كنت في أول عشق لي "لرنا"، التي اصبحت فيما بعد زوجتي، كان صوته يطالبني بالعودة خلافا لما اعتدته من حب الرحيل الطويل، وديع فقيد لنا كفقدنا للزعيم الخالد جمال عبدالناصر، وللثائر الراحل غيفارا، ولكل مبدع في حقله، فالمغنون المبدعون، أصوات نادرة من الصعب أن تتكرر، و"وديع الصافي"، من هذه الأصوات التي تتردد أصداؤها على كل موجة، وتذكّر بأن الخلود، قصة أغفلتها "أسطورة جلجامش". قبل أن تنزع ذوقنا أغنيات التحريض والتقسيم، التي نسمعها عبر الإذاعات المحلية، كان لنا في الأردن مكان تحت السماء في هذا الذوق الرفيع واللحن الجميل والصوت الندي، قبل مدة وجيزة في ذكرى عيد ميلاد موسيقار الاردن الراحل توفيق النمري جاء جبل صنين بكل كبريائه وديع الصافي، وغنى أغنية توفيق النمري "ويلي محلاها"، ولكن هذه المرة بعد مرور اربعة عقود من غنائه لها في أول مرة، ونقول على الله تعود بهجتنا والأفراح على الله وتغمر دارنا الأفراح على الله! وديع في صوته سحر كسحر الشرق، ونداء بوح يبقى شامخا لا تفنيه عاديات الأيام، يذكّرنا بأن المنغمسين في ثقافة الظلام لا مكان لهم، وأن من لم يسمع في صباحه فيروز ووديع ونصري، ولم يقرأ رواية أو ديوان شعر فهو مشروع قاتل!
قبل أن ينتشر الرديء في الثقافة والأدب والشعر والغناء والفكر، وعندما كانت الأمة على قلب رجل واحد؛ على الأقل في مسألة الوحدة وتحرير فلسطين، نبت الكثير من المبدعين على كافة الصعد، وبدا أن الحال سيكون أفضل من سابقه زمن حكم المستعمر الأوروبي وسابقه العصملي! ثم ما لبثت هذه الأحلام أن تهاوت، على صخرة البترودولار وثقافة التغريب والارتهان لسطوة الولايات المتحدة الأميركية، ومعها سقطت المعايير التي تحكم الذوق العام، وأصبح الفن كما يقول عنه النقاد المشتغلون به "ارتكازا آنيا لفعل الواقع"، انساحت ثقافة الرداءة في الصوت وفي اللحن وفي الكلمات، وبات الذوق العام مشوها، وتابعا لمنظومة القيم التي بدورها تخلخلت، حتى بات في حكم المؤكد أننا في طريقنا للضياع والاندثار لولا النفر القليل المتبقي من عمالقة الزمن الجميل. وديع حكاية خلود في زمن لا مكان فيه للرديء أو الضعيف، حط وديع بصوته كعنقاء نثرتها الريح على العمالقة، جبلا كجبل "صنين" في لبنان، وديع راعدات سماء شجية ما تزال تجلجل في العالم العربي، وثبتت اسمها على خلود الأيام. على الله تعود على الله! الزمان العام 1993، المكان سفينة تمخر البحر الأبيض المتوسط، وتحيي مدن الله الساحلية، التي لها في هذا البحر ألف ألف حكاية وحكاية، وقيثارة الشرق تشدو ما بين الموجة التي تتهادى على سطح البحر طربا للصوت العذب الرجولي الحنون، ككل أهلنا في شامنا العظيم.
على الله تعود II روبير الأسعد 𝅘𝅥𝅯 - YouTube
لبنان على الأرض شيء وفي الفضاء شيء آخر، وتجسير الهوة بين الاثنين أمر يحتاج إلى سنين، ومع ذلك يبقى في أذني صوت وديع الصافي «على الله تعود». «شي مثل الكذب» كما يقول اللبنانيون عن الأمور المبهرة، أي شيء خيالي، غير عادي، جميل جداً، مثل الكذب. ولبنان أيضاً جميل، مع ذلك اختيار عبارة «مثل الكذب» للحديث عن الإبهار والجمال هو أقرب إلى الكذب. وكما في مسرحية الرحابنة «بياع الخواتم» الكذبة كبرت وصارت الكذبة «زلمة»، أي تجسدت حقيقة كما رجل يمشي على الأرض. وكثير مما يحدث في لبنان وحوله كذبة كبيرة، ومع ذلك في عالم البؤس لا مخرج سوى الخيال والابتكار في صناعة الكذب. رأيت لبنان بلداً بسيطاً مثل قفص مصنوع من سعف النخيل، مشدوداً إلى بعضه بحبال من الطائفية والعشائرية ملونة بألوان للحداثة والعصرنة. ورغم هذه الرقة، إلا أن البشر فيه من طراز فريد قادرون على التعامل مع كل الضغوط الإقليمية. شيء مثل الكذب. طبيعة لبنان، البحر والجبل، فعلاً شيء مثل الكذب، ولكنه يحتاج إلى دخل دولة مثل النرويج لكي يصبح شيئاً جميلاً، فالتنمية بسيطة في كل هذه الطبيعة الجميلة، وخيال الساسة يجعل من تلك الطبيعة الجميلة معلماً من معالم خيال القبح.
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان "ما يجري من حولنا من احداث يجب ان يقوّي وعينا وبصيرتنا وفهمنا للامور واستنتاجنا واخذنا للعبر والدروس". وقال السيد نصر الله في كلمة له في الاحتفال الذي أقامة حزب الله الثلاثاء بمناسبة يوم الجريح المقاوم "أيها الجرحى انتم الشهداء الاحياء والشهود في زمن كفران النعمة وكفران الفضل"، وتابع "انتم كنتم الكفيل لاعراضنا وكنتم حملة الراية وبفضلكم لم تسقط وانتقلت من كتف الى كتف ومن هامة الى هامة". وأضاف السيد نصر الله "أنتم الشهود الصادقون على تضحيات مسيرة المقاومة الاسلامية وانتم الشهود الصادقون على انجازات وانتصارات المقاومة على مدى اربعين عاما"، وتابع "أنتم الشهود على ثبات هذه المقاومة صغارها وكبارها وجمهورها على انها ستمضي في طريق الشهداء والجرحى ولن تبدل تبديلا". ولفت السيد نصر الله الى ان "مندوبة أميركا في مجلس الامن تقول إن أي هجوم على المدنيين في اوكرانيا جريمة حرب، فماذا عن جرائم الاميركيين؟"، وسأل "ماذا عن جرائم الصهاينة في فلسطين وحصار غزة؟ وماذا عن مجازر العدوان السعودي الاميركي في اليمن؟". وأشار السيد نصر الله الى ان "معايير أميركا لا تخضع للقانون وحيث تقتضي مصلحتها السياسية تدين وحيث تقتضي مصلحتها تدعم وهي تدعم اسرائيل وتدافع عن سفك الدم"، وشدد على ان "كل يوم يتبين ان الثقة بالاميركيين غباء وحماقة وجهل وتفريط بالامة وبالوطن وبمصالح الناس"، ولفت الى ان "كل العالم يعرف ان اميركا وبريطانيا بشكل خاص دفعتا بأوكرانيا الى فم التنين".