وأول من قال بالقدر: معبد الجهني البصري في أواخر عهد الصحابة، وأخذ عنه غيلان الدمشقي، وقد تبرأ منهم من سمع بهم من الصحابة كعبد الله بن عمر وأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك وعبد الله بن أوفى وعقبة بن عامر الجهني وغيرهم. وفي صحيح مسلم عن يحي بن يعمر قال: كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فسألنا عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب… فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف. 3232 من هم القدرية - ميزان الحکمه المجلد السابع. قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريئ منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر: لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر". ومع إثبات أهل السنة والجماعة للقدر، فإنهم يرون للإنسان اختياراً وإرادة هي مناط التكليف، والعبد وإرادته مخلوقات لله تعالى، وهذا ما أثبته القرآن الكريم وصرحت به السنة النبوية، كقوله تعالى: ( لمن شاء منكم أن يستقيم) وقوله تعالى: ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقوله: ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في عدة فتاوى، يمكنك الإطلاع عليها من خلال البحث الموضوعي: العقيدة/ أركان الإيمان /الإيمان بالقدر.
وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء". وفي الصحيحين -وهذا لفظ مسلم - عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار" قالوا: يا رسول الله فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال: " لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى) إلى قوله (فسنيسره للعسرى). وروى أبو داود في سننه أن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة" يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من مات على غير هذا فليس مني". وقد ورد في السنة أحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم في ذم القدرية ووصفهم بأنهم مجوس هذه الأمة، وهي وإن كانت لا تخلو من مقال، إلا أن بعضها يصل إلى درجة الحسن، منها: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم" رواه أبو داود، ورمز له السيوطي بعلامة الصحة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وقال ابن أبي العز الحنفي: (وقد تسمى الجبرية قدرية؛ لأنهم غلوا في إثبات القدر) شرح الطحاوية(2/797). هذا والحمد لله رب العالمين. التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء; 10 Dec 2013 الساعة 09:49 AM