شرح حديث آية المنافق ثلاث للمنافق علاماتٌ يعرفها أصحاب الفراسة ممن أعطاهم الله نورًا في قلوبهم، فيعرفون المنافق ويتتبعون أخباره، ومنها علامات ظاهرة يعرفها كل إنسان، وفيما يأتي ذكرها: [٨] إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ: ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا كان كاذبًا فإن فيه شعبة من النفاق، كأن يقول فلان قال أو فعل أمرًا معينًا، وعند البحث والتحري يتبين أنه كاذب، وأن ما قيل لا أساس له من الصحة، ويُعد العديد من الأشخاص الكذب نجاة من الحرج والضيق أحيانًا، إذ تصبح صفة الكذب ملازمة لهم، ولا يعدونه من الكبائر التي نهى عنها ربّ العزة ورسوله الكريم. إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ: إنّ إخلاف الوعد يعدُّ نوعًا من أنواع الكذب؛ لأنه يكون وعدًا كاذبًا، كأن يَعِد المرء بالذهاب إلى شخص ما في موعدٍ قد حدّده مُسبقًا ولا يأتي، فكثير من الناس يتجاهلون المواعيد ولا يهتمون بها ويفرّطون بها أيضًا، ولا يبالي بإخلاف الوعد مع أحد، فسبحان الله كيف أن المؤمن يعد ويوفي بوعده مهما كلفه ذلك من تعب ومشقة، وعليه فمن يكثر عدم إيفائه بوعوده ففي قلبه شعبة من النفاق.
إخلاف الوعد وقد جاءت صفة النفاق لتلتصق بمن لا يفي بالوعد لأن من يعد يتلبس بالصدق والأمانة وإظهار وجه بخلاف الحقيقة يخدع من أمامه، ولا يعذر من إخلاف الوعد إلا من نسي، أو وقع به عذر خارج عن إرادته، او أكره على ذلك. الإعراض عن الجهاد الجهاد في سبيل الله حين تغار على دور المسلمين قوات تعاديهم، أو يتعرض مسلم لأذى على أيدي قوات غير مسلمة هو احد ادلة سلامة القلب والعقيدة، لأنه إيثار للآخرة على الدنيا وهو دليل صحة الاعتقاد أما الإعراض عن الجهاد فهو دليل فساد القلب ووجود لبذرة النفاق التي تؤثر الدنيا على الآخرة. روى أبو داود (3462) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ). علامات المنافق ثلاث نوادي أساسية ضمن. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
الأمانة جزء من إيماننا، ومن عقيدتنا، نؤديها للصديق، وللصاحب، وللعدو، حتى مَن خانك وجب عليك أن لا تقابل خيانته بخيانة، ويقول سبحانه: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ)، أَعلِمهُم بحل العهد الذي بينك وبينهم، لا يجوز للإنسان أن يخون الأمانة تحت أي شكل من الأشكال، أو ظرف من الظروف، أو موقف من المواقف. ورسالة الأنبياء جميعًا قامت على الأمانة، الأمانة سواء في رد الأمانات، الأمانة في الكلمة، فالكلمة أمانة، والمال عندك أمانة، ومَنِ استودعك وديعة فهي أمانة، وأمانة التبليغ والدعوة أمانة، والنصيحة أمانة، والمستشار مؤتمن، والسِّرُّ أمانة.
يؤكد كلامهم بالشهادة و بـ: " أن " و" اللام "، فقال الله - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1]. فشهد شهادة أقوى منها بأنهم لكاذبون في قولهم؛ ﴿ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾ [المنافقون: 1] في أن محمدًا رسول الله؛ ولهذا استدرك، فقال: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون: 1]. والمنافق له علامات، يعرفها الذي أعطاه الله - تعالى - فراسة ونورًا في قلبه. علامات المنافق ثلاث شهور. يعرف المنافق من تتبع أحواله، وهناك علامات ظاهرة لا تحتاج إلى فراسة، منها هذه الثلاث التي بيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدَّث كذب))، يقول مثلًا: فلان فعل كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته كذبًا، وهذا الشخص لم يفعل شيئًا، فإذا رأيت الإنسان يكذب، فاعلم أن في قلبه شُعبة من النفاق. ((إذا وعد أخلف))، يَعِدك ولكن يُخلف، يقول لك مثلًا: سآتي إليك في الساعة السابعة صباحًا، ولكن لا يأتي، أو يقول: سآتي إليك غدًا بعد صلاة الظهر، ولكن لا يأتي، يقول: أعطيك كذا وكذا، ولا يُعطيك؛ فهو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا وعد أخلف)).