وتحت شعار (أنتم أفضل من غيركم)، ستصرخ حناجر الإعلاميين من فوق أبراجهم العاجية، لتحدث الناس عن إجراءات التقشف ودعم سياسات الحكومة الاقتصادية، والصبر والتحمل على شظف العيش، في الوقت الذي ينالون أجرهم على قرع الطبول بالملايين. (أنتم أفضل من غيركم) الغطاء الأسود الذي تتدثّر به الأنظمة الفاشلة في إدارة البلاد، والأنظمة التي فتحت أبواب الفساد المالي ونهبت مقدرات الشعوب (أنتم أفضل من غيركم)، ستُشهر أمام الجماهير العاطلة، التي لا توفر لهم الدولة فرص العمل إلا على النحو الذي قال به الشاعر هشام الجخ (اللقمة بإهانة)، التي لا تكفي إلا لشراء الخبز. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة آل عمران - الآية 110. لكن تتجه أنظار الجماهير البائسة إلى الذين يتولون المناصب والوظائف بـ»البراطيل»، وهي التسمية التي اشتهرت بها آفة بيع المناصب والوظائف لمن يدفع أكثر في عهد الحكم الفاطمي لمصر، حتى أن الوزير طلائع بن رزيك، كان يجعل لكل ولاية سعرا محددا، عند ذلك تدرك الجماهير أنها خُدعت تحت شعار «أنتم أفضل من غيركم»، وأنها ضحية الفساد المالي والسياسي. (أنتم أفضل من غيركم)، ستجدها حاضرة بقوة عندما تتحدث الشعوب عن الديمقراطية والحرية والإصلاح، حينها سيكون الجواب جاهزا: احمدوا الله على ما أنتم فيه من نعم، هل رأيتم جيرانكم الذين أتت الحروب الداخلية في أوطانهم على الأخضر واليابس فيها، وصاروا مشردين في الأرض تؤويهم الخيام، ويطلبون الخبز خارج حدودهم، كل ذلك لأنهم استبدوا في طموحاتهم فاصطدموا بأهل السلطة، أو يحدثونهم عن حقبة مختلفة مرت بها البلاد في عهود حكام سابقين، كيف كانت فترات استبداد وظلم وعسف، فاحمدوا الله على هذا القسط من الحرية الذي لم تنله الأجيال السابقة.
الشيخ: وحديث درّة هذا شاهدٌ لما دلَّت عليه الآية الكريمة؛ لأنَّ صلةَ الرحم داخلةٌ في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، والقراءة كونه أقرأهم؛ لأنَّ القارئ الحقيقي هو الذي يعمل، والقُرَّاء هم العلماء العاملون، هم داخلون في الآية الكريمة، والسَّند فيه شريك، عن سماك، لكنَّه على كل حالٍ حسنٌ بالجملة من شواهده من القرآن والسُّنَّة. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"، وَالنَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ"، وَالْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" مِنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمَّةِ، كُلُّ قَرْنٍ بِحَسْبِهِ، وَخَيْرُ قُرُونِهِمُ الَّذِينَ بُعِثَ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا أي: خيارًا لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة:143].