[٣] تكرار سؤال القوم عن صفات البقرة ما صفات البقرة التي توجَّب عليهم ذبحها؟ لمَّا تعجّب القوم من أمر الله تعالى لموسى -عليه السّلام- قالوا له: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ}، [٥] فأخبرهم موسى -عليه السّلام- عن الله عزّ وجلّ أنَّ الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة لا بكر ولا هرمة بل تكون بين ذلك، ثمَّ طلبوا معرفة لونها، فأخبرهم أنَّها صفراء فاقعة اللون إذا تسرُّ من ينظر إليها، ثمَّ طلبوا تحديد صفات أكثر حتى لا يخطئوا في اختيار البقرة، فأخبرهم أنَّها بقرة لم يذللها العمل في الحقول ولا تثير الأرض ولا تعمل في الحراثة، وهي سالمة من العيوب ولا بياض فيها. قصه البقره بني اسرائيل. [٦] البحث عن بقرة بالصفات محددة الذكر متى اقتنع بنو إسرائيل بأنّ عليهم بدء البحث؟ لمَّا رأى التجَّار أنَّه لا مناص من أن يبحثوا عن تلك البقرة التي وصفها لهم نبيُّ الله موسى عليه السلام، قبلوا بذلك وأذعنوا قائلين: {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ}. [٧] وانطلقوا يبحثون عن البقرة المطلوبة ويجدُّون في طلبها في جميع النواحي ولكنَّهم لم يجدوها. [٦] إيجاد البقرة! أين وجد القوم ضالّتهم أخيرًا؟ أثناء البحث عن البقرة مرَّ القوم بفتى معروفٍ ببرِّه لأبيه ووجدوا البقرة التي ينشدونها عنده بجميع المواصفات التي ذكرها الله تعالى لهم، وكان تلك البقرة الميراث الذي وثه من أبيه وأراد الله تعالى أن يعوِّضه بها خيرًا عن برِّه وسائر عمله، فنزَلَ به التّجّار يطلبون البقرة، فأبى أن بيعهم إيّاها.
ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة. إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. قصه ..بقرة بني إسرائيل...فوائد وعبر. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة. لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة.
الكثيرون في عالم الوطن العربي والإسلامي يستخدمون كلمة "اليهود" في تعبيرهم عن بني إسرائيل، ولكن هذا ليس من الصحيح على الإطلاق. لقد استخدم القرآن الكريم عدة كلمات معينة عندما ذكر بني إسرائيل، وكل لكمة منها لها دلالاتها الخاصة بها، فمثلا: استخدم القرآن كلمة "بني إسرائيل" وهم أبناء سيدنا يعقوب عليه السلام، فقد سماه القرآن (سيدنا يعقوب) إسرائيل، قال تعالى: " أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" صدق الله العظيم. قصص بني إسرائيل في القرآن ج1 معركة القتال الأغرب على الإطلاق (طالوت وجالوت) في بني إسرائيل بزمن بعد زمن موسى عليه السلام أصيب بنو إسرائيل بكثير من الذل والهوان، وهذه لم تكن مرتهم الأولى التي يصابوا فيها بأنواع الذل والهوان، فمن المعهود على بني إسرائيل أنهم كلما تركوا الله سبحانه وتعالى وابتعدوا عن طريقه، أذلهم الله سبحانه وتعالى بأعمالهم وبما كسبت أيديهم.
المقال السابق: المقال التالي: عدد الزيارات: 4066