المنافق مشرك، إن المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله، وإن المنافق عند هواه. ثم تلا هذه الآية {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلًا}. تفسير: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا) - منتديات سكون الشوق. وأخرج الطبراني عن أبي امامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما تحت ظل السماء من إله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع». وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون} قال: مثل الذين كفروا كمثل البعير والحمار والشاة. إن قلت لبعضهم كل لم يعلم ما تقول غير أنه يسمع صوتك. كذلك الكافر إن أمرته بخير، أو نهيته عن شر، أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: {بل هم أضل سبيلًا} قال: أخطأ السبيل.
فالرأي قد يكون صائباً، لكن يميل به الهوى حيث يريد الإنسان، وقلنا: لا أدلّ على ذلك من أن الرجل منهم كان يسير فيجد حجراً أجمل من حَجره الذي يعبده، فيَلْقي الإله الذي يعبده ليأخذ هذا الذي هو أجمل منه فيتخذه إلهاً، إذن: هواه في جمال الحجر غلب أنه إله. وقد وقف المستشرقون عند قوله تعالى في حَقِّ النبي صلى الله عليه وسلم: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ} [النجم: 3]. فصل: تفسير الآيات (45- 46):|نداء الإيمان. يقولون: كيف يحكم الله بأن رسوله لم ينطق عن الهوى، وقد عدَّل له بعض ما نطق به، مثل قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]. وقال تعالى: { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ} [التوبة: 43]. ولا بُدَّ أن نُحدِّد مفهوم الهوى أولاً: أنت مدرك أن لديه قضيتين: الحق واضح في إحداهما، إلا أن هواه يميل إلى غير الحق. إنه صلى الله عليه وسلم نطق لأنه لم تكن هناك قضية واقعة، وهو يعرف وجه الحق فيها، فهو ـ إذن ـ لم يَسِرْ على الهوى، إنما على ما انتهى إليه اجتهاده. ألاَ ترى قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة تبنِّيه لزيد بن حارثة { ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ} [الأحزاب: 5] فمعنى أن نسبته لأبيه أقسط أن رسول الله لم يكُنْ جائراً، فما فعله قِسْط، لكن فِعْل الله أقسط منه.
والأقوال مجمعة على جواز إعطاء المكلّف صدقته لأقاربه الفقراء والمساكين الذين لا تجب عليه إعالتهم شرعا. وقد روي في صدد ذلك حديث نبوي عن سلمان بن عامر الضبي جاء فيه: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة» «١». بل لقد روي حديث نبوي أجاز فيه إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها وولدها الفقراء على اعتبار أنها غير مكلفة بهما شرعا حيث روي عن ابن مسعود أنه أفتى لامرأته أن تعطيه صدقتها فأبت حتى تستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت فاستأذنته «فقال لها صدق ابن مسعود زوجك وولده أحقّ من تصدقت به عليهم» «٢». أرأيت من اتخذ الهه هواه الغناء 2. وهناك من أجاز إعطاء اليهودي والنصراني والمجوسي بل وغيرهم من الصدقة إذا كانوا فقراء ومساكين لإطلاق الآية. وهناك من لم يجز ذلك. وهناك من أجازه إذا لم يكن فقيرا أو مسكينا من المسلمين. ولقد روينا في سياق بحث الجزية أي في سياق الآية [٢٩] من هذه السورة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رتب من بيت المال الذي تجتمع فيه الصدقة وغيرها ليهودي طاعن ضرير مرتبا مما يدعم القول الأول. وهناك آية في سورة البقرة فيها إشارة داعمة له أيضا على ما شرحناه في سياقها. وهي الآية [٢٧٢] ومع ذلك فإن القول الثالث لا يخلو من وجاهة وصواب أيضا.
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) (البقرة/ 263 والصدقة بعد الصلاة الواصلة الخاشعة هي أسرع براق لرضوان الله تعالى، وقد وضعت في الموضع الثالث بعد الإيمان والصلاة( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) البقرة3- وقد ذكرت كلمة الصدقة ومشتقاتها بضعا وخمسين مرة في القرآن، وقرنت بالجزاء الدنيوي والأخروي، وهو أزاحة الخوف والحزن عن القلوب ، ومن بعض ذلك هو الشعور العميق بالسرور والحبور يغمر المتصدق عندما يشهد أثر صدقته على من تصدق عليه ثم يجد أجرها في الدنيا والآخرة. وأما رمضان فهو شهر الصدقات بحق، ورمضان شهر كريم فكن كريما مثل الشهر الكريم، وقد كان سيدي رسول الله صلي الله عليه يشبه أصحابه بالريح المرسلة الندية وكان يعطي عطاء من أيقن قلبه أ(نه ما نقص مال من صدقة) وعطاء من لا يخشي الفقر ، فرمضان شهر الزكوات والصدقات. وجعلت فيه زكاة الفطر متعينة واجبة على كل صائم، فالغني يعطي ولا يأخذ، والفقير يعطي مما يأخذ، فهو شهر الدربة على العطاء، وهو شهر المحبة والأخاء، فإنما المؤمنون أخوة، والناس جميعا في الإنسانية أخوة، وإنت تقرأ في الكتاب (وإلى عاد أخاهم هودا) فآصرة الإنسانية تبقى في كل حال حتى حال المكذبين فسبحان الله رب العالمين.
وبين أنه "لكل إنسان رصيد من الستر مع الله، فإذا انتهى كشف الله ستره عنه"، مشددًا على أنه "من حق اليقين أن يوقن الإنسان تمام اليقين أن الله لا يمكن أن يضيع رصيده، لا معه ولا مع الناس، لما قاله الحسن البصري: (لا يكتمل يقين أحدكم حتى يكون بما في يدي الله أوثق مما في يده)، فإن رصيدك عند الله محفوظ مائة في المائة". غير أن خالد لاحظ أن هناك من يكره إنسانا لمجرد موقف واحد وينسى رصيده معه، واصفًا مثل هؤلاء بأنهم "من أسوأ الناس، لكونهم غير منصفين مع قانون ربنا: (أودع في الرصيد)، الذي حث على تطبيقه، سواء مع الزوجة.. الأم.. الصديق.. وسيحفظه الله في أولادك، (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا)". وقال: "عندما تودع في الرصيد يمتد عمرك بعمر كل واحد أودعت في رصيده، (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)، أثرك باق بقدر ما أودعت"، وحث على تطبيق قانون: أودع في الرصيد "حتى مع أعدائك بعفوك عنهم". واعتبر أن تطبيق هذا القانون "أكبر حماية لك في الحياة من مخاطر تقلبات الناس عليك أو غضب الله"، مشيرا إلى أنه شخصيا، على سبيل المثال، "هناك كثيرون يحبونني وآخرون يشتمونني، أنا ليس لدي مشكلة، وأتعامل بهدوء.. مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي :. رصيدي مضمون عند الله.. يقين فيه، لأني أخرج أفضل ما لدي".
ومع ذلك، فإن الله يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه، لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مواجهة فرعون، لديه رصيد كبير عند الله، صبر على إصلاح بني إسرائيل أشد الصبر، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر". وذكر خالد أن "الأعمال تشفع لصاحبها عند الله، وتذكر به إذا وقع في الشدائد، وهذا ما كان سببًا في خروج يونس من بطن الحوت، فقد كان مازال لديه رصيد، (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، أما فرعون لما لم تكن له سابقة خير تشفع له، وقال: (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)، قال له جبريل: (الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)". واستطرد: "لهذا من رجحت حسناته على سيئاته، أفلح ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته، النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن عفان، الذي أنفق من ماله في تجهيز جيش العسرة: (ما ضر بن عفان ما يفعل بعد اليوم، افعل ما شئت يا عثمان، فقد رضى الله عنك)". وقال خالد إنه "حتى الدول لها رصيد أيضًا، قوما عاد وثمود فقدا رصيدهما واستمرا في العصيان فأهلكهما الله: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ)".