والعظيم أيضا أن الثبات على الطاعة سببٌ لمحبة الله، حيث يقول تعالى، كما فى الحديث القدسي، (وما يزال عبدى يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه)، إضافة إلى أن الثبات على الطاعة قارىء العزيز، يُمكن الإنسان المسلم من الفوز بحسن الخاتمة، فالخاتمة الحسنة لا تأتى بعمل سيىء، فإذا أردت أن تكون خاتمتك خير وحسنة عليك بالثبات على طاعته، فقد جل شأنه "إن الله عنده علم الساعة وينزِل الغيث ويعلم ما في الأَرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بِأَي أَرض تموت إِن اللَّه عليم خبير". وأخيرا.. نستطيع القول، إن رب رمضان هو رب ما بعد رمضان، فعبادته واجبة فى كل وقت وكل حين، فداموا على الطاعات والروحانيات كما كنتم فى الشهر الفضيل، ولا ننسى أيضا أن نسعى جاهدين على إدخال فرحة العيد على الجميع، فلا يستأثر بفرحة العيد بعض الناس دون غيرهم، حيث قال تعالى: " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ".
- إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ. الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 6502 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح] حرَّمَ اللهُ إيذاءَ المُؤمِنِ بغيْرِ حقٍّ، وتَوعَّدَ المُجترئَ على ذلك بالعِقابِ الأليمِ في الدُّنيا والآخِرةِ، ويَزدادُ التَّحريمُ شِدَّةً، ويَزدادُ الوعيدُ بالعقابِ خُطورةً؛ إذا كان الواقعُ عليه الإيذاءُ أحدَ الصَّالحينَ. وفي هذا الحديثِ القُدسيِّ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قال: «مَن عادى لي وَلِيًّا»، أي: ألحق الأذى بوَليٍّ مِنَ أولياءِ اللهِ، والوَلِيُّ: هو المُؤمِنُ التَّقيُّ، العالِمُ باللهِ تعالَى، المواظِبُ على طاعتِه، المُخلِصُ في عِبادتِه.
[١٦] وقال حمّاد بن سلمة واصفاً تنفّل أحد السَّلف الصالح: "مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا إِلَّا وَجَدْنَاهُ مُطِيعًا، إِنْ كَانَ فِي سَاعَةِ صَلَاةٍ وَجَدْنَاهُ مُصَلِّيًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَاعَةُ صَلَاةٍ وَجَدْنَاهُ إِمَّا مُتَوَضِّئًا، أَوْ عَائِدًا مَرِيضًا، أَوْ مُشَيِّعًا لِجَنَازَةٍ، أَوْ قَاعِدًا فِي الْمَسْجِدِ"، [١٧] وقال عُمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: "إِنَّ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ إِقْبَالًا وَإِدْبَارًا، فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَخُذُوهَا بِالنَّوَافِلِ، وَإِنْ أَدْبَرَتْ فَأَلْزِمُوهَا الْفَرَائِضَ". [١٨] المراجع ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة ، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 207، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 148-149، جزء 12. بتصرّف. ^ أ ب الشيخ عائض القرني، دروس للشيخ عائض القرني ، صفحة 255، جزء 27. بتصرّف. ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه. ↑ الشيخ أحمد فريد، دروس للشيخ أحمد فريد ، صفحة 7، جزء 15. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
ومن فوائد الحديث: أن في محبة الله عز وجل تسديد العبد في سمعه وبصره ويده ورجله مؤيدا من الله عز وجل. ومن فوائد هذا الحديث: أنه كلما ازداد الإنسان تقرباً إلى الله بالأعمال الصالحة فإن ذلك أقرب إلى إجابة دعائه واعاذته مما يستعيذ الله منه لقوله تعالى في الحديث: { ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه}.
يقول الشيخ ابن عثيمين –: ( الأعمال الصالحة تقرِّب إلى الله عز وجل ، والإنسان يشعر هذا بنفسه إذا قام بعبادة الله على الوجه الأكمل من الإخلاص والمتابعة وحضور القلب أحسَّ بأنه قَرُبَ من الله عز وجل. وهذا لا يدركه إلا الموفقون ، وإلا فما أكثر الذين يصلون ويتصدقون ويصومون ، ولكن كثيراً منهم لا يشعر بقربه من الله ، وشعور العبد بقربه من الله لا شك أنه سيؤثر في سيره ومنهجه). قال: " فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها " ، يعنى يوفقه في جوارحه هذه فلا يستعملها إلا فيما يرضي الله تعالى. قال: " ولئن سألني لأعطينَّه " ، يستجيب دعاءه إذا دعاه! ، " ولئن استعاذني لأعيذنَّه " ، يحميه ويعيذه من شر كل من استعاذ منه. ولهذا كان الصحابة والسلف الصالح – رضي الله عنهم – إذا دعا أحدهم استجاب الله له مباشرة! والقصص في ذلك كثيرة ، وحتى مِمَّن أتى من بعدهم.. فهذا سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – ، لمَّا شكاه بعض أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حتى أنهم اتَّهموه بأنه لا يحسن أنْ يصلي! فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق ، إنَّ هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي ، فقال: أما والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها أصلي صلاتي العشاء فأركد في الأوليين وأخفُّ في الأخريين ، فقال عمر – رضي الله عنه –: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق ، وأرسل معه رجالاً إلى الكوفة يسألون عنه أهل الكوفة فلم يدعوا مسجداً إلا سألوا عنه ويثنون عليه معروفاً ، حتى دخلوا مسجداً لبني عبس فقام رجلٌ منهم ، يُقال له أسامة بن قتادة – يُكنَّى أبا سعدة – ، فقال: أما إذ نشدتمونا فإنَّ سعداً كان لا يسير بالسَّرية ولا يقسم بالسَّوية ولا يعدل في القضيَّة.
↑ أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (1429)، الداء والدواء (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: عالم الفوائد، صفحة 432، جزء 1. بتصرّف. ^ أ ب "النوافل طريق المحبة " ، ، 2016-8-2، اطّلع عليه بتاريخ 2020-7-15. بتصرّف. ↑ مصطفى العدوي، الصحيح المسند من الأحاديث القدسية ، مصر: دار الصحابة للتراث، صفحة 180، جزء 1. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي أيوب الأنصاريّ، الصفحة أو الرقم: 759، حسن صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 725، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1014، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 226، صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 466، صحيح. ↑ ياسر الحمداني، حياة التابعين ، صفحة 152. بتصرّف. ↑ أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين ، بيروت: دار المعرفة، صفحة 359، جزء 1. بتصرّف. ↑ أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 28، جزء 3.
2/96-الثاني: عن أَنس عن النَّبيّ ﷺ فيمَا يرْوِيهِ عنْ ربهِ عزَّ وجَلَّ قَالَ: إِذَا تَقَربَ الْعبْدُ إِليَّ شِبْراً تَقرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِراعاً، وإِذَا تقرَّب إِلَيَّ ذِرَاعاً تقرَّبْتُ مِنهُ بَاعاً، وإِذا أَتانِي يَمْشِي أَتيْتُهُ هرْوَلَة رواه البخاري. 3/97- الثالث: عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه ﷺ: نِعْمتانِ مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ رواه البخاري. الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذه الآيات الكريمات والأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالمجاهدة والعناية بطاعة الله ورسوله وحفظ الوقت في جميع الزمان حتى يلقى ربه، الواجب على المؤمن أن يحفظ وقته وأن يجاهد نفسه في طاعة الله وأداء فرائضه وترك معاصيه وحفظ الوقت مما يضر الإنسان حتى يلقى ربه، يقول جل وعلا: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69] يعني جاهدوا أنفسهم في الله وجاهدوا أعداء الله في الله، وجاهدوا الشياطين في الله ولهذا قال: جاهدوا فينا وحذف المفعول حتى يعم، يعني جاهدوا أنفسهم وجاهدوا دعاة الباطل وجاهدوا الشيطان وجاهدوا كل داعية إلى باطل لنهدينهم سبلنا.