الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
زيارة أئمّة البقيع عليهم السلام أيّ الإمام الحسن المجتبى والإمام زين العابدين والإمام محمّد الباقر والإمام جعفر الصادق عليهمالسلام. إذا أردت زيارتهم فاعمل بما سبق من آداب الزيارة من الغسل والكون على الطهارة ولبس الثّياب الطّاهرة النظيفة والتطيّب والإستئذان للدخول ونحو ذلك وقل أيضاً: يا مَوالِيَّ يا أَبْناءَ رَسُولِ اللهِ ، عَبْدُكُمْ وَابْنُ أَمَتِكُمْ الذَّلِيلُ بَيْنَ أَيْدِيَكُمْ وَالمُضْعِفُ (1) فِي عُلُوِّ قَدْرِكُمْ وَالمُعْتَرِفُ بِحَقِّكُمْ جأَكُمْ مُسْتَجِيراً بِكُمْ قاصِداً إِلى حَرَمِكُمْ مُتَقَرِّباً إِلى مَقامِكُمْ مُتَوَسِّلاً إِلى الله تَعالى بِكُمْ ، أَأَدْخُلُ يا مَوالِيَّ أَأَدْخُلُ يا أوْلِياَء الله أَأَدْخُلُ يا مَلائِكَةَ الله المُحْدِقِينَ بِهذا الحَرَمِ المُقِيمِينَ بِهذا المَشْهَدِ. وادخل بعد الخشوع والخضوع ورقّة القلب وقدِّم رجلك اليُمنى وقل: الله أَكْبَرُ كَبِيراً وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً وَسُبْحانَ الله بُكْرَةً وَأَصِيلاً وَالحَمْدُ للهِ الفَرْدِ الصَّمَدِ الماجِدِ الاَحَدِ المُتَفَضِّلِ المَنَّانِ المُتَطَوِّلِ الحَنَّانِ الَّذِي مَنَّ بِطَوْلِهِ وَسَهَّلَ زِيارَةَ ساداتِي بِإِحْسانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَنْ زِيارَتِهِمْ مَمْنُوعاً بَلْ تَطَوَّلَ وَمَنَحَ (2).
ثمّ ادع لنفسك بما تريد (5). وقال الطوسي (رض) في « التهذيب » ثمّ صلّ صلاة الزيارة ثماني ركعات أيّ صلِّ لكلّ إمام ركعتين. وقال الشيخ الطوسي والسيّد ابن طاووس: إذا أردت أن تودّعهم عليهم السلام فقل: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةَ الهُدى وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ ، أَسْتَوْدِعُكُمْ الله وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ السَّلامَ ، آمَنَّا بِالله وَبِالرَّسُولِ وَبِما جِئْتُمْ بِهِ وَدَلَلْتُمْ عَلَيْهِ اللّهُمَّ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. ثمّ أكثر من الدعاء وسل الله العود وأن لا تكون هذه آخر عهدك من زيارتهم (6). زيارة النبي عند الشيعة الإمامية. والعلّامة المجلسي (رض) قد أورد في « البحار » زيارة مبسوطة لهم عليهم السلام (7) ، ونحن هنا قد اقتصرنا على ما مضى من زيارتهم فإنَّ أفضل الزيارات لهم عليهم السلام هي الزيارة الجامعة الآتية على ما صرّح به المجلسي (8) وغيره. وفي الباب الأول من الكتاب عند ذكر زيارات الحجج الطاهرة موزعة على أيّام الأسبوع قد أثبتنا زيارة للحسن عليه السلام ، وزيارة أخرى للأئمّة الثلاثة الآخِرين بالبقيع فلا تغفل عنها ص ١٠٩. وإعلم أنّا نورد لكلّ من الحجج الطّاهرين عند ذكر زيارته كيفيّة الصلاة عليه سوى أئمّة البقيع حيث اقتصرنا في الصلاة عليهم بما سيذكر في آخر باب الزيارات فلاحظها هناك وثقل ميزان حسناتك بالصلاة عليهم.
روابط ذات صلة: - زيارة البقيع - زيارة مسجد قباء - زيارة شهداء أحد - فضل المدينة المنورة - خذوا عني مناسككم - رسول الله في المدينة المنورة - مختصر مناسك الحج والعمرة - نصائح خاصة لكل حاج ومعتمر [1] البخاري (1132)، ومسلم (1397)، واللفظ له. [2] البخاري (1133)، ومسلم (1394). [3] مسلم (1398)، والترمذي (323)، والنسائي (11228)، وأحمد (11061). [4] النووي: المنهاج 9/169. [5] ابن ماجه (771)، وأحمد (26460)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره دون قوله: "اللهم اغفر لي ذنوبي". فحسن. وأبو يعلى (6754)، وقال النميري: هذا حديث حسن غريب. الإعلام بفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام، ص66، (119). زيارة وداع النبي في. [6] أبو داود (466)، وقال النووي: حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد جيد. انظر: خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام 1/314، وقال ابن حجر: حديث حسن رواه أبو داود بإسناد جيد. انظر: نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار 1/274. [7] قال الشوكاني: فينبغي لداخل المسجد والخارج منه أن يجمع بين التَّسمية والصَّلاة والسَّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدُّعاء بالمغفرة والدُّعاء بالفتح لأبواب الرَّحمة داخلاً ولأبواب الفضل خارجًا، ويزيد في الخروج سؤال الفضل.
حكم الافتاء بغير علم ما هو الفتوى من الأمور القاصرة على من يمتلك العلم والمتبحر في شؤون الدين، والفتوى هي بيان لأحكام وشريعة الله عز وجل، لذلك يجب أن تكون الفتوى بعلم، والدليل على ذلك قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، فما هو حكم الإفتاء بغير علم، تابعونا لمعرفة الإجابة الصحيحة. حكم الافتاء بغير علم إن حكم الإفتاء بغير علم هو حرام شرعًا ومن يرتكب هذا الفعل يكون من المشركين لأنه أدعى العلم بدون وجه حق، وهو من باب الافتراء على الله عز وجل وعلى سنة رسوله، وهو من الأفعال الشيطانية التي لها آثار وخيمة على المجتمع، فالفتوى بدون علم هي من الأمور المحرمة وغير الجائزة في الشريعة الإسلامية، فقد يقع من يُفتي بغير علم في الخطأ ويحلل ما حرم الله تعالى ويحرم ما حلله، وما يترتب على ذلك من فعل للمعاصي وخراب للبيوت. وهذا من الأمور التي قد تؤدي إلى الهلاك والفناء وانتشار الفتنة بين المسلمين، فالمفتي هو من يمتلك العلم لتوضيح المسائل غير الواضحة للعامة ويجب أن يكون مستنيراً بالعلم حتى يكون بارئاً لذمته أمام وجه الله تعالى، ويجب أن تكون نفسه مطمئنة لما يصدره من فتاوي، ويجب على المفتي الامتناع عن الفتوى إذا لم يكن متيقناً تمام اليقين من هذه الفتوى واستشارة من لديه العلم في هذا الأمر، وذلك لقوله تعالى "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ». [5] والشاهد في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً». فهذا الراهب إنما قتله جهله، لما أفتى بغير علم كان هو أول ضحايا فتواه. قال صاحب مرقاة المفاتيح: فيه إشارة إلى قلة فطنة الراهب؛ لأنه كان من حقه التحرز ممن اجترأ على القتل حتى صار له عادةً، بأن لا يواجهه بخلاف مراده، وأن يستعمل معه المعاريض مداراة عن نفسه، هذا لو كان الحكم عنده صريحاً في عدم قبول توبة القاتل، فضلاً عن أن الحكم لم يكن عنده إلا مظنونًا. [6] قال ابن المعتز: يا رُبَّ ألسنةٍ كالسيوفِ تَقْطَعُ أعناقَ أصحابِها وكم دُهي المرءُ من نفسِهِ فلا تُؤكلَنَّ بأنيابها قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَمْلأَ أَلْوَاحِي مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: لاَ أَدْرِي، لَفَعلْتُ.
إعداد: الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية اللبنانية 24 5 125, 676