ﴿ لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، وقال - تعالى - حاكيًا قول يوسف - عليه السلام -: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100]، وقال - تعالى -: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]. قال الخطابي: اللطيف هو البَرُّ بعباده، الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، ويسبِّب لهم من مصالحهم من حيث لا يحتسبون، كقوله - سبحانه -: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19]. فوائد اسم الله اللطيف. وقال الشوكاني في قوله: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ ﴾: "إن الله لطيف لا تخفى عليه خافية؛ بل يصل علمه إلى كل خفي" [1]. وجمع الشيخ عبدالرحمن بن سعدي بين التعريفين، فقال: "اللطيف الذي لطف علمه وخبره، حتى أدرك السرائر والضمائر والخبايا ( والخفايا والغيوب)، وهو الذي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى".
ومن معاني اللطيف أنه الذي يلطف بعبده ووليِّه، فيسوق إليه البر والإحسان من حيث لا يشعر، ويعصمه من الشر من حيث لا يحتسب، ويرقيه إلى أعلى المراتب بأسباب لا تكون من ( العبد) على بال، حتى إنه يذيقه المكاره، ليتوصل بها إلى المحاب الجليلة، والمقامات النبيلة" [2]. ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم: أولاً: أن الله - عز وجل - لا يفوته من العلم شيء، وإن دقَّ وصغُر أو خفي، وكان في مكان سحيق، قال - تعالى -: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59]. وقال - تعالى -: ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 16]. اسم الله اللطيف نبيل العوضي. فالله لا يخْفى عليه شيءٌ، ولا الخردلة - وهي الحبَّة الصغيرة التي لا وزن لها - فإنها ولو كانت في صخرةٍ في باطن الأرض أو في السموات، فإنَّ الله يأتِي بها، وهو اللَّطيف الخبير.