يتمنى لو أنه غير موجود، لو أن بإمكانه أن يكون شيئاً آخر، أي شيء، دون أن يكون نفسه. يحاول أن يتلحف الصمت، أن لا يُكوّن أي رأي تجاه أي شيء في هذا العالم. الشخص الذي عاش عمره بلا صديق، لا لنقصه، ولكن لأنه كان يرفض أي علاقة تدل على أنه موجود في هذه الحياة. الشخص الذي يحاول أن يرتكب جريمة، ويقتل نفساً ليعيش حالة ملهمة تمكّنه من الكتابة رواية مثالية. من وجهة نظري أقول كما قالت بثينة العيسى "إن هذا النص كافكوي جداً" وأنّها رواية مختلفة وفريدة من نوعها. ولا يشترط أن تزخر بالأحداث الكثيرة كمسلسل تركي، وأن الكاتب جون ووليامز كتب رواية «ستونر» بنفس الأسلوب وعلى هذا النمط، مع اختلافات طفيفة، ورغم هذا فروايته عالمية وشهيرة. جريدة الرياض | الحالة الحرجة للمدعو (ك).. الخلاص من الألم بالكتابة. ولقد أحسن عزيز محمد في هذه الرواية أشد ما أحسن في تسليط الضوء على تفاصيل صغيرة، وجوانب خفيّة لحياة أي موظف يعيش حياة روتينية. ومن يريد أن يحكم على هذه الرواية فليقرأها بنفسه، ولا يعتمد إعتماد كليّ على المراجعات. إنها رواية رائعة مختلفة، أقيمها بأربعة نجوم. اقتباسات من الرواية:- 1- لماذا نفترض نحن القرّاء أن كل شيء نعرفه تعلّمناه في الكتب؟ 2-ولوهلة فكّرت كم هو مريع، كم هو مريع، كم هو مريع أنه على المرء أن يوجد.
على امتداد تلك الكتابة، يعقد "المدعو ك" مقارنات بين مرضه الجسدي، وذلك المرض الذي يستشري في المجتمعات الرأسمالية، كأنه سرطان آخر. وكما يدمر الفايروس الأنسجة والخلايا في الجسم ويفقدها مناعتها فإن فايروس النظام الرأسمالي في العمل يدمر طبيعية الحياة وإنسانية الفرد، ويفقده حقه في الخصوصية. "منذ الآن، على كل موظف أن يوقع وثيقة تمنح الشركة الحق في مراقبة ملفات الكومبيوتر واستخدام الإنترنت، لدواعٍ أمنية كما يقولون. هناك أيضاً كاميرات مراقبة جديدة في كل زوايا القسم. الحالة الحرجة للمدعو كتاب. (... ) ما الذي يدفعك للتوجس، إن كنت لا تملك ما تخفيه؟ الخصوصية؟ ماذا تعني؟ لا تفرط في تقدير حياتك الخاصة. المزيد من الرقابة تعني المزيد من الأمن". وفي خضم كل ذلك لا تغادر البطل روح السخرية والهزء من كل شيء، وكأن الحياة كلها لا تعني له أكثر من فكاهة، ما يمنعه من إكمال ضحكته عليها "الأسى العذب على زوال الأشياء". عزيز محمد كاتب سعودي. وهذه هي روايته الأولى. الناشر: دار التنوير/ بيروت – القاهرة – تونس عدد الصفحات: 272 الطبعة الأولى: 2017 يمكن شراء الرواية من موقع الفرات.
هناك الجدّ الذي يوصي بقسط من ورثته لحفيده المريض، تتعرّض صورته للتغيّر في عين الراوي بين حالة وأخرى، تارة يكون جبّارًا من دون مشاعر ظاهرة، وتارة أخرى ينهار بالبكاء كطفل جريح يئنّ من الوجع، وتلك الصور مترافقة مع صور أفراد آخرين من الأسرة، كالأخت المنشغلة بما يوصف بالضجيج الاجتماعيّ وأجواء الثراء المأمولة، والأخ الراغب في تحسين وضعه على خلاف الراوي الذي يرتضي عزلته، ويغرق في تفاصيل مرضه وضياعه. يركّز عزيز محمّد على تفاصيل المعالجة من مرض السرطان، يمضي مع راويه في ردهات المشافي وغرف المرضى، ينقل الإيقاع الرتيب المملّ الذي يسم جوانب من تلك الحياة، حيث الناس في أقسى لحظاتهم وأشدّها أسًى، في ساحة مفتوحة مع آخرين لا يولون أيّ اهتمام لحالاتهم، وكأنّهم من عوالم أخرى لا يمتّون إليها بأيّة صلة. هنا يكون فقدان الصلة والتواصل إشارة إلى فقدان بوصلة المرء في حياته ومستقبله حين ينشغل بذاته ويظنّ أنّه مركز الكون، في حين أنّ الآخرين لا حضور لهم في حياته، أو حضورهم عامل مساهم في تعزيز أناه المتضخّمة.
اقرأ/ي أيضًا: كيف جئتُ إلى الرواية؟ هزيمتنا في الرواية المصرية