قاعدة ربا البيوع والصرف (لا تخلو مبادلة بين عوضين من إحدى حالات خمس) عين2021
الحمد لله الذي أحلَّ البيعَ وحرَّم الربا، أحمده - سبحانه - وأشكره على ما يسَّره من طُرق المعاملات المرضية لله - عز وجل - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أوجب البرَّ والإحسان في المعاملات بين أفراد الإنسان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من قال: ((رحِم الله عبدًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى))، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه البررة الصادقين في معاملاتهم، وَفْق ما جاء به رسولُهم نبي الرحمة ورسول الهدى. أما بعد: فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى الذي خلقكم ورزقكم وهيَّأ لكم أسباب الرزق؛ مبينًا الحلال والحرام منه، فخذوا بما يحبه ويرضاه، واجتنبوا ما يكرهه من المعاملات ويأباه، واعلموا أن مَن سار في معاملاته المالية على أسس من الشريعة، فاز برضا رب البرية، ثم برضا أفراد الإنسانية، ومَن خالَف وصار همه جمع الحطام الفاني، وتضخيم المال البالي، الذي سيُنزَع منه ثم يكون ندمه على جهده المتوالي، طيلة الأيام والليالي، بينما لا ينفع الندم، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلب سليم.
«وفي الاصطلاح: هو مبادلة مال بمال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة على التأبيد غير ربا وقرض، فقولهم: مبادلة مال بمال، والمراد بالمال هنا كل عين مباحة النفع بلا حاجة، كالذهب والفضة والشعير والبر والتمر والملح والسيارات.. وغيرها. وقولهم: أو منفعة مباحة، أي مبادلة مال بمنفعة مباحة، واشتراط كونها مباحة احترازًا من المنفعة غير المباحة، وقولهم: ولو في الذمة، لو هنا ليست إشارة خلاف، ولكن المعنى أن المال الذي يقع العقد عليه قد يكون حاضرًا، وقد يكون في الذمة، فالبيع يشمل هذا وهذا» [5]. وينقسم البيع إلى قسمين: حلال وحرام: أما الحلال كبيع الطعام، واللباس غير المحرم، والحيوانات، والسيارات... كتاب البيوع - تابع باب الربا والصرف، مسألة في قاعدة الضرورة والاحتكام إليها - إحياء السنة الموقع الرسمي للشيخ د./ صبري عبد المجيد. وغيرها، والحكمة منه حاجة الناس إلى ذلك، و الله تعالى لم يبح شيئًا إلا وفيه منفعة للعباد. الحرام كبيع المعازف، والخمور، والدخان، والخنزير، والأصنام.. وغير ذلك، والحكمة من تحريمه، إن هذه الأشياء حرمها الله ، و الله لا يحرم شيئًا إلا وفيه ضرر على العبد في دينه أو دنياه، أو يشغل عن أداء عبادة واجبة. من القواعد في البيع: الصدق والبيان: لما جاء في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا » [6].
قال النووي رحمه الله: «النهي عن بيع الغرر أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، ويدخل فيه مسائل كثيرة غير منحصرة، كبيع المعدوم، والآبق، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لا يتم ملك البائع عليه، وبيع السمك في الماء الكثير، واللبن في الضرع، وبيع الحمل في البطن، وبيع ثوب من الأثواب، وشاة من الشياه، ونظائر ذلك، وكل ذلك باطل لأنه غرر كبير من غير حاجة» [11]. والغرر أنواع، فمنه: بيع المعدوم: كبيع حبل الحبلة، كما جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، قال ابن عمر: وهو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة، ويلد ولدها [12]. قاعدة ربا البيوع والصرف - افتح الصندوق. ومنه بيع المعجوز عن تسليمه: كالجمل الشارد، أو العبد الآبق. والنوع الثالث: بيع المجهول المطلق، أو المجهول الجنس، أو المجهول القدر. ومن صوره بيع الملاقيح: وهو ما في ظهور الذكور يلقحها الفحل في بطن الأنثى، بأن يقول صاحب الفحل: أبيع عليك ضراب فحلي من ناقتك، فيضربها هذه المرة، فأبيع عليك هذا الضراب، فلا يجوز لأنه أجهل من بيع الحمل، فإن هذا اللقاح قد يكون صحيحًا، وقد يكون فاسدًا، فإذا منع الحمل فهذا من باب أولى. ومنه بيع المضامين: وهي الحوامل، والمراد ما في بطونها، وقد ورد النهي عن بيع الحمل حتى تضع كما تقدم، ومنه بيع الثمار قبل بدو صلاحها، خوفًا من تلفها، أو حدوث عيب بها قبل أخذها، روى البخاري ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أَرَأَيْتَ إِنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ » [13].
السؤال: من الصومال مقديشو الأخت هناء صالح بعثت برسالة ضمنتها بعض الأسئلة، في أحد أسئلتها تقول: أرجو تعريفي ما معنى الربا؟ الجواب: الربا في اللغة: الزيادة، ويقال: ربا المال: زاد، وربا الشجر: نما وزاد. وفي الشرع: هو الزيادة في أحد النوعين من المال على النوع الآخر، هذا إذا كانا من جنس واحد، كالذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير ونحو ذلك، إذا زاد أحدهما على الآخر هذا يقال له: ربا شرعًا ممنوع شرعًا، فليس للمسلم أن يبيع درهمًا بدرهمين، ولا دينارًا بدينارين، إذا كانت زنة الدينار واحد، فإن هذا ذهب بذهب أزيد، وفضة بفضة أزيد، والنبي ﷺ قال: الذهب بالذهب مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، والفضة بالفضة مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، والبر بالبر والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواء بسواء يدًا بيد، فمن زاد، أو استزاد؛ فقد أربى. ويكون الربا أيضًا بغير زيادة، لكن بالتفرق قبل القبض، أو بالتأجيل، يسمى ربا أيضًا شرعًا، إذا باع جنسًا من المال بجنسه، ولم يتقابضا أو بجنس لا يباع به نسيئة ولم يتقابضا؛ سمي ربا، وإن لم يكن فيه زيادة. فلو باع درهمًا بدرهم نسيئة، أو تفرقا قبل القبض؛ يسمى ربا شرعًا، ولو ما فيه زيادة، أو باع دينارًا بدينار، لكن لم يتقابضا أو قال: إلى أجل سمي ربا أيضًا، ولو لم يكن فيه زيادة.