ولها آثار اقتصادية كبيرة حيث يظن من يتعاطاها أنه يستطيع جمع الأموال بأيسر طريق لكن يأبي الله أن يكون الغني من طريق الحرام فسرعان ما تذهب هذه الأموال في لمحة البصر ولا تزال المخدرات تستنزف الأموال حتى يضيق ِّ المدمن على أهله في النفقة وقد يبيع بيته وسيارته وكل ما يملك من أجل الحصول عليها. ولها آثار اجتماعية كبيرة فقد حطمت أخلاق كثير من الشباب وكانت سبباً في تفكك أسر كثيرة كم من امرأة طلقت بسببها وكم من شاب تشرد وضاع بعد أن دخل عالم المخدرات وكم من شخص ترك عمله وعاش عالة على الناس يتسول في الشوارع وأماكن التجمعات. عباد الله وإذا أردنا بأنفسنا ومجتمعنا وبلادنا خيراً في حمايتهم من هذه السموم الخطيرة فلنتعاون جميعاً في التوعية بأضرارها وأخطارها ولا سيما في المدارس ووسائل الإعلام المختلفة والمساجد وعلى كل أسرة أن تتابع أفرادها وإذا عجزت تبلغ الجهات المختصة لحماية هؤلاء الشباب قبل أن يستفحل الأمر ولا بد أيضاً من الجزاء الرادع لمن يروجونها وينشرونها بين صفوف الشباب والفتيات. بل هم كالانعام بل هم اضل سبيلا. وعلينا أن نملأ وقت الشباب وأن نحسن تربيتهم وأن نحرص على الصحبة الصالحة لهم وإذا تمت المتابعة الجادة والرعاية الصادقة في البيت والمدرسة وصاحب ذلك برامج هادفة وتوجيه في المساجد فستكون النتائج بإذن الله طيبة وغير خاف أن الوقاية خير من العلاج.
والحاصل أنَّه لا بُدَّ أن تكون اليقظةُ الدائمةُ إزاءَ الذنوبِ شعارَ المؤمن، وليُعلَمْ أن هذا من الوفاءِ بعهدِ الله تعالى. التوبة في الأصل ندم وحسرة وحرقة في القلب.
دعا الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه إلى التعقل والتفكُّر، والتدبر والتأمل، ونعى على أولئك الذين يُعطِّلون عقولهم، فلا يُعْمِلونها فيما خُلقت له، فقال تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الفرقان: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾. فالإنسان مأمور بأن يزيل عن نفسه صفةَ الجهل التي ولد عليها؛ وذلك بأن يسلك طريقَ العلم والمعرفة، فالإسلام هو دين العلم والمعرفة، وليس من شيء أدل على ذلك من كون أول ما نزل من كتاب الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾. وحسبنا في مجال دعوة الإسلام إلى العلم أن نراجع المواد اللُّغوية للجذور (قرأ – علم – فكر – ذكر – عقل) وما في معناها من فقه – نظر، وغيرها في معجم ألفاظ القرآن الكريم لنفهم حقيقةَ هذه الدعوة، وعلينا كذلك للغرض ذاته أن نراجع أبواب العلم في كتب الصحاح.
سؤال: ما الذي ينبغي مراعاته عندما نقع في الذنوب ونريد الإقلاع عنها و التوبة منها؟ الجواب: التوبة أكبر حصن لنا لمواجهة الذنوب، وثمة أمور لا بد من مراعاتها في هذا لما لها من أهمية عظيمة في حياتنا القلبية والروحية: 1- الندمُ على فعل الذنب ولهذا الأمر صلةٌ قويّةٌ بحالة الإنسان الروحية وقتئذ، أي عندما يسجد العبد نادمًا على ما اقترف، ويجأر ويبكي، ويبتهل متضرعًا يرجو مغفرة ذنبه، ولا يقنع بالآهات والبكاء والندم، ولا تُطفِئ الصرخات نار الفؤاد، فعسى أن يكون هذا الحزن الذي يزلزل جوانيتكم أرجى لقبول التوبة وأمضى لها عند الله تعالى. الناس صنفان إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق. من ارتكب ذنبًا ولم يشعر به، فقد مُنِيَ بالصفعة الواردة في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾ (سُورَةُ الأَعْرَافِ: 7/179)، وصار أدنى من الحيوان رتبةً. قد تمر بالسوق، فيقع بصرك على الحرام خطأً، فتحدِّث نفسك قائلًا: "آهٍ! ماذا فعلتُ؟! زلّ نظري إلى الحرام وارتكبت إثمًا بينما ينبغي أن أتوجّه إلى الله تعالى في كل لحظة بعدد ذراتي، وقد كان بوسعي أن أغضّ بصري، أو أختار طريقًا سليمًا آمنًا ولو كان طويلًا… إلخ"، ثم تسارع إلى مصلى هناك لتخرّ ساجدًا تئنُّ وتتأوَّه، فإن ضاقت عليك الدنيا من هذا الحزن الذي أحاط بقلبك، لم يبقَ بينك وبين التوبة الحقيقية إلا ذِراع.