بداية من كل شهر قمري أو نهايته، يكون القمر قد حصل على شكل شبيه بالعرجون القديم، عندما يكون هلالا، وهذا التشابه في شكل القمر وتقوس العرجون القديم يعد المراد به في هذه الأية الكريمة. الأية تشير إلى أن القمر يزداد في الحجم حتى يصبح كاملا، ثم يتناقص مع تقدم الشهر حتى يعود إلى شكل شبيه بالغصن الجاف المنحني، قبل أن يختفي ضوء القمر تماما عن الأنظار، ليظهر مرة أخرى في شهر جديد. الأية في المجمل تشير إلى مراحل تكون القمر، والنعمة التي أنعمها الله على الإنسان في هذه المراحل، والتي تسمح له بقياس الشهور والوقت، والفوائد الأخرى للقمر مثل المد والجزر وغيرها الكثير. لماذا وصف الله القمر بالعرجون القديم مراحل تكون القمر يقاس القمر لقصوره أو مراحله، بحيث أنه يرتفع في الليلة الأولى من الشهر على شكل هلال خافت، مع إعطاء القليل من الضوء، ثم يزيد ضوءه على مراحل، ويزداد موضعه كل ليلة، ويصبح ضوءه أكثر قوة. بعد كل ليلة يصبح القمر في موقع أعلى من اليوم الذي سبقه، وفي اليوم الرابع عشر من الشهر، يصبح القمر كاملا، ثم يبدأ من جديد في الإنخفاض حتى نهاية الشهر، ليعود إلى الشكل الذي وصفه به الله. الطاوسي يؤكد تولي التدريب في الرجاء. تشبيه الله إكتمال القمر أو بدايته بالعرجون القديم يبدوا مثالا جميلا على البلاغة في القرأن، ومن خلال المقارنة بين شكل العرجون المقوس القديم سيكون من السهل للغاية ملاحظة التشابه بينهما.
مراحل تكون القمر لماذا استخدم الله هذا الوصف يحاول الله تعالى في القرأن إيصال مجموعة من الرسائل بإستخدام بعض الأمثلة لتقريب الصورة للمستلم، وكلما كانت الأمور أكثر ملامسة، تكون أكثر سهولة في الفهم، ويمكن للمرء أن يكون قادرا على ربط الأشياء الملموسة والظاهرة بالأشياء الغيبية الغير مرئية. في الأية رقم 39 من سورة يس، يعلمنا الله عن علامة مرئية واحدة تشير إلى حقيقة أن القمر يمر بمراحل معينة، وقد وضع الله لها مرسوما يحدد بها مراحلها، ولا تحدث سوى بأمر من الله، وتمثل الدقة والثبات اللذين تحدث بهما.
[ ص: 245] قوله تعالى: وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل. ( وجاء رجل) قال أكثر أهل التفسير: هذا الرجل هو حزقيل بن صبورا مؤمن آل فرعون ، وكان ابن عم فرعون; ذكره الثعلبي وقيل: طالوت; ذكره السهيلي وقال المهدوي عن قتادة: شمعون مؤمن آل فرعون ، وقيل: شمعان; قال الدارقطني: لا يعرف شمعان بالشين المعجمة إلا مؤمن آل فرعون وروي أن فرعون أمر بقتل موسى فسبق ذلك الرجل بالخبر; ف قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك أي يتشاورون في قتلك بالقبطي الذي قتلته بالأمس وقيل: يأمر بعضهم بعضا. قال الأزهري: ائتمر القوم وتآمروا أي أمر بعضهم بعضا; نظيره قوله: وأتمروا بينكم بمعروف. موقع تراثي. وقال النمر بن تولب: أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفي كل حادثة يؤتمر فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب أي ينتظر الطلب قال رب نجني من القوم الظالمين قيل: الجبار: الذي يفعل ما يريده من الضرب والقتل بظلم ، لا ينظر في العواقب ، ولا يدفع بالتي هي أحسن ، وقيل: المتعظم الذي لا يتواضع لأمر الله تعالى.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أصحابه، قالوا: لما سمع القبطي قول الإسرائيلي لموسى " أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس " سعى بها إلى أهل المقتول فقال: إن موسى هو قتل صاحبكم، ولو لم يسمعه من الإسرائيلي لم يعلمه أحد، فلما علم موسى أنهم قد علموا خرج هارباً، فطلبه القوم فسبقهم. قال: وقال ابن أبي نجيح: سعى القبطي. حدثنا القاسم، قال، ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، قال: قال الإسرائيلي لموسى " أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس " وقبطي قريب منهما يسمع، فأفشى عليهما. مصر في القرآن - الكلم الطيب. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: سمع ذلك عدو فأفشى عليهما. وقوله: " وجاء رجل " ذكر أنه مؤمن آل فرعون، وكان اسمه فيما قيل: سمعان. وقال بعضهم: بل كان اسمه شمعون. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، أخبرني ابن سليمان، عن شعيب الجبئي، قال: اسمه شمعون الذي قال لموسى " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ". حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أصبح الملأ من قوم فرعون قد أجمعوا لقتل موسى فيما بلغهم عنه، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى يقال له سمعان، فقال " يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ".
وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) قال تعالى: ( وجاء رجل) وصفه بالرجولية لأنه خالف الطريق ، فسلك طريقا أقرب من طريق الذين بعثوا وراءه ، فسبق إلى موسى ، فقال له: يا موسى ( إن الملأ يأتمرون بك) أي: يتشاورون فيك ( ليقتلوك فاخرج) أي: من البلد ( إني لك من الناصحين).
ومتعلق الخروج محذوف لدلالة المقام ، أي فاخرج من المدينة. وجملة { إني لك من الناصحين} تعليل لأمره بالخروج. واللام في قوله { لك من الناصحين} صلة ، لأن أكثر ما يستعمل فعل النصح معدى باللام. يقال: نصحت لك قال تعالى { إذا نصحوا لله ورسوله} في سورة [ التوبة: 91] ووهماً قالوا: نصحتك. وتقديم المجرور للرعاية على الفاصلة. قراءة سورة القصص
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة القصص - قوله تعالى وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى - الجزء رقم10. ذكر من قال ذلك: حدثني العباس، قال: أخبرنا زيد، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد، قال: ثنا القاسم بن أبي أيوب، قال: ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول: " أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس "؟ فأرسل فرعون الذباحين لقتل موسى، فأخذو الطريق الأعظم، وهم لا يخافون أن يفوتهم، وكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة، فاختصر طريقاً قريباً، حتى سبقهم إلى موسى، فأخبره الخبر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: أعلمهم القبطي الذي هو عدو لهما، فأتمر الملأ ليقتلوه، فجاء رجل من أقصى المدينة، وقرأ " إن "... إلى آخر الآية، قال: كنا نحدث أنه مؤمن آل فرعون. حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي ، قال: ذهب القبطي، يعني الذي كان يقاتل الإسرائيلي، فأفشى عليه أن موسى هو الذي قتل الرجل، فطلبه فرعون وقال: خذوه إنه صاحبنا، وقال للذين يطلبونه: اطلبوه في بنيات الطريق، فإن موسى غلام لا يهتدي الطريق، وأخذ موسى في بنيات الطريق، وقد جاءه الرجل فأخبره " إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ".
موقع تراثي