لم تعد هذه المهن حاضرةً منذ بداية الحرب، وغياب أي مهنة يحيل نساءها إلى ممارسة المهنة التي تحولت إلى وصمة في حق القرباط، ترافقهم أينما حلّوا وإن لم يمارسوها، وهي التسوّل، كما أن المرويات الشعبية تلصق بهم تهماً مثل خطف الأطفال والسرقة والدعارة، من دون أي دليل، ويشتكي القرباط أيضاً من رفضهم مجتمعياً من قبل سكان القرى التي يحلّون بالقرب منها. روايات متعددة يعيش القرباط في تجمعات تتراوح بين الصغيرة والمتوسطة، ولا تقتصر مهنهم على الغناء والرقص، فالرجال يشتغلون في صناعة السكاكين، وتبييض الطناجر النحاسية، وصناعة الأسنان من الذهب والفضة والعظم وتركيبها، ناهيك عن عمل بعضهم في تجبير الكسور وختان الذكور بطرق بدائية، ولهم لغة تُعرف باسم "الدومرية"، وآخرون يسمّونها "لغة العصفورة"، وهي من اللغات غير المكتوبة، فمن غير المعروف إن كان لها حرف أو نصوص سرية متداولة في مجتمعهم الذي يتصف بالانغلاق، علماً أن بعضهم عاشوا في مناطق قريبة من القرى والبلدات الكردية شمال سوريا، ما تسبب في إتقان عدد منهم اللغة الكردية. لم نكن تعمل في هذه المهنة سوى الفتيات العزبات اللواتي يقدرن على الغياب عن الخيام طوال النهار، من دون التفكير في حاجة طفل إلى الرضاعة أو ما شابه، و"الشطارة" تُقاس بحجم العائد الذي يمكن جنيه في نهاية يوم العمل الذي قد ينتهي في ساعة متأخرة من الليل هناك روايات متعددة حول أصل القرباط في سوريا، كتعدد الأسماء التي تُطلَق عليهم، فتعاد تسمية "النَوَرْ"، التي ليس لها مرجع دقيق وموثق، إلى كونها لفظاً محرّفاً عن كلمة "نور"، أو "الأنوار"، كنايةً عن جمال النساء منهم، وهناك رواية تقول إنهم من نسل قبيلة ربيعة العربية، ومن أحفاد جساس بن مرة البكري.
في كل مرة كانت تصعد فيها سمية، وهي في عمر الـ17 عاماً، إلى الشاحنات، كانت تتعرض للتحرش بالملامسة، وقد تقبل الأمر إن بدا لطيفاً وبأجر، وإلا كانت تستخدم "الموس الكبّاس"، أي السكين الصغيرة، لتدافع عن نفسها في وجه السائق الذي سيرتبك من فعلها وهو يقود الشاحنة. فلم تكن الفتاة تقبل بغير الغناء وسرد الحكايات والنكات التي يكون بعضها بذيئاً ليمتّع السائق ويضحكه، وغالباً ما كانت تأخذ "بقشيشاً"، إذا ما رضي الزبون عن خدماتها. تلقّت سمية خلال رحلاتها، الكثير من عروض الزواج من قبل بعض السائقين، شرط ألا يتم تسجيله في المحاكم الشرعية، كما عُرضت عليها مبالغ مالية كبيرة آنذاك لتقبل بممارسة الجنس مع السائق في "كبين النوم"، الذي يشكل سريراً يقع خلف السائق مباشرةً، لكنها كانت ترفض بشدة، بحجة أنها "بكر وتخاف من أهلها"، لكنها وبـ"شيطنة بنت السابعة عشر"، وفقاً لتعبيرها، كانت تنزل من السيارة ومعها ألف ليرة كاملةً، مقابل السماح للسائق بلمس صدرها أو تقبيلها مرةً أو اثنتين خلال الرحلة. لم نكن تعمل في هذه المهنة سوى الفتيات العزبات اللواتي يقدرن على الغياب عن الخيام طوال النهار، من دون التفكير في حاجة طفل إلى الرضاعة أو ما شابه، و"الشطارة" تُقاس بحجم العائد الذي يمكن جنيه في نهاية يوم العمل الذي قد ينتهي في ساعة متأخرة من الليل، برحلة عودة قد تتضمن التنقل من شاحنة إلى أخرى بين مدن عدة، وفي هذه الحال تمر "الونّاسة" بأكثر من زبون، ولا يزيد الأجر آنذاك عن 1،500 ليرة في أحسن الأيام (ما يعادل حينها 30 دولاراً، وأقل من نصف دولار في يومنا هذا).
وإذا اعتادت الأجساد على الدفء والتلاصق، فقد يكون ذلك سبب في الانحراف وميل الجنس إلى نوعه، فينتج عن ذلك فاحشتي اللواط بين الذكور، والسحاق بين النساء، وقد يؤثر ذلك على قيام الإنسان بوظائفه الجنسية الطبيعية الصحيحة بعد الزواج. وعليه يجب فصل هؤلاء الأطفال عن بعضهم ولتبقى عاطفة ومحبة الأشقاء بينهم، ولكننا مطالبون بالإلتزام بآداب هذا الدين الذي شرفنا الله به. ونحن في زمان كثرت فيه المهيجات للشهوات، وأصبحت وسائل الإعلام تعرض الصور العارية المثيرة، وكذلك التبرج في الطرقات والأسواق، والتوسع في مسألة إظهار العورات أمام المحارم، وترك الثياب المحتشمة في البيوت، وقد كان لكل ما سبق آثار مدمرة على الشباب والفتيات خاصة حين يغيب الوازع الديني، فأصبح الناس يسمعون أخبار الاعتداء على المحارم والتحرش بهم. ويفضل إبعاد الرجال عن مكان نوم الإناث وكذلك العكس؛ لأن النائم لا يدري ماذا ينكشف من عورته أثناء النوم، ومن الضروري انتباه الأبوين كذلك للسلوك الخاص بهما في المنزل، والتزام الحشمة في التصرف والملبس في حضرة الأبناء. فعلينا أن نحسن الظن بأبنائنا ولكن مع ذلك لابد من الاحتياط، ولا خير إلا في التمسك بآداب الإسلام.