معنى الإيمان بالله عز وجل - YouTube
الرتبة الأولى: أن تشهد الأولية منه تعالى في كل شيء والآخرية بعد كل شيء، والعلو والفوقية فوق كل شيء، والقرب من الدنو دون كل شيء فالمخلوق يحجبه مثله عما هو دونه فيصير الحاجب بينه وبين المحجوب، والرب جل جلاله ليس دونه شيء أقرب إلى الخلق منه. والرتبة الثانية من التعبد: أن يعامل كل اسم بمقتضاه؛ فيعامل سبقه تعالى بأوليته لكل شيء وسبقه بفضله وإحسانه، الأسباب كلها بما يقتضيه ذلك من إفراده وعدم الالتفات إلى غيره والوثوق بسواه والتوكل على غيره، فمن ذا الذي شفع لك في الأزل حيث لم تكن شيئاً مذكوراً حتى سماك باسم الإسلام، ووسمك بسمة الإيمان، وجعلك من أهل قبضة اليمين، وأقطعك في ذلك الغيب عمالات المؤمنين، فعصمك عن العبادة للعبيد، وأعتقك من التزام الرق لمن له شكل ونديد، ثم وجه وجهة قلبك إليه سبحانه دون ما سواه (١). وعن سر العبودية وغايتها وحكمتها قال: (إنما يطلع عليها من عرف صفات الرب عز وجل ولم يعطلها، وعرف معنى الإلهية وحقيقتها، ومعنى كونه إلها. معنى الإيمان بالله تعالى - توحيد 2 - ثالث ثانوي - المنهج السعودي. بل هو الإله الحق، وكل إله سواه فباطل، بل أبطل الباطل، وأن حقيقة الإلهية لا تنبغي إلا له، وأن العبادة موجب إلهيته وأثرها ومقتضاها وارتباطها بها كارتباط متعلق الصفات بالصفات، وكارتباط المعلوم بالعلم والمقدور بالقدرة، والأصوات بالسمع، والإحسان بالرحمة، والعطاء بالجود) (٢).
وقد احتوت الرّسالات السّماوية على أمور غيبيّة، لا يقدر الإنسان على أن يعلمها إلا عن طريق الوحي الثّابت في القرآن الكريم والسّنة النّبوية، مثل الأحاديث عن الله سبحانه وتعالى، وافعاله، وصفاته، والسّماوات السّبع، والملائكة، والشّياطين، والجنّة، والنّار، وغير ذلك من الأمور والحقائق التي لا يعلمها الإنسان وليس لديه القدرة على معرفتها لوحده، ولا سبيل إلى إدراكها إلا عن طريق الأخبار التي أنزلها الله سبحانه وتعالى وأوحى بها إلى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.
إن من أفضل النعم التي ينعم الله بها على إنسان نعمة الإيمان، والإيمان هو التصديق بالله، وبأنه الرب الواحد، الخالق، المدبر، رافع السماء بلا عمد. وكلمة الإيمان ترادف اليقين وهو عكس الشك الذي يناقض التوحيد فالمؤمن مطالب بأن يكون موقنا بأن الله هو رب العالمين دون مراء أو ريب. ولا يكون الإنسان مؤمنا إلا إذا تحققت فيه عدة شروط، منها: 1 - الإيمان بوجود الله، وهنا تحضرني قصة كان بطلها الإمام أبو حنيفة، أسردها عليك عزيزي القارئ: " ويذكر عن أبي حنيفة - رحمه الله - وكان معروفاً بالذكاء أنه جاءه قوم ملحدون يقولون له: أثبت لنا وجود الله فقال: دعوني أفكر، ثم قال لهم: إني أفكر في سفينة أرست في ميناء دجلة وعليها حمل فنزل الحمل بدون حمال، وانصرفت السفينة بدون قائد، فقالوا: كيف تقول مثل ذلك الكلام فإن ذلك لا يعقل ولايمكن أن نصدقه؟ فقال: إذا كنتم لا تصدقون بها فكيف تصدقون بهذه الشمس، والقمر، والنجوم، والسماء، والأرض، كيف يمكن أن تصدقوا أنها وجدت بدون موجد؟!. معنى الايمان | معرفة الله | علم وعَمل. " (1 2 – الإيمان بربوبية الله: والربوبية لفظ مشتق من لفظ الرب والرب ويعني: الخالق، والمالك، والمدبر، ولا يغني واحد من هذه الثلاثة عن الآخر، فهو الخالق الذي أوجد الأشياء من عدم ، والمالك أي خلق الخلق وانفرد بملكه له كما انفرد بخلقه له، وهو المدبر لجميع الأمور وهذا بإقرار المشركين، فإنهم إذا سئلوا من يدبر الأمور؟ فسيقولون: الله فهو المنفرد بالتدبير.
وهذه الأمور جاءت على النحو التالي: أولاً: أن الأسماء والصفات مقتضية لآثارها من العبودية اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها تعني من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها. ثانياً: أن مذهب السلف الصالح قائم على الإيمان بأسماء الله وصفاته، وبما دلت عليه من المعاني، وبما تعلقت به من الآثار والأحكام (٥). ثالثاً: أن الوجود خلقاً وأمراً يتعلق بأسماء الله وصفاته، وإن كان العلم بما فيه بعض آثارها ومقتضياتها؛ إذا عرفت هذا فمن أسمائه الغفار والتواب والعفو فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات ولا بد من جناية تغفر، وتوبة تقبل، وجرائم يعفى عنها (٦). (١) ((طريق الهجرتين)) (ص: ٢٤، ٢٥). (٢) ((مدارج السالكين)) (١/ ١١٠). (٣) رواه مسلم (٤٨٦). من حديث عائشة رضي الله عنها. (٤) ((مدارج السالكين)) (١/ ١١٠). تحضير درس معنى الإيمان بالله تعالى مادة التوحيد 2 مقررات 1443 | مؤسسة التحاضير الحديثة. (٥) ((مفتاح دار السعادة)) (٣/ ٥١٠)، وانظر: ((الكواشف الجلية)) للسلمان (ص: ٤٢٥)، ((طريق الوصول إلى العلم المأمول)) لابن سعدي (ص: ٣٤٩). (٦) ((مدارج السالكين)) (١/ ٤١٧ - ٤١٩).
فلا ينبغي للجاهل محاورة أولئك لأن الشبهة قد تقع موقعها من قلبه فلا يستطيع ردها وهي داحضة باطلة قريبة لو عرضت على أهل العلم. وللمزيد ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6069 ، 12210 ، 22018 ، 52718. والله أعلم.
جميع الحقوق محفوظة لـ مؤسسة آية الله العظمى الميلاني لإحياء الفكر الشيعي. Copyright © 2007-2011, al-Milani Foundation