انتهى من " المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (2/109). وقال ابن رجب رحمه الله ، بعد ما ذكر نحوا من هذا التأويل: " وأقرب من هذا التأويل: أن يقال: لما كان المصلي مشتغلا بمناجاة الله ، وهو في غاية القرب منه والخلوة به ، أمر المصلي بالاحتراز من دخول الشيطان في هذه الخلوة الخاصة ، والقرب الخاص ؛ ولذلك شرعت السترة في الصلاة خشية من دخول الشيطان ، وكونه وليجة في هذه الحال ، فيقطع بذلك مواد الأنس والقرب ؛ فإن الشيطان رجيم مطرود مبعد عن الحضرة الإلهية، فإذا تخلل في محل القرب الخاص للمصلي: أوجب تخلله بعدا وقطعا لمواد الرحمة والقرب والأنس. فلهذا المعنى - والله اعلم - خصت هذه الثلاث بالاحتراز منها، وهي: المرأة ؛ فإن النساء حبائل الشيطان ، وإذا خرجت المرأة من بيتها استشرفها الشيطان، وإنما توصل الشيطان إلى إبعاد آدم من دار القرب بالنساء. والكلب الأسود: شيطان ، كما نص عليه الحديث. هل الرجل يقطع الصلاة مكة. وكذلك الحمار؛ ولهذا يستعاذ بالله عند سماع صوته بالليل ، لأنه يرى الشيطان. فلهذا أمر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالدنو من السترة ، خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته ، وليس ذلك موجبا لإبطال الصلاة وإعادتها ، والله أعلم ؛ وإنما هو منقص لها، كما نص عليه الصحابة ، كعمر وابن مسعود ، كما سبق ذكره في مرور الرجل بين يدي المصلي ، وقد أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدفعه وبمقاتلته ، وقال: ( إنما هو شيطان) ، وفي رواية: أن معه القرين ؛ لكن النقص الداخل بمرور هذه الحيوانات التي هي بالشيطان أخص: أكثر وأكثر، فهذا هو المراد بالقطع ، دون الإبطال والإلزام بالإعادة.
وتأول الجمهور هذا الحديث بأن المقصود بقطع الصلاة هو نقص الأجر لشغل القلب بهذه الأشياء عن الصلاة، وليس المراد بطلانها بالكلية؛ وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 53022 ، والفتوى رقم: 30485 والله أعلم.