وروى مسلم بسنده عن جابر t أن عبدًا لحاطب جاء رسول الله r يشكو حاطبًا فقال: يا رسول الله ليدخلن حاطب النار, فقال رسول الله r: "كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدرًا والحديبية". وعن أنس بن مالك أنه سمع حاطب بن أبي بلتعة يقول: إنه طلع على النبي r في أحد وهو يشتد وفي يد علي بن أبي طالب الترس فيه ماء ورسول الله r يغسل وجهه من ذلك الماء فقال له حاطب: من فعل بك هذا؟ قال: "عتبة بن أبي وقاص هشم وجهي ودق رباعيتي بحجر رماني", قلت: إني سمعت صائحًا يصيح على الجبل: قتل محمد فأتيت وكان قد ذهب روحي, قلت: أين توجه عتبة؟ فأشار إلى حيث توجه فمضيت حتى ظفرت به, فضربته بالسيف فطرحت رأسه فهبطت فأخذت رأسه وسلبه وفرسه وجئت بها إلى النبي r فسلم ذلك إلي ودعا لي فقال: "رضي الله عنك رضي الله عنك". وروى مسلم بسنده عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله r يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها" قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله r ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله r، قالت: أرسل إلي رسول الله r حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت: إن لي بنتًا وأنا غيور، فقال: "أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها وأدعو الله أن يذهب بالغيرة".
التفت المقوقس إلى حاطب بن أبي بلتعة وسأله: «ما منعه إن كان نبيًّا أن يدعو على من خالفه من قومه وأخرجوه من بلده إلى غيرها؟». حاطب بن أبي بلتعة اسلام ويب. وصمت حاطب، فأعاد جريج بن ميناء قوله لـمَّا رأى من الحاضرين إستحسانًا: «ما منعه إن كان نبيًّا أن يدعو على من خالفه من قومه وأخرجوه من بلده إلى غيرها أن يسلط عليهم؟» قال حاطب بن أبي بلتعة: «ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟»، قال المقوقس: «بلى»، قال حاطب بن أبي بلتعة: «فما له حيث أراد قومه صَلْبَه لم يدعُ عليهم حتى رفعه الله إليه؟»، فهزَّ المقوقس رأسه إعجابًا وقال: «أحسنت، أنت حكيم، جاء من عند حكيم»، فقال حاطب بن أبي بلتعة: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبِر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك». [إنه يقصد فرعون عندما خرج وراء موسى عليه السلام وبني إسرائيل، فنجا كليم الله وبنو إسرائيل وغرق فرعون ومن معه]. نظر المقوقس إلى حاطب في دهشة وبدت في عيون الموجودين تساؤلات: من أين لذلك العربي مثل هذا العلم؟ واستطرد حاطب: «إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم النصارى (الذين آمنوا بنبوته صلى الله عليه وسلم) ولعمري ما بشارة موسى بعيسى عليهما السلام الا كبشارة عيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل.
مواجهة حاطب بالرسالة: أرسل الرسول في استدعاء حاطب وما أن حضر حتى واجهه الرسول برسالته التحذيرية إلى أهل مكة، فاعترف أنها له، فقال له النبي: ما حملك، أي ما الدافع لارتكاب هذه الخيانة، فقال: كان بمكة قرابتي وولدي وكنت غريبًا فيكم معشر قريش، وما أن سمع عمر بن الخطاب كلمات حاطب حتى استشاط غضبًا قائلًا: ائذن لي يا رسول الله في قتله، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: لا، إنه قد شهد بدرًا وإنك لا تدري لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم، فإني غافر لكم، وعفا عنه رسول الله إكرامًا لحضوره غزوة بدر الكبرى أولى غزوات رسول الله صل الله عليه وسلم والتي كانت مصدر عزة وفخر للمسلمين.