فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من سنتي النكاح ولا رهبانية في الإسلام إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله وخصاء أمتي الصوم ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم. ومن سنتي أنام وأقوم وأفطر وأصوم فمن رغب عن سنتي فليس منى). فقال عثمان: والله لوددت يا نبي الله أي التجارات أحب إلى الله فأتجر فيها؛ فنزلت. وقيل { أدلكم} أي سأدلكم. والتجارة الجهاد؛ قال الله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم} [التوبة: 111] الآية. وهذا خطاب لجميع المؤمنين. وقيل: لأهل الكتاب. الثانية: قوله تعالى { تنجيكم} أي تخلصكم { من عذاب أليم} أي مؤلم. وقراءة العامة { تنجيكم} بإسكان النون من الإنجاء. وقرأ الحسن وابن عامر وأبو حيوة { تنجِّيكم} مشددا من التنجية. ثم بين التجارة، وهي المسألة: الثالثة: فقال { تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم} ذكر الأموال أولا لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق. { ذلكم} أي هذا الفعل { خير لكم إن كنتم تعلمون} خير لكم من أموالكم وأنفسكم { إن كنتم تعلمون}. و { تؤمنون} عند المبرد والزجاج في معنى آمنوا، ولذلك جاء { يغفر لكم} مجزوما على أنه جواب الأمر. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم). وفي قراءة عبدالله { آمنوا بالله} وقال الفراء { يغفر لكم} جواب الاستفهام؛ وهذا إنما يصح على الحمل على المعنى؛ وذلك أن يكون { تؤمنون بالله، وتجاهدون} عطف بيان على قوله { هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم} كأن التجارة لم يدر ما هي؛ فبينت بالإيمان والجهاد؛ فهي هما في المعنى.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة قال مقاتل: نزلت في عثمان بن مظعون; وذلك أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أذنت لي فطلقت خولة ، وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ، ولا أنام بليل أبدا ، ولا أفطر بنهار أبدا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من سنتي النكاح ، ولا رهبانية في الإسلام ، إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله ، وخصاء أمتي الصوم ، ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم. ومن سنتي أنام وأقوم ، وأفطر وأصوم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ". فقال عثمان: والله لوددت يا نبي الله أي التجارات أحب إلى الله فأتجر فيها; فنزلت. وقيل: " أدلكم " أي سأدلكم. يا ايها الذين امنوا هل ادلكم على تجارة. والتجارة الجهاد; قال الله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية. وهذا خطاب لجميع المؤمنين. وقيل: لأهل الكتاب. قوله تعالى: " تجارة " أي تخلصكم ، وقراءة العامة تنجيكم بإسكان النون من الإنجاء. وقرأ الحسن وابن عامر وأبو حيوة " تنجيكم " مشددا من التنجية ، ثم بين التجارة وهي المسألة.
والتجارة فى الأصل معناها: التصرف فى رأس المال ، وتقليبه فى وجوه المعاملات المختلفة ، طلبا للربح. البغوى: ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم). قرأ ابن عامر " تنجيكم " بالتشديد والآخرون بالتخفيف ( من عذاب أليم). محبطات الأعمال العشر .. احذر أن تبطل عبادتك بواحدة منها - مجلة لايف | Live Magazine. نزل هذا حين قالوا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله - عز وجل - لعملناه وجعل ذلك بمنزلة التجارة لأنهم يربحون بها رضا الله ونيل جنته والنجاة من النار. ابن كثير: تقدم في حديث عبد الله بن سلام أن الصحابة ، رضي الله عنهم ، أرادوا أن يسألوا عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل ليفعلوه ، فأنزل الله هذه السورة ، ومن جملتها هذه الآية: ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم) ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور ، والتي هي محصلة للمقصود ، ومزيلة للمحذور فقال القرطبى: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة قال مقاتل: نزلت في عثمان بن مظعون; وذلك أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أذنت لي فطلقت خولة ، وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ، ولا أنام بليل أبدا ، ولا أفطر بنهار أبدا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من سنتي النكاح ، ولا رهبانية في الإسلام ، إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله ، وخصاء أمتي الصوم ، ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم.
⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، قال: تلا قتادة: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال: الحمد لله الذي بينها.
{وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} وذلك بأن تقدموا أموالكم في كل مواقع العطاء في موارده الخاصة والعامة، وبأن تقدموا أنفسكم بكل إمكاناتها في مجالها العملي في حركة الحياة من حولها، وبكل مواقع بذلها، حتى تكون هي الضحية الطوعية لله في مواقع رضاه، فإن ذلك وحده هو الشاهد الحي على الإخلاص لله في جميع الأمور، ولذلك كان جزاؤه عظيماً، {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}، لأن الموازنة بين ما تبذلونه من جهدٍ أو تضحية، وبين ما تحصلون عليه من النتائج الكبيرة عند الله، تؤدي بكم إلى القناعة بالفضل العظيم لما عنده. {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} فتقفون بين يديه كما لو لم يكن لكم ذنب عنده {وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} في ذلك الجو الرائع الجميل الحافل بالخضرة الحلوة والينابيع المتدفقة والجمال المبدع، {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}حيث تعيشون هناك الاستقرار الدائم والطمأنينة الخالدة والراحة الطويلة {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الذي يمثل الموقع النهائي في حركة الإنسان نحو الفلاح والنجاح والحصول على الفوز بالسعادة في نهاية المطاف.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) يقول تعالى: ( أليس الله بكاف عبده) - وقرأ بعضهم: " عباده " - يعني أنه تعالى يكفي من عبده وتوكل عليه. وقال ابن أبي حاتم هاهنا: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب حدثنا عمي ، حدثنا أبو هانئ ، عن أبي علي عمرو بن مالك الجنبي ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري; أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " أفلح من هدي إلى الإسلام ، وكان عيشه كفافا ، وقنع به ". اليس الله بكاف عبده صورة. ورواه الترمذي والنسائي من حديث حيوة بن شريح ، عن أبي هانئ الخولاني ، به. وقال الترمذي: صحيح. ( ويخوفونك بالذين من دونه) يعني: المشركين يخوفون الرسول ويتوعدونه بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دونه; جهلا منهم وضلالا; ولهذا قال تعالى: ( ومن يضلل الله فما له من هاد)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعاء بهؤلاء الكلمات الخمس لم يسأل الله شيء إلا أعطاه (( لا إله إلا الله، و الله أكبر، و لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله و لا حول و لا قوة إلا بالله)). 7. اليس الله بكاف عبده ويخوفونك. الاكثار من قول – لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. أن رجل من الصحابة قال: الله أكبر كبيرا و الحمد لله كثيرا و سبحان الله بكره و أصيلا قال الرسول عليه الصلاة و السلام (عجبت لها فتحت لها أبواب السماء). قال الرسول عليه الصلاة و السلام ( إن لله ملك موكل ممن يقول ياأرحم الراحمين فمن قالها ثلاثا قال له الملك أن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل). اللهم أنك تعلم أن على أسأءتي و ظلمي و إسرافي لم أجعل لك ولدا و لا ندا و لا صاحبة و لا كفوا فإن تعذب فعبدك و أن تغفر فإنك أنت العزيز الحكيم اللهم إني أسألك يا من لا تغلطه المسائل و لا يشغله سمع عن سمع و يا من لا يبرمه إلحاح الملحين أنت تجعل لي في ساعتي هذه فرج و مخرج من حيث احتسب و من حيث لا احتسب و من حيث أعلم ومن حيث لا أعلم و من حيث أرجو ومن حيث لا أرجو. ثم الدعاء اللهم أني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت يا حنان يا منان يا بديع السماوات و الأرض يا ذا الجلال و الإكرام (( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب و إذا سئل به أعطى)).
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار. فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لصحة مَعْنَيَيْهَا واستفاضة القراءة بهما في قَرَأَةِ الأمصار. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) يقول: محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. (أليس *الله *بكاف *عبده). حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) قال: بلى, والله ليكفينه الله ويعزّه وينصره كما وعده. وقوله: ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ويخوّفك هؤلاء المشركون يا محمد بالذين من دون الله من الأوثان والآلهة أن تصيبك بسوء, ببراءتك منها, وعيبك لها, والله كافيك ذلك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) الآلهة, قال: " بعث رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خالد بن الوليد إلى شعب بسُقام (2) ليكسر العزّى, فقال سادنها, وهو قيمها: يا خالد أنا أحذّركها, إن لها شدّة لا يقوم إليها شيء, فمشى إليها خالد بالفأس فهشّم أنفها ".
أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما. [ الزمر: 36]
وقد بين جل وعلا في موضع آخر، أن الشيطان يخوف المؤمنين – أيضًا – الذين هم أتباع الرسل، من أتباعه وأوليائه من الكفار، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175] [أضواء البيان 7/62]. وقد بدأت الآية بصيغة الاستفهام (أليس) وهو استفهام إنكاري للتأكيد في الإثبات، ويفيد إثبات رعاية الله تعالى لنبيه وحفظه، وإنكار مزاعم الكافرين الذين يخوفون النبي صلى الله عليه وسلم بقوة معبودهم وتأثيره على الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ويخوفونه بأنواع العذاب والتهديد والوعيد، وأنه مهما حاول الجاهلون والمبطلون على إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وتوعدوا بذلك، وسعوا وبالغوا واجتهدوا في إلحاق الضرر به – وهو الأمر الذي يتجدد ربين حين وآخر، يتعرض الكفار وأعوانه على جناب النبي صلى الله عليه وسلم – فإن الله ضامنه بالكفاية والرعاية والعصمة. استدل بهذه الآية الرازي فقال: جرت العادة أن المبطلين يخوفون المحقين بالتخويفات الكثيرة، فحسم الله مادة هذه الشبهة بقوله تعالى ﴿أليس الله بكاف عبده﴾ وذكره بلفظ الاستفهام والمراد تقرير ذلك في النفوس والأمر كذلك، لأنه ثبت أنه عالم بجميع المعلومات قادر على كل الممكنات غني عن كل الحاجات فهو تعالى عالم حاجات العباد وقادر على دفعها وإبدالها بالخيرات والراحات، وهو ليس بخيلا ولا محتاجا حتى يمنعه بخله وحاجته عن إعطاء ذلك المراد، وإذا ثبت هذا كان الظاهر أنه سبحانه يدفع الآفات ويزيل البليات ويوصل إليه كل المرادات".