تفسير سورة المطففين تفسير السعدي - القران للجميع
ثم توعد تعالى المطففين، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه، فقال: ( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدى الله، يحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه. كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ( 7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ( 8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ ( 9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ( 10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ( 11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ( 12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ( 13) كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ( 14) كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ( 15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ( 16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ( 17). يقول تعالى: ( كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ) [ وهذا شامل لكل فاجر] من أنواع الكفرة والمنافقين، والفاسقين ( لَفِي سِجِّينٍ) ثم فسر ذلك بقوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ) أي: كتاب مذكور فيه أعمالهم الخبيثة، والسجين: المحل الضيق الضنك، و ( سجين) ضد ( عليين) الذي هو محل كتاب الأبرار، كما سيأتي.
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّينٞ وما أعلمك - أيها الرسول - ما سِجِّين؟! كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ إن كتابهم مكتوب لا يزول، ولا يُزَاد فيه ولا يُنْقص. وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ هلاك وخسار في ذلك اليوم للمكذبين. ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ الذين يكذبون بيوم الجزاء الذي يجازي فيه الله عباده على أعمالهم في الدنيا. وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ وما يكذب بذلك اليوم إلا كل متجاوز لحدود الله، كثير الآثام. إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ إذا تُقْرأ عليه آياتنا المنزلة على رسولنا قال: هي أقاصيص الأمم الأولى، وليست من عند الله. كـَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ ليس الأمر كما تصور هؤلاء المكذبون، بل غلب على عقولهم وغطاها ما كانوا يكسبون من المعاصي، فلم يبصروا الحق بقلوبهم. كـَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ حقًّا إنهم عن رؤية ربهم يوم القيامة لممنوعون. ثُمَّ إِنَّهُمۡ لَصَالُواْ ٱلۡجَحِيمِ ثم إنهم لداخلو النار، يعانون حرّها. ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ ثم يقال لهم يوم القيامة تقريعًا لهم: هذا العذاب الذي لقيتموه هو ما كنتم تكذبون به في الدنيا عندما يخبركم به رسولكم.